ملخص المقال
ما هي أعمال الحج؟ وكيف يوديها الحاج؟ حول هذا يكتب فضيلة السخ محمد بن صالح العثيمين
الإحرامُ بالحجِّ:
إذا كان ضُحى يومِ التروية -وهو اليومُ الثامنُ من ذي الحجة- أحرم من يريد الحجَّ بالحجِّ من مكانه الذي هو نازلٌ فيه.
ولا يُسَنُّ أن يذهبَ إلى المسجد الحرام أو غيره من المساجد فَيُحرم منه؛ لأنّ ذلك لم يرد عن النبي ، ولا عن أصحابه فيما نعلم.
ففي الصحيحين من حديث جابر -رضى الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: "أقيموا حلالاً حتى إذا كان يومُ التروية فأهِلُّوا بالحج...".
ولمسلمٍ عنه رضى الله عنه قال: "أمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لما أحللنا أن نُحرِم إذا توجهنا إلى مِنى، فأهللنا من الأبطح". وإنّما أهلوا من الأبطح؛ لأنّه مكان نزولهم.
ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة، فيغتسل ويتطيب ويصلي سنة الوضوء، ويُهل بالحج بعدها. وصفة الإهلال والتلبية بالحج كصفتهما في العمرة، إلاّ أنّه في الحج يقول: "لبيك حجًّا"، بدل: "لبيك عمرة"، ويشترطُ أن "مَحلِّي حيث حبستني" إن كان خائفًا من عائق يمنعه من إتمام نسكه، وإلاّ فلا يشترط.
الخروج إلى منى
ثم يخرج إلى منى فيُصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرًا من غير جمع؛ لأنّ النبي فعل كذلك.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضى الله عنه قال: "فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب النبي فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر".
وفي صحيح البخاري من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صَدْرًا من خلافته". ولم يكن يجمع في منى بين الصلاتين في الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء، ولو فعل ذلك لنُقلَ كما نُقل جمعه في عرفة ومزدلفة.
ويقصر أهل مكة وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي بالنّاس في حجة الوداع في هذه المشاعر ومعه أهل مكة، ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان الإتمام واجبًا عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح، حين قال لهم: "أتموا يا أهل مكة، فإنّا قوم سَفْر".
لكن حيث امتد عمران مكة فشمل منى وصارت كأنّها حي من أحيائها، فإنّ أهل مكة لا يقصرون فيها.
الوقوف بعرفة
فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سارَ من منى إلى عرفة، فنزل بنَمِرَة إلى الزوال إن تَيسر له، وإلاّ فلا حرج عليه؛ لأنّ النزول بنمرة سنةٌ لا واجب.
فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين، يجمع بينهما جمعَ تقديم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضى الله عنه قال: "وأمر -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- بقُبة من شعر تُضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحِلَت له، فأتى بطن الوادي فخطب النّاس، ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئًا.
ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غَرَبت الشمسُ". والقصر والجمع في عرفة لأهل مكة وغيرهم.
وإنّما كان الجمع جمع تقديم ليتفرغ النّاس للدعاء، ويجتمعوا على إمامهم، ثم يتفرقوا على منازلهم، فالسنة للحاج أن يتفرغ في آخر يوم عرفة للدعاء والذكر والقراءة، ويحرص على الأذكار والأدعية الواردة عن النبي ؛ فإنّها من أجمع الأدعية وأنفعها، فيقول:
- اللَّهُمّ لك الحمد كالذي نقول، وخيرًا مما نقول، اللَّهُمّ لك صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي، وإليك ربِّ مآبي، ولك رب تُراثي.
- اللَّهُمّ إني أعوذُ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر، وشتات الأمر.
- اللَّهُمّ إني أعوذ بك من شر ما تَجيء به الريحُ.
- اللَّهُمّ إنّك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلمُ سِرّي وعلانيتي، لا يخفى عليك شيءٌ من أمري، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المُقِرّ المعترف بذنوبي، أسألك مسألة المسكين، وابتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوكَ دعاءَ من خَضَعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذلّ لك جسده، ورَغم لك أنفه.
