الحضارة
سبق وريادة وتجديد
اهتمت الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة والأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح، فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام دينٌ عالمي يحض على طلب العلم وعمارة الأرض لتنهض أممه وشعوبه، وتنوعت مجالات الفنون والعلوم والعمارة طالما لا تخرج عن نطاق القواعد الإسلامية؛ لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام، وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه، وهذه البوابة تبرز إسهامات المسلمين في مجالات الحياة الإنسانية والاجتماعية والبيئية، خلال تاريخهم الطويل، وعصورهم المتلاحقة.
ملخص المقال
صحراء الريدانية التي وقعت فيها موقعة الريدانية هي نفسها منطقة العباسية، سميت بهذا الاسم نسبة إلى ريدان الصقلي.. فما تاريخ ميدان العباسية؟
أهم مقتطفات المقال
ويرتبط بحي العباسية مستشفى الأمراض العقلية، الذي أصبح مرادفًا للحي، ويرجع تاريخه إلى عهد الخديو إسماعيل، حيث أنشأت هذه الاستبالية في جزء من السراي (الصفراء) التي أقامها الخديو إسماعيل، ثم احترقت هذه السراي، وأعاد بناءها الخديو توفيق، وعرفت باسم \"سراي المجاذيب\". ولأنّ تلك المنطقة كانت تتميز بهواء صحي نقي، فقد توالى بناء المستشفيات بها؛ فأمام مستشفى الأمراض العقلية أقيم مستشفى الحميات، وجنوبًا أقيم المستشفى الإيطالي (أمبرتو الأول)، ثم المستشفى اليوناني بجواره، ثم المستشفى الإسرائيلي في غمرة، ثم المستشفى القبطي، ثم المستشفى الفرنساوي، الذي أصبح مستشفى مصر للطيران.
جموع المصريين قرءوا في كتب التاريخ عن موقعة "الريدانية"، التي وقعت أحداثها عام 1517م بين جيش المماليك الذين كانوا يحكمون مصر منذ العام 1260م، حتى تمكن السلطان العثماني سليم الأول من فتح مصر وهزيمة المماليك بقيادة السلطان طومان باي.
لكن الذي قد لا يعلمه الكثيرون أن الريدانية هذه هي نفسها منطقة العباسية، التي سُمِّيت بهذا الاسم نسبة إلى "ريدان الصقلي" أحد أفراد حاشية الخليفة الفاطمى العزيز بالله، الذي يعدّ أول من أصلح صحراءها وأنشأ فيها بستانًا كبيرًا، فسميت المنطقة التي كانت حتى ذاك الحين مجرد صحراء جرداء باسم "الريدانية" نسبةً إلى ريدان هذا، وبعد هزيمة المماليك فيها ودخول العثمانيين منها للقاهرة، أهملت هذه المنطقة، ثم تغيّر اسمها إلى"الحصوة"، حتى أعاد اكتشافها "عباس الأول" ثالث حكام الأسرة العلوية.
عباس حلمي الأول، هو ابن "أحمد طوسون" ابن محمد علي باشا، مؤسس الأسرة العلوية، وتولى حكم مصر بعد وفاة عمه إبراهيم باشا في 14 نوفمبر عام 1848م، وكان مقر إقامته بالقلعة، وكثيرًا ما كان ينزل من القلعة إلى صحراء الريدانية، فأعجب بتلك المنطقة، وأمر بتشييد قصر له فيها. وحكى المهندس فرديناند ديليسبس عن هذا القصر فقال: إن نوافذه بلغت ألفي نافذة، وقال عن هذا القصر إنه مثل مدينة في الصحراء. ثم أمر ببناء ثكنات الجيش في تلك المنطقة، وفي عام 1851م أصدر عباس الأول إرادة سنيَّة (سلطانية) تقضي بأن تسمى هذه المنطقة باسم "العباسية".
كانت السراي التي بناها عباس تُعرف باسم "الخمس سرايات"، وأقيمت حولها القشلاقات فوق ربوة عالية لا تصل إليها مياه الفيضان، ثم أقام عددًا من المدارس العسكرية، وشق طريقًا ممهدًا بين العباسية والقاهرة.
وبعد مقتل عباس باشا في 14 يوليو سنة 1854م في بنها، تولى من بعده محمد سعيد باشا (الابن الرابع لمحمد علي باشا)، فتوسع في إنشاء ثكنات الجيش بالحي الجديد، وأقام المدرسة التجهيزية عام 1863م التي نقلت عام 1868م (في عهد الخديو إسماعيل) إلى درب الجماميز، وعرفت باسم "المدرسة الخديوية".
