جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
أنجولا تحارب الإسلام! مقال يوضح الخطوات الغريبة والشاذة وغير المسبوقة التي أقدمت عليها أنجولا باعتبارها الإسلام طائفة غير مرحب بها وهدم المساجد
فارق شاسع بين محاربة التطرف والغلو, سواء كان إسلاميًّا أو مسيحيًّا أو يهوديًّا، أو من أي مصدر آخر، والسعي لاستئصال شأفة دين كالإسلام تعمقت وترسخت جذوره في القارة الأفريقية، منذ قرون خلت, فالخطوة الغريبة والشاذة وغير المسبوقة في عالمنا المعاصر التي أقدمت عليها أنجولا باعتبارها الإسلام طائفة غير مرحب بها, والبدء في هدم المساجد بدعوي مواجهة التطرف الإسلامي, تخلو من المنطق وتثير علامات استفهام عديدة, حول خلفيات الإقدام عليها في هذا التوقيت علي وجه الخصوص.
فلم نسمع مثلاً أن أنجولا تعرضت لأعمال إرهابية نفذتها عناصر تدين بالإسلام، أو على صلة بتنظيم القاعدة, ولو افترضنا جدلاً أنها تعاني من مشكلة مع ثلة من المتشددين الإسلاميين -وهو ما لا تتوافر شواهد دالة عليه حتى الآن- فإن الحل ليس في إلغاء الإسلام وفرض حظر عليه؛ فالولايات المتحدة حينما استهدفتها هجمات الحادي عشر من سبتمبر بكل ما صاحبها من خسائر بشرية ومادية ونفسية جسيمة لم تعتبر الإسلام من الأديان غير المرغوبة في وجودها بالبلاد, والشيء نفسه حدث في أوربا التي وقعت فيها عمليات إرهابية دبر بعضها مسلمون متطرفون.
فالأمريكيون والأوربيون لم يُحَمِّلوا الإسلام كدين المسئولية؛ لكنهم أرجعوا الأمر إلى شطط أصاب عقول نفر من المسلمين الذين فسروا نصوص القرآن والأحاديث النبوية الشريفة بما يتماشى مع أفكارهم ومبادئهم غير السوية؛ ثم ألم تقدر السلطات الأنجولية عواقب قرارها غير الحميد, وأنها ستفتح أبواب جهنم ولن تستطيع إغلاقها؛ لأنها ستكون في بؤرة الاستهداف, وأنها مهما فعلت ولجأت إليه من إجراءات وقيود لن تتمكن من القضاء علي الإسلام فيها؟
كذلك ألم تضع في حساباتها القاصرة ردود فعل البلدان الإسلامية على هذه الخطوة؟ فأنجولا لن تكون موضع ترحيب من قبل العالم الإسلامي لمجاهرتها بالعداء لدين يعتنقه ملايين البشر في أرجاء المعمورة, ناهيك عن تداعيات ذلك الاقتصادية والمالية والسياسية عليها, فهل تظن أن المستثمرين المسلمين سيضخون أموالهم في دولة ترفع لافتة لا للإسلام؟ إن أنجولا مطالبة بالتراجع السريع عن قرارها, وتقديم اعتذار عما بدر منها, وأن تجهد حكومتها نفسها بالبحث عن حلول واقعية لمشكلاتها بعيدًا عن إثارة الفتن الدينية.
المصدر: صحيفة الأهرام
التعليقات
إرسال تعليقك