- اللَّهُمّ لا تجعلني بدعائك ربِّ شقيًّا، وكن بي رءوفًا رحيمًا، يا خير المسئولين، ويا خيرَ المعطين.
- اللَّهُمّ اجعل في قلبي نورًا، وفي سَمعي نورًا، وفي بصري نورًا.
- اللَّهُمّ اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، اللَّهُمّ إني أعوذ بك من شرِّ ما يلج في الليل، وشَرِّ ما يلجُ في النهار، وشرِّ ما تهبُّ به الرياحُ، وشرِّ بوائق الدهر.
- اللَّهُمّ ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذابَ النار.
- اللَّهُمّ إني ظلمت نفسي فاغفر لي، إنك أنت الغفور الرحيم.
- اللَّهُمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء، ومن دَرك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتةِ الأعداء.
- اللَّهُمّ إني أعوذ بك من الهمّ والحَزن، والعجز والكسل، والجُبن والبُخل، وضِلَعِ الدينِ، وغَلبة الرجال، وأعوذُ بك من أن أُرَدَّ إلى أرذلِ العُمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا.
- اللَّهُمّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، ومن شرِّ فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر.
- اللَّهُمّ اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبَرَد، ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب.
فالدعاء يومَ عرفة خيرُ الدعاء.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير".
وإذا لم يُحِط بالأدعية الواردة عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، دعا بما يعرفُ من الأدعية المباحة. فإذا حصل له مَللٌ، وأراد أن يستجم بالتحدث مع رفقته بالأحاديث النافعة، أو مُدارسة القرآن، أو قراءة ما تيسر من الكُتب المفيدة، خُصوصًا ما يتعلق بكرم الله تعالى وجزيل هباته؛ ليقوي جانب الرجاء في هذا اليوم، كان حَسنًا، ثم يعود إلى الدعاء والتضرع إلى الله، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء.
وينبغي أن يكون حال الدعاء مستقبلاً القبلة، وإن كان الجبل خلفه أو يمينه أو شماله؛ لأنّ السنة استقبال القبلة، ويرفع يديه، فإن كان في إحداهما مانعٌ رفع السليمة؛ لحديث أُسامة بن زيد رضى الله عنه قال: "كنت رِدفَ النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خِطامها، فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافعٌ الأخرى"[1].
ويُظهر الافتقار والحاجة إلى الله ، ويُلح في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة.
ولا يعتدي في دعائه بأن يسأل ما لا يجوز شرعًا، أو ما لا يُمكن قَدَرًا، فقد قال الله تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]. وليتجنب أكل الحرام فإنّه من أكبر موانع الإجابة، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله طيب لا يقبل إلاّ طيبًا...". وفيه: ثم ذكر "الرجل يطيل السفرَ أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يا ربّ يا ربّ، ومطعمهُ حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذِي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك".
فقد استبعد النبي إجابة من يتغذى بالحرام ويلبس الحرام مع توفر أسباب القَبول في حَقه؛ وذلك لأنه يتغذى بالحرام.
وإذا تيسر له أن يقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الصخرات فهو أفضل، وإلاّ وقف فيما تيسر له من عرفة؛ فعن جابر رضى الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نحرتُ ها هنا ومِنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجَمْعٌ -يعني مزدلفة- كلها موقف"[2].
ويجب على الواقف بعرفة أن يتأكد من حدودها، وقد نُصبت عليها علامات يجدها من يتطلبها، فإنّ كثيرًا من الحجاج يتهاونون بهذا فيقفون خارج حدود عرفة جهلاً منهم، وتقليدًا لغيرهم، وهؤلاء الذين وقفوا خارج حدود عرفة ليس لهم حج؛ لأنّ الحج عرفة، لما روى عبد الرحمن بن يَعمر "أنّ أُناسًا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقفٌ بعرفة فسألوه، فأمر مُناديًا ينادي: الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثةَ أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. وأردف رجلاً ينادي بهن"[3].
فتجب العناية بذلك، وطلب علامات الحدود حتى يتيقن أنّه داخل حدودها.
ومن وقف بعرفة نهارًا وجبَ عليه البقاءُ إلى غروب الشمس؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف إلى الغروب، وقال: "لتأخذوا عني مناسككم"، ولأنّ الدفع قبل الغروب من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بمخالفتها.
