ملخص المقال


3 من ذي الحجة 1322 هـ = 8 من فبراير 1904م
بدء الحرب الروسية- اليابانية التي استمرت حتى عام 1905، وانتهت بانتصار اليابان، وتسببت خسارة روسيا لهذه الحرب في قيام ثورة 1905
بدأت هذه الحرب في 8 فبراير 1904م عندما هاجم اليابانيون ليشون التي تعرف أيضًا باسمبورت آرثر في منشوريا، وانتهت في 5 سبتمبر عام 1905م بتوقيع معاهدة بورتسماوث. أكسبت هذه الحرب اليابان اعترافًا بأنها من كبرى القوى العالمية. وقد أججت هزيمةروسيا في الحرب تذمر الشعب الروسي إزاء فساد الإدارة الحكومية وسوء إدارتها، مماأدَّى إلى اندلاع الثورة الروسية عام 1905م.
***الأسباب الضمنية تكمنوراء تلك الحرب الطموحات المتصارعة للإمبراطوريتين الروسية واليابانية، إذ دأبتروسيا على توسيع ممتلكاتها ومصالحها في الشرق الأقصى خلال الشطر الأخير من القرنالتاسع عشر الميلادي، وفي عام 1891م بدأت روسيا في بناء سكة حديد سيبريا ليربطموسكو وفلاديفستوك، وفي عام 1896م وقَّعت روسيا معاهدة مع الصين أتاحت لروسيا بناءماسُمِّي السكك الحديدية الصينية الشرقية عبر منشوريا، ومنحت روسيا سيطرة جزئية علىتلك المقاطعة. وفي عام 1898م استأجرت روسيا من الصين شبه جزيرة لياودونغ، حيث بنتقاعدة ليشون البحرية وميناء ليدا التجاري. ووسعت روسيا نفوذها في كوريا خلال هذهالسنوات، وأعطى تمرد لاعبي الملاكمة في الصين (1900-1901م) الفرصة لروسيا لزيادةنفوذها في منشوريا
أزعجت هذه التحركات اليابانيين الذين كانوا يريدون بسطسلطتهم على حساب الصين. وبعد أن هزموا الصينيين في الحرب (1894-1895م) حاولواالاستيلاء على شبه جزيرة لياودونغ، لكن روسيا وألمانيا وفرنسا حالت دون هذا، مماأغضب اليابان.
كذلك تنافست هاتان الأمتان على السيطرة على كوريا، التي كانموقعها مهمًا لليابان وروسيا على حد سواء. وأرادت اليابان أن تسيطر على التجارةوالصناعة الكورية، وكانت تمتلك بالفعل السكك الحديدية الكورية، كما كانت قد أرسلتألوف اليابانيين للإقامة هناك.
وضع الدبلوماسيون الروس واليابانيون سلسلة منالاتفاقات بشأن كوريا ومنشوريا، لم يأخذوا بها، ومن ثم تحالف اليابانيون معبريطانيا عام 1902م، وبدأوا في الاستعداد للحرب التي لم يتأهَّب لهاالروس.
الأسطول الروسي حاصره اليابانيون في ميناء لوشون وهاجموه في 8 فبراير عام 1904م.
الهجوم على لوشون. قطعت اليابان العلاقات الدبلوماسية معروسيا في 6 فبراير عام
1904م. وبعدها بيومين هاجم نائب الأدميرال هيها تشيروتوجو بأسطوله السفن الروسية في لوشون دون تحذير، وأعلنت اليابان الحرب على روسيا في 10 فبراير. وبدت روسيا وكأنها أقوى بكثير من اليابان حتى ظن الناس أنها سوف تكسبالحرب بسهولة، ولكن روسيا لم تكن تحتفظ في الشرق الأقصى إلا بثمانين ألف جندي عندمابدأت الحرب، وكان عليها أن تنقل إمدادات الجنود والمؤن مسافة 8,000كم من روسياالغربية على سكة حديد سيبريا الذي لم يكن قد اكتمل بعد، كما أن روسيا قد أصابهاالوهن والضعف من جرَّاء المشكلات الاجتماعية والسياسية، مما أدى إلى نشوب ثورة عام 1905م.
المعارك الأخيرة. كانت اليابان تحتفظ بمئتي ألف جندي في شماليالصين، وبجيش ضخم آخر قريب، كما كانت أقرب إلى ميدان المعركة، وكان شعبها يؤيدحكومته.
وسرعان ماعزلت البوارج والألغام اليابانية أسطول المحيط الهادئالروسي في لوشون. ودمَّر اليابانيون السفن القليلة التي حاولت الهرب من لوشون، ومنفلاديفستوك في معركة بحر اليابان. ومن ثم أمر الروس أسطول البلطيق بقيادة الأدميرالزينوفي روجستفنسكي بالإبحار إلى الشرق الأقصى، وأبحر هذا الأسطول التجاري من بحرالبلطيق، ودار حول إفريقيا ثم عبر المحيط الهندي، ومر عبر المضيق الكوري، ولكنالأسطول الياباني القريب دمره في معركة مضيق تسوشيما عام 1905م.
لم يكنالوضع الحربي على البر أفضل منه في البحر بالنسبة للروس؛ نظرًا لضعف قيادتهموافتقارهم للرجال والعتاد، إضافة إلى مهارة اليابانيين ودأبهم. وأخذت القواتاليابانية بقيادة المارشال أواو أوياما تدفع القوات الروسية تدريجيًا إلى التراجعفي منشوريا، وهزمتها في معركة موكدن عام 1905م. ثم استسلمت لوشون لليابانيين بعدحصار دام شهرين. وكان كلا البلدين آنذاك قد بات مستعدًا لوقف الحرب، إذ كانتالحكومة الروسية تعاني من مشكلات داخلية، أما الحكومة اليابانية فقد بدأت تعجز عنمواجهة تكاليف الحرب.
معاهدة بورتسماوث. قام الرئيس الأمريكي تيودورروزفلت بإيعاز من اليابان، بتنظيم مؤتمر للسلام في بورتسماوث بولاية نيو هامبشايربالولايات المتحدة عام 1905م. وقد منحت معاهدة بورتسماوث جزيرة سخالين الجنوبيةلليابان، وأرغمت روسيا على سحب قواتها من منشوريا. كان على روسيا أن تعطي اليابانلوشون وليدا، وتركت لها كوريا، وكانت هزيمة روسيا في هذه الحرب من الأسباب الرئيسيةلاندلاع ثورة 1905م في روسيا.