وبعد وفاة سعيد باشا، تولى حكم مصر إسماعيل ابن إبراهيم باشا في 18 يناير 1863م، وهو أول من حاز لقب "خديو"، وأدرك موقع حي العباسية في تسكين الجيش؛ لقربها من الصحراء حيث يتمكن الجنود من التدريب، وأنشأ بها مدرسة البيادة (المشاة) عام 1864م، وكان عدد تلاميذها 490 تلميذًا، ثم مدرسة السواري (الفرسان) عام 1865م، ثم مدرسة الطوبجية (المدفعية) ثم الهندسة الحربية، ثم مدرسة أركان الحرب، فمدرسة الري والعمارة عام 1866م بسراي الزعفران، وهو الذي أنشأ قصر الزعفران، ويسمى بهذا الاسم نسبة إلى المنطقة التي كان يكثر بها زراعة نبات الزعفران الطيب الرائحة.
وفي عام 1865م مدّ الخديو إسماعيل السكك الحديدية من القاهرة إلى العباسية، ثم من العباسية إلى منطقة القبة (خط المرج فيما بعد)، وأنشأ ميدانًا لمسابقات الخيول بالعباسية، وكانت السباقات تجري فيه وسط حشد كبير، وتنشر الوقائع أخبارها، وتحولت العباسية إلى ميدان للرماية والاحتفالات الشعبية.
ويرتبط حي العباسية بالثورة العرابية، التي وقعت أحداثها عام 1881م في عهد الخديو توفيق ابن إسماعيل؛ ففي 18 فبراير 1879م اجتمع 600 ضابط ثم خرجوا في مظاهرة عسكرية إلى شوارع القاهرة، ثم توجهوا إلى مقر وزارة المالية في قصر إسماعيل المفتش، وأمسكوا بنوبار باشا، رئيس النظار (الوزراء) والوزير الأجنبي "ويلسون"، وأوسعوهم ضربًا؛ احتجاجًا على التدخل الأجنبي في شئون البلاد. وفي اليوم التالي سقطت وزارة نوبار، أول رئيس للوزراء في مصر الحديثة.
وبعد احتلال الإنجليز لمصر، استولت سلطات الاحتلال على العباسية، وحولتها إلى ثكنة عسكرية بريطانية، وانتشرت قشلاقات الجيش الإنجليزي بالعباسية، وأقاموا بها نادي الجيش البريطاني.
تحول حي العباسية خلال الاحتلال الإنجليزي إلى مستعمرة إنجليزية، وأطلق الإنجليز أسماء أجنبية على شوارع الحي، وهذه الأسماء تم استبدالها بعد ثورة يوليو 1952م.
ويرتبط بحي العباسية مستشفى الأمراض العقلية، الذي أصبح مرادفًا للحي، ويرجع تاريخه إلى عهد الخديو إسماعيل، حيث أنشأت هذه الاستبالية في جزء من السراي (الصفراء) التي أقامها الخديو إسماعيل، ثم احترقت هذه السراي، وأعاد بناءها الخديو توفيق، وعرفت باسم "سراي المجاذيب". ولأنّ تلك المنطقة كانت تتميز بهواء صحي نقي، فقد توالى بناء المستشفيات بها؛ فأمام مستشفى الأمراض العقلية أقيم مستشفى الحميات، وجنوبًا أقيم المستشفى الإيطالي (أمبرتو الأول)، ثم المستشفى اليوناني بجواره، ثم المستشفى الإسرائيلي في غمرة، ثم المستشفى القبطي، ثم المستشفى الفرنساوي، الذي أصبح مستشفى مصر للطيران.
في منطقة السرايات، أقيمت مدرسة الصناعة والزخرفة، التي أصبحت بعد ذلك كلية الهندسة، وبجوارها كثرت البنايات والعمارات الكبيرة التي تهافت عليها الأثرياء لسكنها، وظهر في تلك الفترة رجل خيِّر من أصل فارسي، هو "عبد الرحيم الدمرداش باشا" الذي تبرع وزوجته من مالهم لبناء مستشفى خيري عام 1928م، ما زال يحمل اسمه، تطور فيما بعد ليصبح كلية طب عام 1947م، وأمام مستشفى الدمرداش يوجد قبر أحمد ماهر باشا، رئيس وزراء مصر الذي اغتيل في 24 فبراير 1945م، وأيضًا قبر رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، الذي اغتيل في 28 ديسمبر 1948م.
بعد ثورة يوليو 1952م احتفظت الثورة بمقار الجيش الإنجليزي، وخصصتها لوزارة الحربية (الدفاع) حيث يوجد في دائرة العباسية مقر وزارة الدفاع، ومبنى الكلية الفنية، والمعهد الفني للقوات المسلحة، وجميع الهيئات والإدارات والنوادي التابعة للجيش، واختار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الإقامة بها في منزل كان يخصّ ناظر المدرسة العسكرية، ثم باتت مقصدًا لآلاف الأسر من كل الطبقات، استوطنوا هذا الحي، الذي تصدر الصحف ونشرات الأخبار في تلك الأيام.
المصدر: صحيفة المصريون.
التعليقات
إرسال تعليقك