التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
معركة شنت منكش أول سلسلة معارك محمد بن أبي عامر التي خاضها ضد تحالف الممالك الإسبانية، فما قصة هذه المعركة؟ وما أسبابها؟
معركة شنت منكش تُعدُّ بدايةً لسلسلةٍ من المعارك التي خاضها محمد بن أبي عامر ضدَّ الممالك الإسبانية، وخرج منها جميعًا متوَّجًا بالنصر، ولم يُهزم في أيَّة واحدةٍ منها.
أسباب معركة شنت منكش
بعد معركة شنت بجنت سنة (371هـ= 981م) فكَّر محمد بن أبي عامر في سحق الممالك الإسبانيَّة تمامًا، وأن يقضي على استقلالها القومي، وأن يُخضعها جميعًا إلى سلطة الخلافة، فسار عقب الانتهاء ن أمر صهره غالب بن عبد الرحمن الناصري في معركة شنت بجنت، إلى مملكة ليون ليُعاقب ملكها على معاونته لخصمه غالب في تلك المعركة، ولتدخُّله في شئون الأندلس الداخليَّة [1].
المسير إلى معركة شنت منكش
قصد محمد بن أبي عامر مدينة سمورة الحصينة الواقعة شمالي شلمنقة، وضرب حولها الحصار في أوائل سنة (371هـ= 981م) ولكنَّه لم يستطع الاستيلاء على قلعتها المنيعة بسرعة، فتركها وعاث فيما حولها من السهول، وأمعنت قوَّاته في التخريب والقتل، وأحرقت مئات القرى والضِّياع، وهام النصارى على وجوههم في الجبال والوديان ألوفًا مؤلَّفة، فأسرع راميرو الثالث إلى غرسية فرنانديز صاحب قشتالة، وسانشو ملك نافار، وعقد الثلاثة تحالفًا لمحاربة ابن أبي عامر، وسارت قوَّاتهم المشتركة للقائه [2].
أحداث معركة شنت منكش
نشب القتال بين الفريقين في ظاهر بلدة روضة في جنوب غربي شنت منكش، فهُزِم النصارى وقُتل منهم عددٌ كبير، واستولى المسلمون على قلعة شنت منكش الشهيرة [3]؛ ثم زحف ابن أبي عامر بعد ذلك شمالًا إلى مدينة ليون عاصمة المملكة، وهنالك وقف راميرو في قوَّاته محاولًا اعتراضه، وحاول المسلمون اقتحام المدينة، ووصلوا في هجومهم بالفعل إلى أبوابها، ولكن الشتاء كان قد دخل، وغمرهم البرد والثلوج، فاضطروا إلى وقف القتال [4]، وعلى الرغم من ذلك فقد كان لهذا الانتصار المحدود نتائج سلبية أصابت دولة ليون في الصميم؛ فقد خُلِع "راميرو الثالث" ونُصِّب مكانه ابن عمِّه "برمودة" الذي اضطرَّ إلى دفع الجزية لـ المنصور ابن أبي عامر [5].
بعد المعركة
عاد محمد بن أبي عامر إلى قرطبة وعلى إثر هذا النصر، وفي (أواخر سنة 371هـ= أواخر 981م) اتَّخذ ابن أبي عامر سمة الملك، فتسمَّى بـ الحاجب المنصور، وأمر بالدُّعاء له على المنابر مع الخليفة هشام بن الحكم، ونفذت الكتب والأوامر باسمه، ونقش اسمه في السكة، وجرى الوزراء ورجال الدولة على تقبيل يده عند المثول لديه، واجتمعت حول شخصه وحول داره مظاهرَ الجلالة الملكيَّة، واستأثر بذلك جميع السُّلطات والرسوم [6].
[1] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1417هـ= 1997م، 1/ 540، 541، وخليل إبراهيم السامرائي - عبد الواحد ذنون طه - ناطق صالح مصلوب: تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2000م، ص198، 199.
[2] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 1/ 541، وراغب السرجاني: قصة الأندلس، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1432هـ= 2011م، 1/ 265.
[3] شنت منكش هي قلعة أندلسية قديمة، تقع جنوب غربي مدينة بلد الوليد بحوالي عشرة كيلومترات منها، وقد اتخذت منذ القرن السادس عشر دارًا للمحفوظات الملكية الإسبانية، وهي ما تزال إلى يومنا مستودع هذه المحفوظات الشهيرة، انظر: محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 5/ 5.
[4] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 1/ 541، وراغب السرجاني: قصة الأندلس، 1/ 265.
[5] خليل إبراهيم السامرائي - عبد الواحد ذنون طه - ناطق صالح مصلوب: تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس، ص199.
[6] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 1/ 541، وراغب السرجاني: قصة الأندلس، 1/ 265.
التعليقات
إرسال تعليقك