ويَمتد وقتُ الوقوف بعرفة إلى طلوع الفجر يوم العيد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من جاء ليلة جمعٍ قبل طلوع الفجر فقد أدركَ".
فإن طلع الفجر يوم العيد قبل أن يقف بعرفة، فقد فاته الحج.
فإن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه "إن حبسني حابس فمَحلِّي حيث حَبَستني"، تحلل من إحرامه ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط فإنّه يتحلل بعمرة فيذهب إلى الكعبة، ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق، وإن كان معه هدي ذبحه، فإذا كان العام القادم قضى الحج الذي فاته، وأهدى هديًا، فإن لم يجد صام عشرة أيّام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لما روى مالك في "الموطأ" أنّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه أمر أبا أيوب وهبّار بن الأسود حين فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يُحِلاَّ بعمرةٍ، ثم يرجعا حلالاً ثم يَحجا عامًا قابلاً ويهديا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
المبيت بمزدلفة
ثم بعد الغروب يدفع الواقف بعرفة إلى مزدلفة فَيُصلي بها المغرب والعشاء، يُصلي المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين.
وفي الصحيحين عن أُسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: دفع النبي من عرفة فنزل الشِّعب، فبال ثم توضأ ولم يُسبِغ الوضوء، فقلت: يا رسول الله، الصلاة! قال: "الصلاة أمامك" فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أُقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كلُّ إنسانٍ بعيره في منزله ثم أُقيمت العشاء فصلاها.
فالسُّنة للحاج أن لا يُصلي المغرب والعشاء إلاّ بمزدلفة اقتداءً برسول الله ، إلاّ أنّ يخشى خروج وقت العشاء بمنتصف الليل، فإنّه يجب عليه أن يُصلي قبل خروج الوقت في أي مكانٍ كان.
ويبيت بمزدلفة، ولا يُحيي الليل بصلاة ولا بغيرها؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك.
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بِجَمعٍ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا ولا على إثر كل واحدة منهما".
وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضى الله عنه "أنّ النبي أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذانٍ واحد وإقامتين، ولم يُسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر".
ويجوز للضعفة من رجال ونساء أن يدفعوا من مزدلفة بليل في آخره.
ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: "بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَحَرٍ من جَمعٍ في ثِقَلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أنّه كان يُقَّدِّمُ ضَعفةَ أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يدفعون، فمنهم من يَقدم مِنى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رَمَوا الجمرة»، وكان ابن عمر يقول: "أرخَصَ في أولئك رسول الله ".
وأمّا مَن ليس ضعيفًا ولا تابعًا لضعيف، فإنّه يبقى بمزدلفة حتى يُصلي الفجر اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "استأذنتْ سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة تدفعُ قَبله وقبل حَطمة الناس، وكانت امرأة ثَبِطَةً، فأَذِنَ لها وحَبَسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه، ولأن أكون استأذنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت سَودةُ فأكون أدفعُ بإذنه، أحبّ إليَّ من مَفروحٍ به".
وفي رواية أنّها قالت: "فليتني كنتُ استأذنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة".
فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبره وهلّله ودعا بما أحب حتى يسفر جدًّا.
وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وقفتُ ها هنا، وجمعٌ كلها موقف".
السيرُ إلى منى والنزول فيها
ينصرف الحجاج المقيمون بمزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس عند الانتهاء من الدعاء والذكر، فإذا وصلوا إلى مِنى عملوا ما يأتي:
1- رمي جمرة العقبة وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة في منتهى منى، فيلقطُ سبع حصيات مثل حصا الخَذْفِ، أكبر من الحمص قليلاً، ثم يرمي بهن الجمرة، واحدةً بعد واحدةٍ، ويرمي من بطن الوادي إن تيسر له، فيجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه، لحديثِ ابن مسعود رضى الله عنه: أنّه انتهى إلى الجمرة الكُبرى، فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ورمى بسبع وقال: "هكذا رمى الذي أُنزلت عليه سورةُ البقرة"[4].
