الحضارة
سبق وريادة وتجديد
اهتمت الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة والأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح، فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام دينٌ عالمي يحض على طلب العلم وعمارة الأرض لتنهض أممه وشعوبه، وتنوعت مجالات الفنون والعلوم والعمارة طالما لا تخرج عن نطاق القواعد الإسلامية؛ لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام، وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه، وهذه البوابة تبرز إسهامات المسلمين في مجالات الحياة الإنسانية والاجتماعية والبيئية، خلال تاريخهم الطويل، وعصورهم المتلاحقة.
ملخص المقال
البيئة في الغرب استثمار لا حماية مقال للدكتور راغب السرجاني يتحدث فيه عن تعامل الغرب مع موارد البيئة واستثمارها واستنزافها وعدم الاعتناء بها والمحافظة
استقرَّ الفكر الأوربي على نظريتيْن لتفسير الكون: الأولى استمدَّها من أرسطو الذي قال: إنَّ الإله قد خلق الكون وخلق بداخله القوانين التي تُنظمه ثُمَّ تركه؛ لأنَّه أعظم من أن يهتمَّ بشيءٍ أقل منه، ويُمثَّل لهذه الحالة بصانع الساعة الذي وضع فيها قوانين الحركة وتركها.
والثاني: أنَّ الإله -في الحقيقة- ليس إلا جزءًا من الطبيعة ذاتها وخاضعًا لقوانينها، أو هو قانونها وسرُّ قوَّتها الذي بمزيدٍ من المعرفة يُمكن فهمه وإدراكه من خلال دراسة قوانين الطبيعة وسنَّة الكون. وسواءٌ تجلَّى الإله في مخلوقاته حتى يكاد يتوحَّد معها، أو انسحب من الدنيا تمامًا وتركها وشأنها، فإنَّ هذا يعني تهميش الإله والمرجعية النهائية المتجاوزة، وهو ما يعني سريان القوانين المادية واختفاء الهدف والغاية غير المادية.
حين تنزل هذه الأفكار لأرض الواقع العملي يُصبح الهدف من كلِّ النشاطات الإنسانية هدفًا ماديًّا فقط، وهو يتمثَّل في كلمتين: المنفعة واللذة.
وفي التحليل الأخير لهذا التفكير صارت الطبيعة موردًا يجلب الثروة، ينبغي السيطرة عليه بكلِّ ما يُمكن، لا وجود للحدود الأخلاقية في التعامل مع مواردها بما يُرى واضحًا في التسارع المحموم للثورة الصناعية، وفي احتلال موارد الثروات.
وسنتعرض الآن إلى صور استنزاف الغرب لموارد البيئة، وما النتائج التى ترتَّبت على هذا الاستنزاف؟
أوَّلًا: في إسبانيا
يُعدُّ النموذج الإسباني هو النموذج الأسبق في العالم الغربي في موضوع التعامل مع البيئة، فبعد أن تمَّ طرد المسلمين من إسبانيا بقليل بدأت حركات الكشوف الجغرافية التي كان رائدها كريستوفر كولومبوس[1]، وهي الحركة التي استندت في بداياتها إلى الخرائط الإسلامية والملَّاح المسلم ابن ماجد[2]، فبهما استطاع كولومبوس اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، ثُمَّ -في رحلةٍ أخرى- ألقته الرياح دون أن يدري إلى سواحل الأمريكتين، وقد مات وهو يتخيل أنَّهما من أرض الهند لا أنَّهما عالَم جديد، حتى تصحح ذلك على يد أمريجو، ثُمَّ تيقن برحلات ماجلان.
لقد شهدت هذه الفترة -بُعيد العصر الإسلامي- اتساع وتدفق الأموال على البرتغال والإسبان، لما تغيَّر من حقائقٍ اقتصادية جعلتهما يُسيطران على البحار، وبالتالي على حركة التجارة من الشرق إلى الغرب والعكس، وعلى السواحل الغربية الإفريقية ثُمَّ سواحل آسيا الجنوبية، وتكوَّنت إمبراطوريةٌ برتغالية كان عمادها هو البحر، ثُمَّ ورثها الإسبان والهولنديون، وأسفرت تلك الأحداث عن أشياءٍ كثيرة فارقة على مستوى الحدث التاريخي، لكن ما يهمنا منها في هذا المقام هو تجربة استنزاف الموارد؛ فلقد صارت البرتغال وإسبانيا هما المنفذ الوحيد لأوربا لتجارة السلع الواردة من الشرق ومن الأمريكتين، ثُمَّ ازداد الازدهار بتدفُّق الفضة والذهب بعد اكتشاف الكثير من مناجمهما في الأراضي المكتشفة حديثًا، إلى أن عُرف عهد فيليب الثاني على وجه الخصوص (1556- 1598م) بعصر الفضة[3].
