ملخص المقال
سبيل الفلاح هو كلام الله المعجز المتعبد بتلاوته، والذي أنزله على رسوله متواترا، ليكون هداية وشفاء للمؤمنين، وتحديا للمعاندين ومنهاجا للمسلمين
سبيل الفلاح هو كلام الله المعجز المتعبد بتلاوته، أنزله الله تعالى على رسوله متواترًا، ليكون هداية وشفاءً للمؤمنين، وتحديًا للمعاندين، ومنهاجًا للمسلمين، في أسلوبه سهولة وفى معناه إيضاح وفى بيانه إفهام وفي تعبيره دقة وفي نظمه تألقًا، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق.
فمن أراد الاستقامة والسير في طرق مذللة ممهدة ليس بها إعوجاج أو التواء، فعليه بالقرآن، قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}[التكوير:27-28] يبصر به الله عباده المؤمنين الى ما فيه صلاحهم وفلاحهم في الدنيا قبل الاخرة، قال تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[الجاثية:20]، هو دواء القلق، وقاهر الهم، مذهب الحزن، وعلاج لكافة الامراض النفسية والعصبية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس:57-58]، من أموال وكنوز وعلوم واختراعات وإبحاث، يظن أهلها أنها تأتى عليهم بالسعادة والراحة، فتورثه فى مجموعها همًا وبؤسًا ينغص عليه حياته.
فيه الكفاية، لمن أراد الله هدايته، فردًا أو جماعة، فمن أراد الدنيا فعليه بالقرآن ومن أراد الاخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معًا فعليه بالقرآن، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت:51]، هو سر عظمة الأسلاف، فقد كانوا ينتهجون نهجه ويهتدون بهديه ويستدلون بتوجيهاته ويساقون بأوامره، فكان ربيعًا لقلوبهم ونورًا لأبصارهم، وجلائًا لأحزانهم، وذهابًا لهمومهم [1].
فقد كان يمتثلون القرآن في معاملاتهم وفي أخذهم وعطائهم وفى أخلاقهم، تقول السيدة عائشة -رضى الله عنها وعن أبيها- عندما سئلت عن خلق النبى صلى الله عليه وسلم: "كان خلقه القرآن".
إنَّ هذا الكتاب منحة ربانية، يهدى المستهدين به الى أقوم السبل وأوضح الطرق، يستظهرون به الحق من الباطل ويدركون به المحكم من المتشابه، من استمسك به عصم، ومن اهتدى به لم يحار، ومن استنار به لم ير الظلام أبدًا، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء:9]، هو وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله"[2]. لن تتخلف دولة دستورها القرآن، ولن يتدهور إقتصاد قوامه القرآن، ولن ينحل شعب خلقه القرآن، ولن تهوى قوة أساسها القرآن.
** **
أدرك أعداء الإسلام أن القرآن هو قوة قوة المسلمين ومنبع عزهم، وأن بقاؤه فى أيديهم حيًا نابضًا يؤدى إلى استعادتهم لقوتهم وزدهار حضارتهم، الأمر الذى دفعهم إلى التأمر والتخطيط على تنحية القرآن الكريم من حياة المسلمين، وجعله مادة للتبرك والتفاؤل فحسب، قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}[البقرة:120]
نسوق إليكم بعض الشواهد على هذه المؤمرات الخبيثة والخطط الدنيئة التى تحاك ليل نهار لإزاحة القرآن عن طريق المسلمين فى السطور التالية.
رفع جلاء ستون رئيس وزراء بريطانيا السابق المصحف الشريف أمام أعضاء مجلس العموم البريطانى، وقال: "مادام هذا القرآن موجودًا فى أيدى المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطره على الشرق، ولاأن نكون هى نفسها فى أمان".
وقال الحاكم الفرنسى فى الجزائر إبان الإحتلال الفرنسى للجزائر، وكان ذلك فى ذكرى مرور مائة عام على إستعمار الجزائر: "إننا لن ننتصر على الجزائرين ماداموا يقرؤون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربى من وجودهم، ونقتلع اللسان العربى من ألسنتهم".
وكان نشيد جيوش الإستعمار هو: "أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة، لأحارب الديانة الإسلامية، ولأمحو القرآن بقوتي".
يقول المنصر وليم جيفورد بالكراف: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربى يتدرج فى طريق الحضارة الغربية بعيدًا عن محمد وكتابه".
يقول أيضًا المنصر تاكلي: "يجب أن نستخدم القرآن، وهو أمضى سلاح في الإسلام، ضد نفسه، حتى نقضي علية تمامًا، يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديدًا وأن الجديد فيه ليس صحيحًا.
هذه بعض الشواهد التى تؤكد استهداف القرآن الكريم من قبل أعداء هذا الدين وهم كثر، وقد تنبأ بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم بتداعى الامم علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، ولكن هيهات هيهات فالقرآن الكريم محفوظ بحفظ الله له، وهم يدركون ذلك أكثر من المسلمين ذاتهم، ولكن العمل به والتحصن بأركانه والاسترشاد بما فيه من هدى هو الذى يسعى هؤلاء الى تنحيته، ومن المؤسف أن نعترف بأنهم قد نجحوا في ذلك إلى حد ما.
