ملخص المقال
أنقذوا ليبيا والليبيين مقال بقلم د. علي بادحدح، يبين دور حكام العرب وعلماء الأمة وأبناء الأمة العربية والإسلامية في نصرة ودعم ليبيا والليبيين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]، {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].
إن ما يجري في ليبيا على يد المجرم القاتل (معمر القذافي) وأبنائه وأعوانه والمرتزقة المستأجرين كبائر محرمة وجرائم إبادة إنسانية مجرَّمة، وقد ارتكبت بأبشع الصور الوحشية، وأشنع الوسائل الإجرامية التي تطابق أفعال النازية والفاشية بل تفوقها؛ فإنَّ الجرائم تمت بقصف الطائرات والدبابات، واستئجار المرتزقة من شتى الدول لقتل أبناء ليبيا.
إن ما يجري يكاد لا يُصدَّق؛ لأن هذا المجرم أغلق البلاد وحاصر الإعلام وانفرد بالشعب الأعزل، يقتل ويحرق ويدمر وسط صمت عالمي يشبه أن يكون بذاته جريمة أخرى.
إن أمريكا والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة لم تحرك ساكنًا حتى الآن، وتتحدث بلغة باردة ليس لها أي تأثير، والجميع يدرك تعاون هذه الدول مع النظام الإجرامي في ليبيا، ومصالحهم الاقتصادية معه، وتزويده بالأسلحة، وخاصة ما يحوم من الشبهات والاتهامات حول تورط إيطاليا في دعم مباشر يجعلها -إن ثبتت الوقائع- شريكة كاملة في الجريمة، وقد صرحت وزارة خارجيتها بدعوة دول الاتحاد الأوربي لعدم التدخل في الشأن الليبي.
ولكن الأكثر أهمية والأعظم ألمًا هو صمت الحكومات والقيادات في الدول العربية خصوصًا، والإسلامية عمومًا أمام هذه المجازر دون أي تحرك عملي، بل وجدنا الإدانات كانت متأخرة وبعبارات هزيلة إلا القليل منها.
إنها جريمة بل جرائم كبرى، وإن كل ساكت عنها مسئول بين يدي الله، وكل قادر على إيقافها أو إنقاذ الليبيين منها إذا لم يفعل ما يستطيع فإنه مشارك في الجريمة.
إن نصرة إخواننا واجبة {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: 72]، والرسول r يقول: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله"؛ أي لا يُسْلمه ويتركه لعدِّوه. والمصطفى r يقول: "ما من امرئ يخذل امرأ مسلمًا في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه إلاَّ خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلمًا في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلاَّ نصره الله في موضع يحب نصرته".
فعلى جميع الحكام العرب أن يهبوا لنصرة شعب ليبيا، وأن يتدخلوا بشكل مباشر وبتكامل وتنسيق فيما بينهم، وأن يقوموا بعمل كل شيء -بلا استثناء- لإيقاف هذه الجرائم المروعة، وليبادروا إلى إغاثة الشعب الليبي غذائيًّا وصحيًّا وإنسانيًّا، وليقوموا بجميع الإجراءات والمساعي السياسية على المستوى العربي والدولي للتدخل لوقف القتل العشوائي المريع.
وعلى جميع علماء الأمة أن يوحِّدوا كلمتهم ويوجهوا نصحهم للحكام، ويبينوا لهم الواجب الشرعي إزاء هذا الحدث الجلل، وأن يعلنوا الموقف الواضح للوقوف مع الشعب الليبي وتأييده وتثبيته، والدعوة إلى إغاثته وإعانته.
وإلى جميع أبناء الأمة العربية والإسلامية في جميع المستويات ومن خلال جميع المؤسسات الإغاثية والحقوقية والإنسانية أن يبذلوا كل جهودهم لنصرة أهل ليبيا وتخليصهم من جرائم السفاح، ولتتضامن المؤسسات العربية كل في مجال تخصصها ضمن إطار مؤسسات المجتمع المدني، ولتفتح الباب لإسهام الشعوب للقيام بالدور المطلوب، إضافة إلى التواصل مع جميع المؤسسات الدولية لحشدها في اتجاه نصرة أهلنا في ليبيا.
والدعوة كذلك للمسلمين جميعًا أن يلتجئوا بالدعاء إلى الله، وأن تضج بالدعاء محاريبهم ومساجدهم بالقنوت والدعاء بأن يلطف الله بإخواننا ويعجل فرجهم، وأن يحقن دماءهم ويحفظ أعراضهم وأموالهم ويسلِّم ديارهم، وأن يعجل بهلاك الطاغية ويعيذهم من شروره، وأن يجعل الدائرة تدور عليه عاجلاً غير آجل: {وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43]، وأن يريه عاقبة بغيه وظلمه: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227]، وما ذلك على الله بعزيز: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود: 81].
وإلى إخواننا هناك أوجِّه نداء الرحمن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].
وكلٌّ منا عليه واجب لا بد أن يؤديه، وكلنا بين يدي الله مسئول، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: موقع إسلاميات.
التعليقات
إرسال تعليقك