لكن على الرغم من كلِّ هذا تمَّ التعامل مع هذه الموارد بالاستنزاف فقط، ليس حتى الاستثمار، يقول جوستاف لوبون: "وكان من سرعة الانحطاط الذي عقب إجلاء العرب وقتلهم ما يُمكننا معه أن نقول: إنَّ التاريخ لم يروِ خبر أمة كالإسبان هبطت إلى دركةٍ عميقةٍ في وقتٍ قصيرٍ جدًّا؛ فقد توارت العلوم والفنون والزراعة والصناعة وكل ُّما هو ضروريٌّ لعظمة الأمم عن بلاد إسبانيا على عجل، وقد أُغلقت أبواب مصانعها الكبرى وأُهملت زراعة أراضيها، وصارت أريافها بلاقع[4]... ولذا اضطرت إسبانيا لتعيش بعد وهن إلى تسليم زمام سلطتها العليا وشئونها الإدارية وصناعاتها وتجارتها إلى رؤساء من الأجانب كالفرنسيين والطلاينة والألمان.. إلخ، غير أنه لم ينشأ عن سلطة فيليب الخامس الذي هو حفيد لويس الرابع عشر، والإدارة الأجنبية التي أُكره هو وخلفاؤه على إدخالها إلى إسبانيا سوى حيوية ظاهرة غير حقيقية، وذلك لتعذُّر انتشال أمةٍ بعد هبوطها"[5].
ثانيًا: في بريطانيا
بعد أعوامٍ متقلبة تستلم بريطانيا زعامة أوربا، غير أنَّها –أيضًا- لا تعرف غير استنزاف الموارد ولو بدا واضحًا للعيان أنَّ خطرًا يبدو في الأفق، يذكر ول ديورانت في حديثه عن لندن في ستينيات القرن السابع عشر فيقول:
"كان تلوث الهواء آنذاك بالفعل مشكلة، وبناءً على طلب الملك أعَدَّ جون أفلين ونشر 1661م خطةً لتبديد الدخان الذي علق بسماء لندن، قال: "إنَّ الإسراف في استخدام الفحم يُعرِّض لندن لأسوأ الإزعاج والخزي والعار... إنَّ لندن تكون أقرب شبهًا ببركانٍ أو بضواحي جهنم منها بمجتمع تعيش فيه مخلوقات عالقة حين تفتح هذه المداخن أفواهها وتنفث القتام والسخام... إنَّ السائح المنهوك سرعان ما يشم من مسافة عدَّة أميال رائحةَ المدينة التي يقصد إليها قبل أن يراها، إنَّ هذا الدخان الأسود الكريه يقرِّح الرئتين، وهذا داءٌ لا شفاء منه، إلى حدِّ أنَّه يقضي على أعدادٍ كبيرة من الناس، نتيجة السلِّ المنهك الخطير". ولكن لم يُحرك هذا البرلمان ساكنًا.
ثُمَّ بعد ثلاثة عشر عامًا رفع سير توماس براون[6] صوت الطبِّ عاليًا، يُحذِّر من: "الروائح الكريهة التي تنفثها البالوعات العامة، والأماكن المنتنة، وفضلات المواد المغلية التي تستخدمها المصانع القذرة غير الصحية، كما أنَّ الضباب والسديم يعوقان دخان الفحم من أن يهبط ويتبدَّد، ومن ثَمَّ يمتزج بالسديم ويتنفسه الناس، ولكلِّ هذا آثارٌ سيئة، حيث يُلوِّث الدم ويُعرِّض السكان إلى النزلات الشعبية والسعال" (انتهى كلام براون).
إنَّ الهواء الفاسد وضعف الرعاية الصحية وسوء التغذية كان يُهدِّد بانتشار الأوبئة في كلِّ عام، وما إن تجيء فترة تتجمع فيها ظروفٌ غير مواتية، حتى تنزل كارثة الطاعون... وبلغت جملة من ماتوا بالطاعون من أهالي لندن 1665م نحو سبعين ألفًا، وهذا سُبع السكان"[7].
لكنَّ أحدًا لا يتحرك لمواجهة هذا الخطر؛ ففي ذلك الوقت كانت الحركة في المسار الآخر، كانت أوربا تقف على أبواب عصر الثورة الصناعية، فكانت وتيرة النمو تتزايد ويتزايد معها معدَّل استهلاك الموارد.