أليس ذلك يدفعنا الى مواجهتهم، بإحياء القرآن في قلوبنا وفي سلوكنا وفي حياتنا حتى تعود أمتنا الى مجدها الزائل وعزها التليد.
** **
إن كل مسلم غيور على دينه ووطنه، يمتعض حزنًا ويعتصر ألمًا لما آلت إليه الأمور فى مصر خاصة والعالم الاسلامى عامة لاسيما فى الآونة الاخيرة، بما لم يكن أكثر الناس تشاؤمًا يتوقع ما آلت اليه الامور، فقد صارت الدول الإسلامية أفقر دول العالم، جيوشها هاوية خاوية من مظاهر القوة في أغلبها، وأما التي تتسم بشيء من القوة والمنعة فقد انشغلت بأمور ليست من صميم عملها، لا تسمع عن شعوب تباد ولا طائفة ينكل بها الا وهم مسلمون، يهان المسلمون فى الغرب لمجرد كونهم مسلمون وتقيد حريتهم الدينية ويستهزأ بنبيهم عليه الصلاة والسلام، بل ويطهدون على أرضهم وفي وطنهم ويسامون بأنبز الالقاب، كل ذلك وأكثر هو حال المسلمون، الذين وسمهم الله بالخيرية المطلقة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110].
وان كنا بصدد استبيان هذه النكسة الحضارية لخير أمة، من قيادة البشرية فيما يربوا على عشرة قرون وريادة الامم فى شتى المجالات خلال تلك الفترة بما لا ينكره حسود، فإنما هو بعدها عن دستور حياتها وسر مجدها، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}[طه: 124]، لفظة معيشة تشمل كل جوانب الحياة، والضنك إنما هو الضيق الشديد، بمثابة حصار وضيق فى كل شئ بما لا يستطيع التفلت منه اللهم الا بالعودة والاوبة، فهل واقع المسلمين اليوم خلاف ذلك ؟ منذ سقوط الخلافة العثمانية وسيطرة الغرب على الدول الاسلامية وانصرافها عن كتاب ربها، والامة تعانى من حصار وضنك اقتصادي وسياسى...تحاول الفكاك منه، تركن تارة المناهج الشرقية الملحدة واخرى الى الشرقية الكافرة وهكذا، ولكن هيهات هيهات.
قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف:36-37]، متى ابتعدت الأمة –فى أفرادها أو مجموعها– عن كتاب ربها، قيد الله لها شيطانًا –إنسيًا أو جنيًا– يغويها ويفتنها يحبب إليها الانحراف والضلال ويبغض إليها النور والإيمان ويبرر لها الفسوق والعصيان، قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[المائدة:15-16].
** **
هلم نبدأ بالتغير من ذواتنا، تعالوا نبث الخير فى أبنائنا الذين طالما تركناهم رهن رفقاء السؤ وأمام الشاشات التى تبث التحلل الأخلاقى، وتنشر العقوق والعصيان، ألم يحن الوقت أن نأخذ بأيديهم إلى كتاب الله، لنعوض بهم ما فاتنا، ولنصلح بهم ما تلفناه، لعل الله أن يصلح بهم البلاد والعباد وأن يجعلهم زخرًا لنا.
أخى القارئ إن الله تعالى سائلك عن برك بولدك قبل أن يسأله عن بره بك، لان الله تعالى جعله أمانه فى يديك كعجينة الصلصال تشكلها كيف شئت، إن قومته إستقام، وإن إعوججت به إنحرف ومال، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم:6].
كذلك إن قمت على حسن تربيته وتقويمه، فلك جزيل الأجر وعظيم الثواب، فهو لك بمثابة صدقة جارية وخيرًا لاينفض.
أما فيما يتعلق بتعليمه القرآن الكريم على وجه الخصوص، فله جائزة من نوع خاص، وفضلًا مميزًا لا مثيل له، قال صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجًا من نور ضوؤه مثل ضؤ الشمس، ويكسى والداه حليتين لاتقوم بهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا ؟ فيقال: بأخذ ولد كما القرآن"[3].
وعن معاذ بن أنس الجهنى، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجًا يوم القيامة ضوؤه مثل ضؤ الشمس فى بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذى عمل بهذا" [4].
ذلك فضلًا عن الخيرية والأفضلية التى ينالها، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الصحيح: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
أما فيما يتعلق بما أعده الله تعالى من الثواب والفضل لمن تعلم القرآن، فلا يتسع المقام لذكرها، فيا أخى الفاضل، ألا يكفيك فضلًا أن تكون أنت وابنك من الأخيار، ألا يكفيك أن تقر عينك وأن ترى قرة عينك وفلذة كبدك وثمرة فؤادك وهو يتقدم الناس ويفضلهم.