ويُكبر مع كل حصاةٍ فيقول: "الله أكبر". ولا يجوزُ الرمي بحصاة كبيرة، ولا بالخفاف والنعال، ونحوها.
ويَرمي خاشعًا خاضعًا مُكبرًا الله، ولا يفعل ما يفعله كثيرٌ من الجهال من الصياح واللغط والسب والشتم؛ فإنّ رَمي الجمار من شعائر الله: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "إنّما جُعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمارِ لإقامة ذكر الله".
ولا يندفع إلى الجمرة بعنف وقوة، فيؤذي إخوانه المسلمين أو يضرهم.
2- ثم بعد رمي الجمرة يذبح الهدي إن كان معه هدي، أو يشتريه فيذبحه.
وقد تقدم بيان نوع الهدي الواجب، وصفته، ومكان ذبحه وزمانه، وكيفية الذبح، فَليُلاحَظ.
3- ثم بعد ذبحِ الهدي يحلق رأسه إن كان رجلاً أو يقصّره، والحلق أفضل؛ لأنّ الله قدمه فقال: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27]؛ ولأنّه فِعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى منى، فأتى الجمرة، فرماها ثم أتى منزله بمنى ونَحَرَ ثم قال للحلاق: "خُذْ. وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يُعطيه النّاس"[5].
ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمُحَلقين بالرحمة والمغفرة ثلاثًا، وللمُقَصرين مرة. ولأنّ الحلق أبلغ تَعظيمًا لله عز وجل، حيث يُلقي به جميعَ شعرِ رأسِه.
ويجب أن يكون الحلق أو التقصير شاملاً لجميع الرأس، لقوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27].
والفعل المضاف إلى الرأس يشمل جميعه، ولأنّ حلق بعض الرأس دون بعض منهي عنه شرعًا، لما في الصحيحين عن نافع عن ابن عُمر أنّ النبي نهى عن القَزع، فقيل لنافع: ما القزعُ؟ قال: أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضًا. وإذا كان القزعُ منهيًّا عنه، لم يصحَّ أن يكون قُربة إلى الله؛ ولأنّ النبي حَلَق جميع رأسه تعبدًا لله عز وجل وقال: "لِتَأخذوا عني مناسككم".
وأمّا المرأة فتقصر من أطراف شعرها بقدر أُنملة فقط.
فإذا فعل ما سبق حَلَّ له جميع محظورات الإحرام ما عدا النّساء، فيحل له الطيب واللباس وقص الشعر والأظافر، وغيرها من المحظورات ما عدا النساء.
والسنة أن يتطيب لهذا الحِلِّ، لقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أُطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يُحرم، ولحلِّه قبل أن يطوف بالبيت"[6].
وفي لفظ له: "كنت أطيب النبي قبل أن يُحرم ويومَ النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيبٍ فيه مِسكٌ".
4- الطواف بالبيت، وهو طواف الزيارة والإفاضة، لقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
وفي صحيح مسلم عن جابر رضى الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر...".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "حَجَجنا مع رسول الله فأفضنا يومَ النحرِ..."[7].
وإذا كان مُتمتعًا أتى بالسعي بعد الطواف؛ لأنّ سعيه الأول كان للعمرة، فلزمه الإتيان بسعي الحج.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "فطاف الذين كانوا أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلُّوا ثم طافوا طوافًا آخرَ بعد أن رجعوا من مِنى لحجهم، وأمّا الذين جَمَعوا الحج والعمرة فإنّما طافوا طوافًا واحدًا".
وفي صحيح مسلم عنها أنّها قالت: "ما أتمّ الله حج امرئ ولا عُمرته لم يطف بين الصفا والمروة". وذكره البخاري تعليقًا.
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ثم أَمَرَنا -يعني رسول الله - عشية التروية أن نُهِلَّ بالحج، فإذا فَرغنا من المناسك جِئنا فَطُفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وقد تم حَجُّنا وعلينا الهدي"[8].
وإذا كان مفردًا أو قارنًا فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم لم يُعِدِ السعي مرة أخرى، لقول جابر رضى الله عنه: "لم يَطفُ النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلاّ طوافًا واحدًا، طوافَه الأول"[9].
