ملخص المقال
الكذب الذي صار حقيقة مقال يفضح أساليب الإعلام المصري في تضليل الرأي العام المصري والكذب عليه.. فكيف يكون الكذب حقيقة؟
هناك حقيقة يعرفها كل دارس لحياة المجتمعات وأفكارها، وهي أنّ "الشيء إذا تكرر تقرر"؛ فالأمر الذي يظل صاحبه يكرره بلسانه وقلمه على مسامع الناس قد يصدم الناس أول مرة، ولكن في الثانية لن يستنكروه أما بعد عدة مرات فسيتحول هذا القول إلى حقيقة مقررة يستشهد بها الناس في حواراتهم لإثبات أمور أخرى.
وفي شاشات الفضائيات المصرية بعد الثورة مصداق هذه الجملة؛ فأصحاب برامج التوك شو الموجَّهين والموجِّهين في ذات الوقت، يقومون باختلاق الكذبة، ثم يتحدثون عنها ويستضيفون من يؤيدها، ويظل الأمر لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، حتى يتحدث المجتمع كله عنها، وبعد ذلك يثبت كذب القصة ولكن لا أحد من الجمهور يعلم بذلك، فقد ثبت في قرارة نفسه أن ما سمعه أو رآه حقيقة لا تحتمل الجدل.
وخذ عندك من الأمثلة: فبركة موضوع زواج مِلك اليمين، ثم موضوع جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومضاجعة الوداع التي قالوا إن مجلس الشعب قبل حله ناقشها وأقرها، وهناك سيل آخر من الأكاذيب، مثل بيع الإخوان لقناة السويس ولآثار مصر...... إلى آخر تلك الترهات التي -في الأحوال العادية- سيستلقي الإنسان على قفاه من الضحك عندما يسمعها.
لكن ما حدث هو أن تكرار تلك الأكاذيب قد جعل الناس يصدقونها، وتصبح مخزنة في عقلهم الباطن، ويستدعونها عند تقييمهم لحكم الإخوان والرئيس مرسي.
ولعل أهم الأسباب التي تساعد على ترسيخ تلك الأكاذيب في عقول المصريين، غياب وسيلة إعلام قوية تستطيع جذب المشاهدين وتقديم الحقيقة لهم؛ فهذه معركة لم نستطع أن نربحها حتى الآن، ولكن ذلك في جميع الأحوال لا يبرر الكذب والاختلاق، كما أن عدم وجود جهة أو مؤسسة لتقييم الإعلام من حيث الالتزام بالمهنية والصدق قد فتح الباب لمقدمي التوك شو لاختلاق ما يشوهون به صورة الإخوان والرئيس مرسي.
في غياب الجهة المراقِبة والوسيلة الإعلامية الجاذبة لا يبقى إلا أن يتحول كل وطني مخلص سواء من الإخوان أو من غيرهم إلى وسيلة إعلامية تدحض في التو واللحظة ما يبثه الإعلام من أكاذيب، ولعل هذا أن يكون من واجبات الأوقات أو من أهمها.
التعليقات
إرسال تعليقك