لقد أتاح تطوير التعدين موارد متزايدة من الفحم وقودًا للصناعة، وكان الخشب إلى ذلك الحين هو الوقود الأهم للبيوت والمتاجر، ولكن الغابات كانت تتضاءل حتى أوشكت على الانقراض، فمن بين تسعٍ وستين غابةً كبيرة عرفتها إنجلترا الوسيطة اختفت خمس وستون بحلول القرن الثامن عشر[8]. أي أنَّ إنجلترا أهلكت 94% من غاباتها لاحتياجها للوقود.
لقد كانت صناعة صهر الحديد في إنجلترا في أوائل القرن الثامن عشر تتطلب حوالي 11 ألف كيلو متر مربع من الأرض المغطاة بالأشجار لتقطع سنويًّا[9].
ثُمَّ اقتضى هذا الحال استيراد الخشب فارتفعت التكلفة ما أدَّى إلى ازدياد الطلب على وقودٍ رخيص، وعلى الرغم من أنَّ تعدين الفحم كان لا يزال عمليةً بدائية، وكانت المناجم ضحلة، والتهوية رديئة، والميثان وغاز الكربون يخنقان المـُعَدِّنين، إلَّا إنَّ إنتاج الفحم تصاعد وانتشر على الرغم من هذه الصعوبات، فما وافى عام 1750م حتى كان الفحم الذي يُشعَل في البيوت والمصانع يحجب سماء لندن[10].
لقد حوَّلت الثورة الصناعية -كما يقول ول ديورانت- مناطق شاسعة من إنجلترا ومن غيرها من الدول المصنعة، إلى بقعٍ ملطخةٍ من الأرض تنفث دخان المصانع وتختنق بالغازات والغبار، وأرسبت الخبث البشري في أحياءٍ قذرةٍ مدخنةٍ بائسة[11].
عصر التنوير
ثُمَّ جاء عصر التنوير الذي ثار على الكنيسة وبدأ في فرنسا، فكانت الأزمة الأوربية أنَّ الذي ورث الفكر القديم كان فكرًا ماديًّا ، ولهذا ظلَّ الناس يُعانون من تلوث الهواء الذي ينتشر في المناطق الصناعية حتى تُوفِّي في لندن 4000 شخص بسبب أمراض الجهاز التنفسي أثناء الضباب الدخاني القاتل في عام 1952م؛ أي في منتصف القرن العشرين وبعد مائتي سنة من تغير البناء الفكري في أوربا، وتُوفِّي أكثر من 600 شخص ما بين عامي 1953 و1963م في نيويورك نتيجة الانقلاب الحراري[12]. ولم تتحوَّل صناعات الحديد والصلب عن استخدام الفحم النباتي كوقود إلَّا في ستينيات القرن العشرين[13].
إنَّ الاستنزاف بأقصى ما يُمكن هو سمةٌ ونتيجةٌ طبيعيةٌ للفكر المادي؛ فمعايير الربحية تقتضي بناء أقصى عددٍ ممكنٍ من المساكن على أضيق حيِّزٍ ممكنٍ من المكان، وتُقدَّر المنطقة الصناعية بعدد الأفدنة التي تقوم عليها في مقابل عدد فرص العمل أو الإنتاج الذي ستوفره؛ لأنَّ المجتمع المتهافت على التوسع يُصبح فيه استحداث أنشطةٍ صناعيةٍ جديدة -مهما كانت- خيرًا مطلقًا[14].
معايير الربحية –أيضًا- هي التي تجتاح الموارد الطبيعية دون تفكير؛ ففي بعض المناطق تنضب موارد الغابات نتيجةً لفرط استغلالها، ويبلغ سعر الخشب أرقامًا خيالية، وفي بضعة عقود لن يتبقَّى في أوديتنا الفيضانية ذرة رمل، وستتحول مساحات الحصى والرمل إلى شِبَاكٍ معقدةٍ من المياه السطحية والمحاجر... فمنذ الآن تندرج الطبيعة والمكان والماء والهواء في عِداد السلع التي تسير في اتجاه الندرة وبالتالي ارتفاع الأسعار، وتلك فكرة ربما استعصت على فهم أجدادنا[15].
بل إنَّ الاستنزاف والاستهلاك نفسه تحوَّل إلى فلسفةٍ مطلوبة؛ إذ إنَّ تكاثر الإنتاج يقتضي ويُريد تكاثرًا في الاستهلاك، فيسعى أصحاب الإنتاج أنفسهم إلى خلق نوعياتٍ جديدةٍ للاحتياج عبر الدعاية والإعلان والتطوير المستمر للمنتجات، والبحث عن أسواقٍ جديدة، وتقصير عمر المنتج ليُستهلك سريعًا؛ ولهذا فإنَّ السيارات الحديثة لا تتمتَّع بأعمار السيارات القديمة، وكذلك البنايات الحديثة لا تعيش أبدًا كما عاشت البنايات الأقدم منها[16].