وإن كان لم يَسْعَ وجب عليه السعي؛ لأنّه لا يتمُّ الحج إلاّ به، كما سبق عن عائشة رضي الله عنها.
وإذا طاف طواف الإفاضة وسعى للحج بعده أو قبله إن كان مُفردًا أو قارنًا، فقد حلّ التحلل الثاني، وحلَّ له جميع المحظورات؛ لما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ونحر هَديَه يومَ النحر وأفاضَ فطافَ بالبيت، ثم حلَّ من كل شيء حُرِمَ منه".
والأفضل أن يأتي بهذه الأعمال يومَ العيد مُرتبة، كما يلي:
1- رمي جمرة العقبة.
2- ذبح الهدي.
3- الحلق أو التقصير.
4- الطواف ثم السعي إن كان متمتعًا أو كان مُفردًا أو قارنًا، ولم يَسعَ مع طواف القدوم؛ لأنّ النبي رتبها هكذا وقال: "لتأخذوا عني مناسككم".
فإن قدّم بعضها على بعض فلا بأس لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنّ النبي قيلَ له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال: "لا حرج"[10].
وللبخاري عنه قال: كان النبي يُسأل يومَ النحر بمنى؟ فيقول: "لا حرج". فسأله رجلٌ فقال: حلقتُ قبل أن أذبحَ، قال: "اذبح ولا حرج". وقال: رميت بعد ما أمسيت قال: "لا حرج".
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أنّ النبي سُئل عن تقديم الحلقِ على الرمي، وعن تقديم الذبح على الرمي، وعن تقديم الإفاضة على الرمي، فقال: "ارم ولا حرج". قال: فما رأيته سُئل يومئذٍ عن شيء، إلاّ قال: "افعلوا ولا حرج"
وإذا لم يتيسر له الطواف يومَ العيد جاز تأخيره، والأَولى أن لا يتجاوزَ به أيّامَ التشريق إلاّ من عُذرٍ كمرضٍ وحيضٍ ونفاسٍ.
الرجوعُ إلى منى للمبيت ورَمْيُ الجمار
يرجع الحاج يوم العيد بعد الطواف والسعي إلى منى، فيمكثُ فيها بقيةَ يوم العيد وأيّام التشريق ولياليها؛ لأنّ النبي كان يمكث فيها هذه الأيّام والليالي، ويلزمه المبيت في منى ليلةَ الحادي عشر وليلة الثاني عشر وليلة الثالث عشر إن تأخر؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم باتَ فيها، وقال: "لتأخذوا عني مناسككم".
ويجوز ترك المبيت لعذرٍ يتعلق بمصلحة الحج أو الحجاج؛ لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أنّ العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فَأَذِنَ له".
وعن عاصم بن عدي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص لرعاء الإبل في البيتوتة عن مِنى...[11].
ويرمي الجمرات الثلاث في كل يومٍ من أيّام التشريق كل واحدة بسبع حصيات مُتعاقبات، يكبر مع كل حصاة ويرميها بعد الزوال.
فيرمي الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف، ثم يتقدم فيسهّل فيقومُ مستقبل القبلة قيامًا طويلاً فيدعو وهو رافعٌ يديه. ثم يرمي الجمرة الوسطى، ثم يأخذُ ذات الشمال فيسهّل فيقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلاً، فيدعو وهو رافعٌ يديه. ثمّ يرمي جمرةَ العقبةِ، ثم ينصرف ولا يقفُ عندها.
هكذا رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل كذلك.
وإذا لم يتيسر له طول القيام بين الجمار، وقَفَ بقدر ما يتيسر له ليحصل إحياء هذه السنة التي تركها أكثرُ النّاس، إمّا جهلاً أو تهاونًا بهذه السنة.
ولا ينبغي ترك هذا الوقوف فتضيع السنة، فإنّ السنة كلّما أُضيعت كان فعلها أوكد؛ لحصول فضيلة العمل ونَشِر السنة بين النّاس.
والرمي في هذه الأيّام -أعني أيّام التشريق- لا يجوز إلاَّ بعد زوال الشمس؛ لأنّ النبي لم يَرمِ إلاّ بعد الزوال، وقد قال: «لتأخذوا عني مناسككم». فعن جابر رضى الله عنه قال: "رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضُحًى، وأما بعدُ فإذا زالت الشمس.[12]
وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يفعلون.