** **
لاشك أننا نتمنى لقرة أعيننا وثمرات أفئدتنا أن يكون التفوق حليفهم والنجاح حظهم، فالسبيل المضمون الى ذلك هو فهمهم لكتاب الله وحفظهم له وتدبرهم آياته، فقد أكدت الابحاث على أن هناك تناسبًا طرديًا بين تفوق ونجاح الطفل فى حفظه وإدراكه لكتاب الله وبيبن تفوقه ونجاحه فى المواد الدراسية المختلفة، فالقرآن الكريم ينمى مدارك الطفل يوسع آفاقه العقلية، ويؤدى الى سرعة النمو اللغوى، وتقوية ملكة التعبير لديه، ومن أهم المناشط لتنمية الذكاء.
حفظ القرآن وإدراك معانيه يوصل الإنسان إلى مرحلة متقدمة من مراحل الذكاء، وهذا ما دعا الأسلاف إلى اشتراط تعلم القرآن قبل الالتحاق بمجالس العلم وحلقاته، فيما يتعلق بالعلوم الشرعية وغيرها.
لذلك نجد كبار العرب وأذكيائهم وعلمائهم وأدبائهم وفلاسفتهم وقاداتهم البارزين من حفظة القرآن، وكذلك النابغين فى العصر الحديث كانت مراحل تعليمهم الأولى فى الكتاتيب؛ لأن تعلم القرآن من العوامل الاساسية التي توسع الفكر وتنمي الإدراك.
وهذا الإمام ابن تيمية يحال بينه وبين الكتب في محبسه بالقلعة، فيتفرغ للقرآن، فيقول عن هذه التجربة: قد فتح الله عليَّ في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء كان الكثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن.
ويحكى إقبال في روائعه قصته مع القرآن قائلًا:كنت تعمدت أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح كل يوم، وكان أبي يراني، فيسألني سؤاله، فأجيبه جوابي، وذات يوم قلت له: ما بالك يا أبي تسألني نفس السؤال من غد ؟ فقال: إنما أردت أن أقول لك: اقرأ القرآن كما نزل إليك.
ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأقبل عليه، فكان من أنواره ما اكتسبت ومن درره ما نظمت.
والقرآن الكريم بمثابة حصن منيع ودرع واقٍ لكل ما يتهدد الطفل ويؤثر على تكوينه النفسي والانفعالي، يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:36]، وقال تعالى أيضًا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس:57-58]، وقالت الجن عندما سمعوه: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}[الجن:1-2]، والآيات فى الباب كثيرة.
ويؤكد علماء النفس على ضرورة تكوين الضمير وتنميته، وأن السبيل إلى ذلك هو قراءة الحكم وسماع المواعظ، ونقول لهم ما بالكم بحفظ كلام الله المعجز والتعبد بتلاوته ؟ هل يتساويان ؟ فالمتدبر للقرآن تنتابه حالة الهدوء وراحة البال ويشعر بنقاء سريرته وصفاء ذهنه ويقظة ضميره.
إنَّ فهم القرآن والعمل بما فيه يؤدي إلى الاستقرار النفسي والتوازن الانفعالي والثبات العاطفي، وهذا ما يجعل أصحاب القرآن أقل عرضة للإصابة بالامراض النفسية والعقلية، بل يكاد ينعدم تعرضهم لإضطرابات نفسية.
** **
إنتشرت فى عصرنا موجات التغريب، وإرتفعت أصوات المنفرين من الدين، وعلت رايات المتحللين والمتفسخين من الإخلاق والقيم الدينية، ووصفوها بأنها رجعية وتخلف وتقليد، فساحت الفتن ووسائل الإغراء وثارت الشهوات وغابت القدوة الحسنة وحمل على الأعناق لكع بن لكع كما تنبأ المعصوم عليه الصلاة والسلام، ولم يخل بيتًا ولا مؤسسة ولا طريقًا من مثل هذه الأمور أللهم إلا بيوت الله عز وجل ومن رحمهم الله من عباده.
مما يدعوا إلى تضافر الجهود فى سبيل مواجهة هذه التحديات التى تهدف إلى إفساد الأمة بإبعادها عن دينها وإفساد أخلاقها.
ولا شك أن الداء يتعلق بالأجزاء الضعيفة من الجسد في بدايته، وبعد أن يستحكم يتمدد ويأخذ فى الإنتشار إلى باقي أعضاء الجسد، وأضعف ما فى الأمة هو نبتها و أشبالها، فلابد من تحصينهم ضد غوائل الشر ومعاول الهدم.
وأول ما يبدأ به هو تعليم القرآن الكريم، بما يبثه من تنمية للوازع الاخلاقى والضمير الدينى وغرس للقيم، وتقوية الايمان بالله عز وجل.
وأخيرًا فلنبدأ ولنتعاون بهمة عالية ونفوس متوثبة لا تقبل الا بمعالى الامور، ولنجعل عملنا هذا خالصًا لله تعالى، ولنجرد أنفسا من حظوظ الدنيا، والله المستعان.
[1] قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها . رواه أحمد وهو صحيح].
[2] [رواه في الموطأ].
[3] [أخرجه الحاكم فى المستدرك عن بريده وقال حديث صحيح على شرط مسلم].
[4] [أحمد فى المسند، وأبو داوود فى السنن، والحاكم فى المستدرك].
التعليقات
إرسال تعليقك