ملخص المقال

رعاية اليتيم
إن السعي لإنشاء مشروع يخدم الطوائف الضعيفة المحتاجة حقٌّ يتعلق بأعناق المسلمين، ويعدُّ عملاً صالحًا وقدمَ صدقٍ يبقى صدقةً جاريةً ينتفع بها المسلم بعد موته، وهي دعامة قوية وسندٌ فعالٌ لنصرة المجتمع المسلم؛ لأنها تثمر تعاونًا بنَّاءً ووَحْدةً قويةً؛ ذلك لأن المجتمع المسلم يتفاعل فيتعاون على البر والتقوى، وينبذ الإثم والعدوان ومعصية الله ورسوله r، وذلك ما لا يرجوه أعداء الإسلام للأمة الإسلامية، فدعوة الجمعية الشرعية قد أثمرت تلك المشروعات في ظل أهدافها النابعة من الكتاب والسُّنَّة، والتي ضبطت قانونها عليه؛ كي لا تصطدم بأي جهة تعوق مشروعاتها. كما أن قيام الجمعية بهذا الأمر -كفالة اليتيم- يرفع الحرج عن الأمة المسلمة.
الإحسان إلى اليتيم
من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله U، وهو باب من أبواب الرحمة، قال رسول الله r: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين"، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى وفرّج بينهما، وأن من كفل يتيمًا لا يبغي من وراء ذلك إلا وجه الله فليس له من جزاء إلا الجنة رفيقًا للرسول الكريم. وقال r: "إن اليتيم إذا بكى اهتز عرش الرحمن لبكائه، فيقول الله تعالى: يا ملائكتي، من أبكى الذي غيَّبت أباه فى التراب؟ -وهو أعلم به- فتقول الملائكة: ربنا لا علم لنا. فيقول الله U: فإني أشهدكم أن من أرضاه فيَّ، فإني أرضيه من عندي يوم القيامة" (ذكره القرطبي عن ابن عمر).
ومع هذا الأجر العظيم في الآخرة يربط الله U بين سعة الرزق في الدنيا وإكرام اليتيم وبين ضيق العيش وإهانة اليتيم، كما قال تعالى: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} [الفجر: 16، 17]. لذلك كان من أعظم المشروعات الاجتماعية التي نفذتها الجمعية الشرعية وأخطرها أثرًا (مشروع كفالة الطفل اليتيم)، وينسحب أثره على الطفل اليتيم وعلى أسرته وعلى المجتمع بأسره؛ لأن سد حاجات الطفل المادية والنفسية عن طريق المشرفين بالمسجد وعن طريق الكافل يعوِّضه عن إحساسه بفقد أبيه، فيصبح عضوًا بناءً في مجتمعه، لا حاقدًا ولا مبغضًا. والأرملة التي توفى عنها زوجها تصاب بالهلع لفقده، ويزيد من هلعها وخوفها من المستقبل تفكيرها في أطفالها الصغار، وكيف تعبر بهم جسر الحياة الضيق أمامها بلا سند ولا معين؛ لذلك كان الساعي لسد حاجات هذه الأرملة كالمجاهد في سبيل الله.
مبادرة مع اليتيم
تعدّ الجمعية الشرعية الرئيسية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية من كبريات الجمعيات الخيرية في مصر، إن لم تكن أكبرها من حيث عدد أعضائها أو حجم أعمالها الدعوية والخيرية، ومشروع كفالة الأيتام أحد أهم مشروعاتها الخيرية على الإطلاق، والذي بدأ بأحد فروع الجمعية بحي المطرية (شرق القاهرة) عام 1985م، ثم انتشر إلى جميع أنحاء الجمهورية بعد ذلك، ويصل إجمالي الأيتام والأمهات الذين تكفلهم الجمعية الآن إلى ما يزيد على 400 ألف.
المشروع بدأ برعاية الأطفال الأيتام وكفالتهم، ثم امتد بعد ذلك ليشمل أسرهم ومتابعتهم تعليميًّا ودينيًّا وأسريًّا.
عمل متكامل
وعمل الجمعية الشرعية مع الأيتام يقوم على منهجية شاملة ومتكاملة، فهي بدايةً تكفل الأيتام الذين يتقدمون لها بعد فقدان الأب، وتصدر لهم بطاقة كفالة يقوم بموجبها كافل اليتيم بدفع قيمة الكفالة المتغيرة بتغير الظروف المعيشية شهريًّا لليتيم الذي يكفله، إضافةً إلى وجود البيانات كاملةً لدى الكفيل عن اليتيم الذي يكفله إذا أراد أن يتواصل معه بمساعدات أخرى بطريقة مباشرة.
ولا تكتفي الجمعية بذلك، بل تنظم يومًا إسلاميًّا أسبوعيًّا للأيتام، يبدأ من صباح يوم الجمعة بقراءة القرآن، ومدارسة الأحاديث النبوية، ثم الاستماع لخطبة الجمعة، ثم بعد ذلك تناول وجبة الغداء، ويصل عدد الوجبات التي يتم إعدادها أكثر من 10 آلاف وجبة أسبوعيًّا على الأقل. كما يقوم مشرفو مشروع اليتيم بالجمعية بمتابعة الأطفال الأيتام بمدارسهم، ودفع بعض المصروفات، وإعطائهم الملابس الدراسية قبل بدء العام الدراسي، إضافةً إلى المساعدات العينية التي تصل الجمعية في شهر رمضان والأعياد الإسلامية.
ما بعد البلوغ
وإذا وصل اليتيم إلى سن البلوغ لا تتوقف الجمعية عن رعايته، ولكن بوسائل أخرى، منها مشروع طالب العلم؛ حيث يتم دعم طلبة الثانوية العامة والجامعات ماديًّا وعينيًّا؛ لمساعدتهم على استكمال التعليم، أما الفتيات فيتم إعانتهن عبر مشروع تيسير زواج الفتيات اليتيمات؛ حيث تقوم الجمعية بتلقي طلبات الفتيات غير القادرات، وتقدم لها على الفور (غسالة، بوتاجاز، والأدوات المنزلية الضرورية التي تعدُّ عقبةً كبرى في إتمام عملية الزواج)، ويتزايد عدد اليتيمات ويتبع ذلك زيادة في الاحتياجات يتم تقديرها لكل حالة.
أمهات الأيتام
أما أمهات الأيتام فالجمعية تحاول أن تحولهن إلى أمهات منتجات، وذلك عبر مشروع تشغيل أمهات الأيتام، وهو عبارة عن وحدات تفصيل ملابس، وكل وحدة بها 200 ماكينة حياكة، تتسلمها الأمهات ويعملن من بيوتهن وتتقاضى مرتبا شهريًّا مناسبًا، دون أن تتكلف ثمن ماكينة الخياطة أو حتى أدوات العمل.
التعليقات
إرسال تعليقك