ففي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، سُئل: متى أرمي الجمار؟ قال: "كنا نتحيَّن، فإذا زالت الشمس رمينا".
وإذا رمى الجمارَ في اليوم الثاني عشر فقد انتهى من واجب الحج فهو بالخيار إن شاء بقي في منى لليوم الثالث عشر ورمى الجمار بعد الزوال، وإن شاء نفر منها لقوله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203].
والتأخرُ أفضلُ لأنّه فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنّه أكثر عملاً حيث يحصل له المبيت ليلة الثالث عشر، ورمي الجمار من يومه.
لكن إذا غربت الشمس في اليوم الثاني عشر قبل نفره من منى فلا يتعجل حينئذٍ؛ لأنّ الله سبحانه قال: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203]، فقيّد التعجل في اليومين، ولم يُطلق، فإذا انتهت اليومان فقد انتهى وقتُ التعجل، واليوم ينتهي بغروب شمسه.
وفي "الموطأ" عن نافع أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: "من غَرَبت له الشمس من أواسط أيّام التشريق وهو بمنى، فلا يَنفر حتى يرمي الجمار من الغد". لكن إذا كان تأخره إلى الغروب بغير اختياره مثل أن يتأهب للنفر ويشد رحله فيتأخر خروجه من منى بسبب زحام السيارات أو نحو ذلك، فإنّه ينفرُ ولا شيء عليه ولو غربت الشمس قبل أن يخرج من منى.
الاستنابة في الرمي
رمي الجمار نسك من مناسك الحج، وجزءٌ من أجزائه، فيجب على الحاج أن يقومَ به بنفسه إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، سواءٌ كان حجه فريضة أم نافلة، لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [البقرة: 196].
فالحج والعمرة إذا دخل فيهما الإنسان وجب عليه إتمامهما وإن كانا نفلاً. ولا يجوز للحاج أن يُوكِّل مَنْ يرمي عنه إلاّ إذا كان عاجزًا عن الرمي بنفسه لمرضٍ أو كِبَر أو صِغَر أو نحوها، فيوكّل من يثق بعلمه ودينه فيرمي عنه، سواء لقَطَ المُوَكل الحصا وسلمها للوكيل، أو لقطها الوكيلُ ورمى بها عن موكله.
وكيفية الرمي في الوكالة أن يَرمي الوكيل عن نفسه أولاً سبعَ حَصيات، ثم يَرمي عن موكله بعد ذلك، فَيُعينه بالنيةِ.
ولا بأس أن يَرمي عن نفسه وعمن وكله في موقفٍ واحدٍ، فلا يلزمه أن يكمل الثلاث عن نفسه، ثم يرجع عن موكله، لعدم الدليل على وجوب ذلك.
طواف الوداع
إذا نَفَرَ الحاج من منى وانتهت جميع أعمال الحج، وأراد السفر إلى بلده فإنّه لا يخرجُ حتى يطوف بالبيت للوداع سبعةَ أشواط؛ لأنّ النبي طاف للوداع وكان قد قال: «لتأخذوا عني مناسككم».
ويجبُ أن يكون هذا الطوافُ آخر شيء يفعلهُ بمكة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النّاس ينصرفون في كلِّ وجهٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينفرَنَّ أحدٌ حتى يكون آخرَ عهده بالبيت"[13].
فلا يجوز البقاء بعده بمكة، ولا التشاغل بشيء إلاّ ما يتعلق بأغراض السفر وحوائجه؛ كشد الرحل وانتظار الرفقة، أو انتظار السيارة، إذا كان قد وَعَدَهم صَاحبها في وقتٍ معين فتأخر عنه، ونحو ذلك.
فإن أقام لغير ما ذُكر وَجَبَ عليه إعادة الطواف ليكون آخرَ عهده بالبيتِ.
ولا يجب طواف الوداع على الحائض والنُّفساء، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أُمِرَ النّاس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلاّ أنّه خفف عن الحائض"[14].
