ملخص المقال
الفضل بن العباس بن عبد المطلب، صور من حياته، وبيان مناقبه ومواقفه مع رسول الله ووفاته ومكان دفنه
النسب والقبيلة
الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: بل يكنى أبا محمد. أمه أم الفضل لبابة الصغرى بنت الحارث، أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم. وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكبر ولد العباس بن عبد المطلب، وبه كان العباس يكنى[1].
بعض المواقف من حياة الفضل مع الرسول
قيل: إن الفضل بن العباس غسل إبراهيم -يعني ابن النبي صلى الله عليه وسلم- ونزل في قبره مع أسامة ابن زيد[2].
وكان ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين؛ إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وانحط بهم الوادي في عماية الصبح، فلما انحط الناس ثارت في وجوههم الخيل فشدت عليهم، فانكفأ الناس منهزمين، وركبت الإبل بعضها بعضًا، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس ومعه رهط من أهل بيته ورهط من المهاجرين والعباس آخذ بحكمة البغلة البيضاء وقد شجرها. وثبت معه من أهل بيته: علي بن أبي طالب، وأبو سفيان بن الحارث، والفضل بن العباس، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وغيرهم. وثبت معه من المهاجرين: أبو بكر وعمر. فثبتوا حتى عاد الناس[3].
وفي سنن الدارمي "...وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِالظُّعُنِ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ رَأْسَهُ مِنْ الشِّقِّ الآخَرِ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنْ الشِّقِّ الآخَرِ"[4].
وروى الإمام أحمد بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة وهو مردف أسامة بن زيد فقال: "هذا الموقف وكل عرفة موقف...". وفي آخر الحديث "...ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَقَدْ أَفْنَدَ، وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ فِي الْحَجِّ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، فَيُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَهَا عَنْهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ". وَجَعَلَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْهَا". قال العباس: يا رسول الله، إني رأيتك تصرف وجه ابن أخيك. قال: "إني رأيت غلامًا شابًّا وجارية شابة، فخشيت عليهما الشيطان"[5].
وقد غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا، وشهد معه حجة الوداع، وشهد غسله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان يصب الماء على عليٍّ يومئذ[6]. وكان فيمن غسّل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولي دفنه[7].
أثر الفضل رضي الله عنه في الآخرين
من تلاميذه رضي الله عنه والذين رووا عنه أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم:
1- ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
2- رفيع بن مهران.
3- سليمان بن يسار.
4- عامر بن واثلة.
5- عباس بن عبيد الله بن عباس القرشي الهاشمي.
6- أبو هريرة (عبد الرحمن بن صخر).
7- عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي.
8- عكرمة مولى ابن عباس.
9- كريب بن أبي مسلم مولى ابن عباس.
بعض الأحاديث التي نقلها الفضل عن رسول الله
روى البخاري بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة[8].
وروى مسلم بسنده عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا "عليكم بالسكينة" وهو كافٌّ ناقته حتى دخل محسرًا وهو من منى، قال: "عليكم بحصى الخذف الذي يُرمى به الجمرة". وقال: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة.
وحدثنيه زهير بن حرب، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير بهذا الإسناد غير أنه لم يذكر في الحديث "ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة"، وزاد في حديثه: والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان[9].
وفي سنن النسائي عن الفضل بن العباس أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله، إن أمي عجوز كبيرة إن حملتها لم تستمسك، وإن ربطتها خشيت أن أقتلها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيه؟" قال: نعم. قال: "فحج عن أمك"[10].
وفاة الفضل رضي الله عنه
خرج رضي الله عنه مجاهدًا إلى الشام، فمات بناحية الأردن في طاعون عمواس سنة 18هـ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب[11]. لم يترك ولدًا إلا أم كلثوم تزوجها الحسن بن علي -رضي الله عنهما- ثم فارقها، فتزوجها أبو موسى الأشعري[12].
[1] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 5/375، ابن الأثير: أسد الغابة 4/388، ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1269.
[2] ابن الأثير: أسد الغابة 1/64، ابن عبد البر: الاستيعاب 1/59.
[3] ابن الأثير: أسد الغابة 6/155.
[4] سنن الدارمي: حديث رقم (1850)، 2/67.
[5] مسند أحمد: حديث رقم (564)، 2/8، 9.
التعليقات
إرسال تعليقك