الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
مضت القرون المفضلة الأولى ولم تسجل لنا كتب التاريخ أن السلف الصالح احتفل بمولد النبي، وأول من أحدث هذه البدعة هم العبيديون الذين يسمون أنفسهم بالفاطميين
لقد مضت القرون المفضلة الأولى، الأول والثاني والثالث، ولم تسجل لنا كتب التاريخ أن أحدًا من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم ومن جاء بعدهم -مع شدة محبتهم للنبي r؛ كونهم أعلم الناس بالسنة، وأحرص الناس على متابعة شرعه r- احتفل بمولد النبي r.
وأول من أحدث هذه البدعة هم بنو عبيد القداح الذين يسمون أنفسهم بالفاطميين، وينتسبون زورًا إلى ولد علي بن أبي طالب t، وهم في الحقيقة من المؤسسين لدعوة الباطنية، وقد أظهروا هذه البدعة وغيرها من البدع؛ كي يغيروا على الناس دينهم، ويجعلوا فيه ما ليس منه؛ لإبعادهم عما هو من دينهم، فإن إشغال الناس بالبدع طريق سهل لإماتة السنة، والبعد عن شريعة الله السمحة، وسنة نبيه r المطهرة.
وإليك أقوال العلماء التي تثبت أن أول من احتفل ببدعة المولد هم الفاطميون:
1- قال تقي الدين المقريزي -رحمه الله- تحت عنوان: ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها عيدًا ومواسم تتسع بها أحوال الرعية وتكثر نعمهم.
قال: "كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي: موسم رأس السنة، وموسم رأس العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي r، ومولد علي بن أبي طالب t، ومولد الحسن ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد فاطمة الزهراء عليها السلام، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه..."[1].
2- وقال مفتي الديار المصرية سابقًا الشيخ محمد بن بخيت المطيعي: "مما أحدث وكثر السؤال عنه الموالد، فنقول: إن أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، وأوَّلهم المعز لدين الله..."[2].
3- وقال الشيخ علي محفوظ رحمه الله -وهو من كبار علماء مصر-: "قيل: إن أول من أحدثها -أي الموالد- بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع، فابتدعوا ستة موالد: المولد النبوي، ومولد الإمام علي t، ومولد السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومولد الخليفة الحاضر..."[3].
4- وقال الدكتوران حسن إبراهيم حسن مدير جامعة أسيوط سابقًا، وطه أحمد شرف مفتش المواد الاجتماعية بوزارة التربية والتعليم في كتابهما (المعز لدين الله) تحت عنوان: (الحفلات والأعياد): "إن المعز كان يشترك مع رعاياه في الاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية، ومولد النبي r، وليلة أول رجب ونصفه، وليلة أول شعبان ونصفه، وموسم غرة رمضان؛ حتى لا يثير نفوس السنيين! ويقرب مسافة الخلف بين المبادئ السنية والعقائد الشيعية!! وكذلك كان المعز لدين الله يستغل هذه الأعياد التي كان زخر بها عهده في نشر خصائص المذهب الإسماعيلي وعقائده!! لذلك كان يحتفل بيوم عاشوراء ليحيي فيها ذكرى الحسين t، كما كان يحيي ذكرى مولد كثير من الأئمة، وذكرى مولد الخليفة القائم بالأمر. وهكذا اتخذ المعز من الاحتفال بهذه الأعياد وسيلة لجذب رعاياه إليه، ونشر مبادئ المذهب الإسماعيلي"[4].
وقد اتفق العلامة محمد بخيت المطيعي الحنفي مع الشيخ علي محفوظ على أن الملك المظفر أبا سعيد إنما أحدث المولد النبوي بمدينة إربل في القرن السابع بعد الفاطميين.
وهؤلاء الفاطميون لم يعترف بنسبهم إلى أهل البيت أحد من أهل العلم الثقات، بل ألَّفوا في الطعن والقدح فيهم الكتب والمحاضر، وشهدوا عليهم بالإلحاد والزندقة والإباحية، قال الباقلاني: "هم قوم يظهرون الرفض، ويبطنون الكفر المحض"[5].
وكانوا يحدثون في هذه الاحتفالات أمورًا شنيعة ذكرها المقريزي في خططه، وعقب عليها العلامة محمد بخيت المطيعي بقوله: "وأنت إذا علمت ما كان يعمله الفاطميون في المولد النبوي؛ جزمت بأنه لا يمكن بأن يحكم عليه بالحل"[6].
فهذا الاحتفال لا شك في أنه محدث بعد القرون الثلاثة، وأن الذين أحدثوه هم من أخبث الفرق التي انتسبت إلى الإسلام إن لم تكن أخبثها.
قاموا على هذه الاحتفالات بغية التأثير على العامة المحرومين، ظنًّا منهم أن هذه الموالد ستؤكد نسبهم المزعوم، فوسعوا على الناس فيها، وصرفوا الأموال الطائلة عليها، فأقبل الناس على تلك الموائد العظيمة التي كانت تعدُّ لهم، وصاروا ينتطرونها كل عام بنفس مستشرفة. وهكذا توالت السنوات، وتعارف الناس عليها؛ حتى صارت عقيدة يموت عليها الكبير، وينشأ عليها الصغير، ثم انتهت دولة بني عبيد ولكن الاحتفال بها استمر، وصار لها سلطان على العلماء لجريان عمل الناس عليها.
وإن من العجب أن يكون أول من وضع بذرة عقيدة التشيع والرفض هو اليهودي عبد الله بن سبأ، وأول من ابتدع بدعة المولد النبوي هم العبيديون أبناء اليهودي عبيد الله بن ميمون القداح!!!
المصدر: موقع المولد النبوي.
التعليقات
إرسال تعليقك