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: حاضت صفية بنت حُيَيّ بعدما أفاضت، قالت عائشة: فَذَكرت حَيضتها لرسول الله فقال: "أحابستنا هي؟" فقلت: يا رسول الله، إنّها قد كانت أفاضَت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة. فقال النبي : "فَلتنفر". والنفساء كالحائض لأنّ الطواف لا يصح منها.
مجمل أعمال الحج
عمل اليوم الأول وهو اليوم الثامن:
1- يُحرمُ بالحج من مكانه فيغتسل ويتطيب ويلبس ثيابَ الإحرام ويقول: "لبَّيْك حجًّا، لبيك اللّهم لبيك، لبَّيْك لا شريك لك لبَّيْك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
2- يتوجه إلى منى فيبقى فيها إلى طُلوعِ الشمسِ في اليوم التاسع، ويُصلي فيها الظهر من اليوم الثامن، والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل صلاة في وقتها، ويقصُر الرباعية.
عمل اليوم الثاني وهو اليوم التاسع:
1- يتوجه بعد طلوع الشمس إلى عرفة، ويُصلي الظهر والعصر قصرًا وجمعَ تقديمٍ، وينزل قبل الزوال بنمرة إن تيسر له.
2- يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء مستقبل القبلةِ، رافعًا يديه إلى غُروب الشمس.
3- يتوجه بعد غروب الشمس إلى مُزدلفة، فَيُصلي فيها المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين، ويبيتُ فيها حتى يطلع الفجر.
4- يُصلي الفجر بعد طلوع الفجر، ثم يتفرغ للذكر والدعاء حتى يُسفرَ جدًّا.
5- يتوجه قبل طلوع الشمس إلى مِنى.
عمل اليوم الثالث وهو يوم العيد:
1- إذا وصل إلى منى، ذهب إلى جمرة العقبة، فرماها بسبع حَصَياتٍ مُتعاقبات، واحدةً بعد الأخرى، يكبر مع كل حصاة.
2- يذبحُ هَديه إن كان له هديٌ.
3- يحلق رأسه أو يُقصره. ويتحلل بذلك التحلُّلَ الأولَ، فيلبس ثيابه ويتطيب وتحِلُّ له جميع محظورات الإحرام سوى النّساء.
4- ينزل إلى مكة فيطوف بالبيت طواف الإفاضة، وهو طوافُ الحج، ويسعى بين الصفا والمروة للحج، إن كان متمتعًا، وكذلك إن كان غير متمتع ولم يكن سَعَى مع طواف القدوم.
وبهذا يَحل التحلل الثاني، ويَحل له جميع محظورات الإحرام حتى النّساء.
5- يرجع إلى منى فيبيت فيها ليلة الحادي عشر.
عمل اليوم الرابع وهو الحادي عشر:
1- يَرمي الجمرات الثلاث، الأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات يُكبر مع كل حصاة، يرميهن بعد الزوال ولا يجوز قبله. ويلاحظ الوقوف للدعاء بعد الجمرة الأولى والوسطى.
2- يبيت في منى ليلة الثاني عشر.
عمل اليوم الخامس وهو الثاني عشر:
1- يرمي الجمرات الثلاث كما رماهُنَّ في اليوم الرابع.
2- ينفر من منى قبل غروب الشمس إن أراد التعجل، أو يبيت فيها إن أراد التأخر.
عمل اليوم السادس وهو الثالث عشر:
هذا اليوم خاص بمن تأخر ويعمل فيه:
1- يرمي الجمرات الثلاث كما سبق في اليومين قَبلَه.
2- يَنفر من منى بعد ذلك.
وآخر الأعمال طواف الوداع عند سفره، والله أعلم.
[1] رواه النسائي.
[2] رواه أحمد ومسلم.
[3] رواه الخمسة.
[4] متفق عليه.
[5] رواه مسلم.
[6] متفق عليه واللفظ لمسلم.
[7] متفق عليه.
[8] ذكره البخاري في (باب ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).
[9] رواه مسلم.
[10] متفق عليه.
[11] الحديث رواه الخمسة وصححه الترمذي.
[12] رواه مسلم.
[13] رواه مسلم.
[14] متفق عليه.
التعليقات
إرسال تعليقك