ملخص المقال
أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان بن الحكم، هي أميرة أموية، وهي زوجة الوليد بن عبد الملك وابنة عمه.
أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان بن الحكم، هي أميرة أموية، وهي زوجة الوليد بن عبد الملك وابنة عمه، وأنجبت له عبد العزيز؛ ومحمدًا؛ وعائشة، وهي أخت عمر بن عبد العزيز، توفيت سنة 117هـ.
اشتُهرت أم البنين بالكرم والإنفاق، فكانت تعتق كل جمعة رقبة، وتحمل على فرس في سبيل الله عز وجل، يقول إبراهيم بن أبي عبلة[1]: سمعت أم البنين تقول: «أف للبخل والله لو كان طريقًا ما سلكته ولو كان ثوبًا ما لبسته».
وكانت تقول: لكل قوم نَهمة في شيء، ونَهْمَتي في العطاء والصِّلة، وواللهِ إنَّ البذل والمواساة أحبُّ إليَّ من الطعام الطيِّب على الجوع، ومن الشراب البارد على الظمأ، وقالت: ما حسدتُ أحدًا على شيء إلا أن يكون في معروف، فإني كنتُ أُحبُّ أن أشرَكَه فيه، وكانت تقول أيضًا: البخيل من بخل على نفسه بالجنة.
ومع كل هذا الكرم والعطاء إلا أنَّ الذي يلفت النظر إلى أم البنين كقدوة ليس الإنفاق فقط، وهو أمر عظيم، ولكن زرعها للإنفاق في نفوس أبنائها، فقد أنجب زوجها الوليد بن عبد الملك ثمانية عشر أو عشرين ابنًا من زوجات عدَّة (قيل تزوَّج 63 مرة!) لم يُشتَهر منهم بالكرم إلا اثنين؛ هما من أبناء أم البنين: عبد العزيز ومحمد! هذه ليست مصادفة!
يقول محمد بن الوليد: إني لا أحب أن أسأل[2]، ويقول عبد العزيز بن الوليد: والله لا يرمقني رجل ببصره ولا يبسط إليَّ لسانه إلا أعطيته فامنعوني أو دعوا[3]، ولذا كانوا يقولون في عبد العزيز: لو وضع بنو الوليد في كفه ميزان وعبد العزيز في كفة لرجح بهم عبد العزيز (كان مرشحًا للخلافة بعد سليمان، وكان الوليد يريده، لولا أن سليمان استخلف عمر بن عبد العزيز ومن بعده يزيد)
واقع الأمر أنها لم تزرع فيهم هذه الصفة الصعبة صفة الكرم بالكلمات الجميلة فقط، ولكن بالقدوة الحسنة، والفعل المتكرِّر، هذا هو الذي يمكن أن يغالب الفطرة المجبولة على حبِّ المال، والكنز، والبخل:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100].
روى البخاري عن عبد الله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا، وَلاَ يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ»[4]، لا يملأ جوف ابن آدم إلا الموت، أي لا يشبع من الدنيا إلا بالموت، ومع ذلك فالتخلُّص من هذه الذميمة ممكن، ولذا عقَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحديث بقوله: «.. وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ»، وفي هذا إشارة إلى أن جبلَّة البخل جارية مجرى الذنب، والحريص على التوبة منها سيوفِّقه الله تعالى.
شبيه ذلك قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: 16]، فشحُّ النفس جبلَّة، أي فطرة، والذي يحرص على الوقاية منه مُفْلِح[5].
[1] إبراهيم بن أبي عبلة: من ثقات التابعين
([2]) البَلَاذُري: جمل من أنساب الأشراف، 8/68.
([3]) البَلَاذُري: جمل من أنساب الأشراف، 8/70.
[4] البخاري: كتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال (6072).
[5] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا: أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان وتوريث الأبناء الكرم
التعليقات
إرسال تعليقك