لم ينتج عن هذا زيادة التحكم في الذات الإنسانية أو في الواقع الموضوع بل على العكس، فمع ظهور الإنسان الطبيعي وتحديد المنفعة واللذة باعتبارهما الهدف الأساسي للوجود الإنساني ترجم هذا نفسه إلى الاستهلاكية، وتصور أنَّ مزيدًا من السلع فيه مزيدٌ من المنفعة واللذة، وقد تسارعت وتائر هذه الاستهلاكية تسارعًا مذهلًا، وبعد أن كانت الحاجة هي أمُّ الاختراع أصبح الاختراع هو الذي يُولد الحاجة، فوجد الإنسان نفسه محاطًا بسلعٍ وأجهزةٍ ليس متأكدًا تمامًا أنَّه يُريدها (والسلعة مثل المادة، شيءٌ يتحرك بلا هدف أو غاية)، وبدأ الإنسان يشعر أنَّه لم يعد من أمره شيئًا، وأنَّه يدخل في بحثٍ لا ينتهي عن هدفٍ لم يُحدِّده في عالمٍ ليس من صنعه تتراكم فيه سلعٌ لا يُريدها[17].
إنَّ هذا قد أدَّى على المستوى البيئيِّ إلى ما يُسميه جان بيلت[18] بـ"مجتمع النفايات"، ويرمز لها بنهرٍ له منبع وهو الاقتصاد الذي يضخ عددًا رهيبًا من السلع والمنتجات لتلبية حاجات الاستهلاك المتزايدة، وله –أيضًا- مصب وهو تراكم النفايات بعد انتهاء الاستهلاك، وهذا ما يُنتج ثلاث مشكلات: مشكلة الطاقة، ومشكلة الموارد الأولية، ومشكلة تلوث البيئة[19].
هكذا تتلخَّص قصة الغرب في البيئة في عبارة: استثمار لا حماية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] كولومبوس: هو كريستوفر كولومبوس (1451- 1506م): رحَّالة إيطالي مشهور، يُنسب إليه اكتشاف العالم الجديد (أمريكا) والبهامس وجزر البحر الكاريبي، وقد تُوفِّي في إسبانيا نتيجة اشتداد المرض عليه.
[2] ابن ماجد: هو أحمد بن ماجد بن محمَّد النجديِّ (ت بعد 904هـ = 1498م)، الملقب بأسد البحر، من كبار ربابنة العرب، ومن علماء فنِّ الملاحة وتاريخه عند العرب. انظر: الزركلي: الأعلام 1/200.
[3] د. عمر عبد العزيز: التاريخ الأوربي والأمريكي الحديث ص75 وما بعدها.
[4]البلاقع: مفردها بلقع وهو المكان الخال، والأرض القفر لاشيء بها. انظر: ابن منظور: لسان العرب، 8/ 21.
[5] جوستاف لوبون: حضارة العرب ص584، 585.
[6] توماس براون: مؤلِّف إنجليزي عاش في منتصف سنوات القرن السابع عشر الميلادي، كان يُفضل اللجوء إلى أسلوبٍ فخمٍ أكثر أناقةً في نثره.
[7] ول ديورانت: قصة الحضارة 32/128 وما بعدها.
[8] ول ديورانت: قصة الحضارة 35/71.
[9] إيان ج. سيمونز: البيئة والإنسان عبر العصور ص40.
[10] ول ديورانت: قصة الحضارة 35/71.
[11] ول ديورانت: قصة الحضارة 42/31.
[12] الموسوعة العربية العالمية "تلوث الهواء".
[13] إيان ج. سيمونز: البيئة والإنسان عبر العصور ص125.
[14] جان ماري بيلت: عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة ص48، 50.
[15] جان ماري بيلت: عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة ص60.
[16] جان ماري بيلت: عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة ص48، 50، 56.
[17] د. عبد الوهاب المسيري: العلمانية تحت المجهر ص133.
[18] جان ماري بيلت: (1933م - ...) أستاذ البيولوجيا النباتية وعلم العقاقير في جامعة ميتز بفرنسا، رئيس المعهد الأوربي للأيكولوجيا، ونال على كتابه (عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة) الجائزة الأوربية للأيكولوجيا.
[19] جان ماري بيلت: عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة ص59.
التعليقات
إرسال تعليقك