ملخص المقال
الإلحاد حيث يظن البعض أن الدين أمسى من المخلفات البالية، وأن الأجيال الصاعدة يجب أن تكسر قيوده، وتعدو حدوده، وتسير وحدها دون مراعاة لخالق الأرض والسموات
بزغت شمس الهداية الإسلامية، وأنوار الشريعة المحمدية، على أهل الأرض وهم في ظلام من الشرك دامس، وغيهب من الإلحاد طامس، فأضحت شمس الهداية تنور أرجاء الفضاء، وتنير الأرض والسماء، جاءت بالأدلة العقلية، والحجج النقلية، وموافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، فالعقل جعله الله تعالى للدين أصلا، وللدنيا عمادًا، فأوجب التكليف بكماله .. وما اكتسب المرء مثل عقل يهدي صاحبه إلى هدى، أو يرده عن ردى.
ويظن كثير من الناس في هذا العصر أنَّ الدين أمسى من المخلفات البالية، وأن الأجيال الصاعدة يجب أن تكسر قيوده، وتعدو حدوده، وتسير وحدها بلا قيود ولا حدود، دون مراعاة لخالق الأرض والسموات، وكأنهم ورثوا ذلك الإلحاد عن الجاهلية الأولى، ويعدونه من التقدم والذكاء.
ومنشأ هذه الدعايات أنها جاءت من العدو وأهل الضلالات، فإنهم التمسوا في المسلمين عقولاً ضعيفة، يغرها الطمع، وتقودها الشُبَه، فظفر منهم بأناس طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ..
أناس يتكلمون لغتنا، ويستوطنون أوطاننا، وهم أضر على أمتنا.
وإنَّ الإلحاد ليس خرابًا قلبيًا، وليس ظلامًا فكريًا، بل دمار اجتماعي، يقضي علي العفاف، ويطلق ألسنة الملحدين {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف:82].
ثمة أسباب أدت إلى الإلحاد الذي انتشر اليوم، وقامت علي فكرته الضالة سياسات ومدارس ومناهج ومذاهب مادية، تلقاه أبناء المسلمين، وتأثروا به، ونقلوه، وسعوا في نشره و الدفاع عنه، مع أنَّ واقع المسلمين، دينًا ومنهجًا ونظامًا، مخالف تمامًا لما كانت عليه بعض الشعوب في حياتها الاجتماعية والسياسية.
فالإسلام ليس ظاهرة اجتماعية جاءت ثمرة أفكار وإبداعات بشرية، بل هو حقيقة، ومنهج يتلخص في قاعدة جليلة، لم يعرف مثلها عند غيرهم: "إن كنت ناقلاً فالصحة، أو مدعيًا فالدليل".
وليس محض استنتاج وحدس وتخمين وخيال، والفضل ما شهد به الأعداء، وهذه شبهات العقلانيين وبعض المستشرقين و المشككين تتهاوى، وقد ظهر لكل منصف بطلان أقوالهم، وفساد نواياهم.
أيهـــا الجاهل المنكب عمـدا *** منهج الحق موغلا في اللحـود
حامــلا رايــة العـــداء لدين *** فضله الجم ذائع في الوجــــود
تحسب الدين أهله في غباء *** وعن النصر في زوايا الهجود
وإنَّ أصحاب الشبهات والشهوات، لابد لهم من الرجوع والانقياد إذا ما سمعوا النُذُر، ورأوا الآيات: {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: 8]، {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7].
ولا ترجع البركة إلى الأرض إلا إذا عاد الناس إلى ربهم، منيبين راشدين، متمسكين بالدين العظيم والمنهج القويم .
{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} [فصلت:40]، {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت:53].
ستظهر لهم الدلالات والحجج، بدلائل خارجية وفي أنفسهم.
وإذا نظــرت تريــد معتبــــرا *** فانظر إليك ففيك معتبر
أنت الذي تمسي وتصبح في *** الدنيا وكـل أموره عبر
التعليقات
إرسال تعليقك