التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
الخليفة علي بن أبي طالب مقال يقدم تعريفًا بعلي بن أبي طالب الخليفة الرابع من الخلفاء الراشدين، ونشأته، وصفاته وجهاده وفضائله وسابقته في الإسلام.
التعريف بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه
هو عليُّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي، ابن عمِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: يُكنى بأبي تراب، وهو أبو الحسن الهاشمي، وأمُّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف[1].
وُلد عليٌّ رضي الله عنه في مكَّة قبل البعثة بعشر سنين ونشأ في حجر النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أنَّ أبا طالب كان كثير العيال، فلمَّا أصاب مكَّة جدب، طلب النبيُّ صلى الله عليه وسلم من عمِّه العباس رضي الله عنه أن يُخفِّف عن أبي طالب مشقَّة العيش بأن يعول بعض ولده، فذهبا إليه وعرضا عليه المساعدة فقَبِل، فضمَّ العباس رضي الله عنه إليه جعفرًا وضمَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليًّا رضي الله عنه[2]. ولمـَّا بُعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم كان عليٌّ رضي الله عنه أوَّل من آمن به من الصبيان، وهو ابن عشر سنين[3]، وتجري روايات المصادر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عندما دعا قريشًا إلى دينه الجديد، أحجموا عن الاستجابة، وقرَّروا عدم مناصرته، فصاح عليٌّ رضي الله عنه في حماسة الصبيِّ قائلًا: "أنا يا نبيَّ الله أكون وزيرك عليه"[4].
عُرف عليٌّ رضي الله عنه بالشجاعة والبطولة، وليس أدلَّ على ذلك من تعرُّضه للخطر في الليلة التي هاجر فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ إذ لبس ثوبه وبات في فراشه، مع أنَّه كان يعلم عزم المشركين على قتله فى تلك الليلة، ثُمَّ لحق به إلى المدينة بعد أن أدَّى الودائع التي كانت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأصحابها[5].
قد زوَّجه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمة رضي الله عنها في السنة الثانية للهجرة، فولدت له الحسن والحسين ومحسنًا -وقد مات صغيرًا- وزينب وأم كلثوم رضي الله عنهم، ثُمَّ تزوج أمَّ البنين بنت حزام رضي الله عنها -بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها- فأنجبت له العباس وجعفرًا وعبد الله وعثمان، وقد قُتلوا مع الحسين بكربلاء ولا بقيَّة لهم غير العبَّاس، وتزوَّج ليلى ابنة مسعود بن خالد النهشلي رضي الله عنها، فولدت له عبيد الله وأبا بكر، وقد قُتلا كذلك فى كربلاء. وتزوَّج أسماء ابنة عميسٍ الخثعمية رضي الله عنها فولدت له يحيى ومحمَّدًا الأصغر[6]، وعلى عادة العرب فقد كانت له عدَّة زوجاتٍ كما كان له تسع عشرة سرية، وقد بلغ عدد أولاده الذكور أربعة عشر ولدًا، والإناث سبع عشرة، وقد تُوفِّيت بعض زوجاته في حياته وطلَّق بعضهن، وتُوفِّي وفي بيته أربع منهن[7].
اشترك عليٌّ في جميع الغزوات باستثناء تبوك؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خلَّفه على المدينة، وقد روى كثيرًا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما روى عنه عددٌ من الصحابة مثل: عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، بالإضافة إلى ابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما.
اشتهر عليٌّ رضي الله عنه بشجاعته في الحروب، وموقفه يوم خيبر معروف، ودفع إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم براية القيادة وهو ابن عشرين سنة، وكانت شجاعته تُصيب أعداءه بالهلع والارتباك، ولكنَّه كان يفتقد إلى حزم الحاكم ودهائه، وتنقصه الحنكة السياسية وعدم التردُّد في اختيار الوسائل لتثبيت مركزه، وقد سمح هذا لمنافسيه بالتغلُّب عليه.
لمـَّا تُوفِّي النبيُّ صلى الله عليه وسلم انهمك عليٌّ رضي الله عنه في تجهيزه ودفنه، وكان يرى أنَّه أحقُّ المسلمين بالخلافة بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِما له من السابقة في الإسلام ولأنَّه أقرب الناس إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَسبًا وصهرًا، فلمَّا آلت الخلافة إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه بايعه بغضِّ النظر عن المدَّة التي بقي فيها بدون بيعة.
كان عليٌّ رضي الله عنه موضع ثقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، يستشيره في الأمور المهمَّة، وكذلك كان في أيام عمر رضي الله عنه الذي لم يكن يقدم على عملٍ إلا بعد استشارته، وكان أحد أعضاء مجلس الشورى الستَّة الذين اختارهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لانتخاب أحدهم لخلافته.
المصدر: كتاب تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية.
__________
[1] ابن كثير: 7/223.
[2] ابن هشام: 1/285.
[3] المصدر نفسه، ص282.
[4] الطبري: 2/321.
[5] ابن هشام: 2/222، 223.
[6] الطبري: 5/153، 154.
[7] ابن كثير: 7/322.
التعليقات
إرسال تعليقك