د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
رؤيتي لشعب الجزائر ليست من خلال الدراسات الاجتماعية والتاريخية فحسب، ولكن أيضًا من خلال المعاملات الشخصية مع عدد ضخم من الأصدقاء الجزائريين.
لا يملك من يتعامل مع شعب الجزائر عن قرب إلا أن يحبه، ورؤيتي لشعب الجزائر ليست من خلال الدراسات الاجتماعية المعاصرة فقط، ولا من خلال الدراسات التاريخية الدقيقة فحسب، ولكن أيضًا من خلال المعاملات الشخصية مع عدد ضخم من الأصدقاء الجزائريين على مدار ما يقرب من ثلاثين سنة.
· أول علاقة مع الجزائريين كانت من خلال بعثة الدكتوراه في أميركا عام 1994، ومن بعدها من خلال الزيارات الدورية لأميركا، ومن خلال الرحلات العديدة لأوروبا. لي أصدقاء في فرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، والدنمارك، وإيطاليا.
· لم أشرف بزيارة الجزائر رغم تكرار الفرص، وأتمنى أن يكون قريبًا.
شعب الجزائر له خصائص مميزة.. له هوية معروفة.. يمكن أن تعرف أن الشخص جزائري دون أن يفصح لك عن بلده.. يمكن أن تتشابه معه عرقيات أخرى، ولكن مجموع صفات الشعب الجزائري تجعل منه شعبًا فريدًا.
البعض يُعْزِي هذه الشخصية الفريدة إلى حدثين كبيرين في تاريخ الجزائر، وهما الاحتلال الفرنسي (1830-1962)، والأزمة الكبرى التي مرَّت بها البلاد في خلال السنوات العشر (1992-2002)، ولكن هذا اختزال لحقائق كثيرة، واختصار مخل لتاريخ طويل، والشخصية الجزائرية لها هويتها المعروفة منذ أمد، ومنذ قرون، ومنذ أيام الإسلام الأولى، بل وقبل الإسلام، وقد أتى الإسلام ليوجِّه هذه الشخصية الواضحة إلى المسار الحقِّ، ويوظِّف إمكانات الشعب في الأهداف الصحيحة.
أهم السمات التي يتميَّز بها الشعب الجزائري:
1- التدين وحب الإسلام، ومنه حب العلم، وتوقير لعلماء
2- عزة النفس، والشجاعة، والثقة بالنفس، وروح التحدي، والإباء، والشموخ، وحب الحرية، والرغبة في الاعتماد على النفس. يقول ﭼان بول سارتر([1]) في كتابه الشهير: عارنا في الجزائر: في الجزائر انتشر جيشنا في كل بقعة فيها، فنحن نملك الجنود والسلاح والمال، أما الثوار فلا شيء يملكونه إلا الثقة وتأييد الشعب لهم[2].
العجيب أن تجد مع هذه الصفات -التي قد تدعو عند البعض إلى الكبر والعجب- أن الشعب الجزائري يتميَّز بثلاثة أمور تبدو متعارضة:
a. بالتواضع، وقبول الأعذار،
b. والقناعة،
c. ويتميَّز كذلك بخلق التعاون وفيه هضم للنفس، وإيثار المصلحة العامة على الخاصة
3- الجدية التامة، وكراهية ترك الأمور غير محسومة "اضرب الحديد سخون"
4- التضحية، والوطنية: من البلاد القليلة في العالم التي فيها وزارة للشهداء والمصابين (وزارة المجاهدين وذوي الحقوق)، لأنها دفعت أكثر من مليون شهيد في سبيل الحرية من الاحتلال الفرنسي.
من أروع الأمور أن هذه صفات عامة للشعب الجزائري دون النظر إلى عروبته أو أمازيغيته، ومن أروع الأمور أيضًا أن تجد هذه الصفات رغم محاولات فرنسا لطمس الهوية.
حقًّا: من الفخر أن تحوز صديقًا جزائريًّا، فكيف لو كنت من البلد ذاتها[3]؟!
([1]) چان بول سارتر (1905 –1980م) فيلسوف وكاتب وروائي ومسرحي فرنسي من أشهر أدباء القرن الـعشرين، ويعتبر من أعظم فلاسفة المذهب الوجودي والجدلية في القرن العشرين.
([2]) ﭼان بول سارتر: عارنا في الجزائر، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، ص53.
[3] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك