جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
يرتكب الصهاينة يوميا الكثير من التجاوزات بحق إخواننا بفلسطين، وآخر هذه الجرائم مداهمته لساحات الأقصى.. فمن للمصلين بالأقصى من بطش الاحتلال؟
إنه لمن المؤسف أن يتبارى المسئولون لدينا نحن العرب في التعليق على سفاسف الأحداث ومحقرات الأمور، في الوقت الذي تخرس فيه ألسنتهم، وتصم فيه آذانهم عما يحدث لأهلنا في فلسطين، وما يحاك لهم جهارًا نهارًا من قِبل الكيان اليهودي المغتصب! وفي المقابل لا نرى في الغرب سوى بيانات شجب للعنف الإسرائيلي، رغم حالة الصفاء والوئام المتبادلة بين الجانبين، ويؤكد ذلك كثرة الامتيازات الغربية الممنوحة لإسرائيل وقوة العلاقات المتبادلة بين الجانبين، ناهيك عن كون الغرب هو المُوجِد لهذا الكيان الصهيوني، وهو من ظلَّ يرعاه حتى صارت له دولة.
وما من يوم يمر إلا ولهذا الكيان الصهيوني الكثير من التجاوزات بحق إخواننا في فلسطين، وكان من آخر هذه الجرائم مداهمته لساحات المسجد الأقصى واقتحامه وإخراج المصلين منه، حيث ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اقتحمت المسجد الأقصى المبارك، خلال أداء نحو 20 مصليًا معتكفًا لصلاة قيام الليل بالمسجد القبلي، وأجبرتهم على الخروج منه، كما احتجزت إمام المسجد وهو ساجد واقتادته إلى جهة مجهولة.
كما ذكرت (وفا) أن القوات "الإسرائيلية" المتمركزة على بوابات المسجد الأقصى فرضت "إجراءات تفتيش مشددة بحق الشبان خلال توجههم لأداء صلاة الفجر في المسجد"، كما قالت الوكالة: إن "الجماعات اليهودية المتطرفة"، استأنفت يوم الخميس، اقتحامها للمسجد الأقصى من بوابة المغاربة "عبر مجموعات مصغرة ومتتالية وبحماية وحراسة عناصر من شرطة الاحتلال".
وقد أدت هذه التجاوزات إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين عشرات الشبان الفلسطينيين وجنود الاحتلال الصهيوني في منطقة كفر عقب وقلنديا ورأس العامود في القدس المحتلة، حسبما أفاد المركز الفلسطيني للإعلام.
وتأتي هذه الأعمال وسط حالة من الصمت الدولي والعربي بل والفلسطيني أيضًا، حيث تقف السلطة الفلسطينية ساكنة أمام هذه التجاوزات، زاعمة أن المفاوضات والطرق السلمية هي طريقها المختار، وهو عبث لا نتيجة له سوى ضياع القدس وفلسطين، وهو الأمر الذي أشار إليه "فوزي برهوم" المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حيث بيّن أن اقتحام قوات الاحتلال للأقصى يأتي في إطار فرض السياسة الصهيونية على المقدسات الإسلامية، وينمّ عن توجه عنصري حقير من قِبل حكومة الاحتلال التي تدعم كل الانتهاكات بحق المسجد الأقصى وبحق شعبنا الفلسطيني... وأن هذا الإمعان في الحرب الدينية التي يشنها الاحتلال على المقدسات الإسلامية، يأتي في إطار غياب شبكة الأمان العربية والإسلامية على الأقصى والمقدسات، ويأتي مع تماشي السلطة بالشروع في المفاوضات التي تنادي بها وتدعمها الإدارة الأمريكية.
وأدان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين استباحة المستوطنين وجنود الاحتلال المسجد الأقصى المبارك على أفواج متفرقة، وذلك بحراسة مشددة من قِبل هذه القوات وقيامهم بالتقاط صور جماعية برزت فيها صور بعض الحركات المشينة، وأكد على أن هذه الاستباحة مستفزة، خاصة وأنها تأتي في أيام شهر رمضان المبارك، مشيرًا إلى أن هذا الاقتحام جزء لا يتجزأ من مسلسل الاعتداءات على المساجد الفلسطينية، والذي يأتي ضمن سياسة مبرمجة ومتواصلة.
وناشد الشيخ محمد حسين كل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك ضرورة شد الرحال إليه، والرباط فيه، وإعماره بالصلاة؛ لتفويت الفرصة على المحتلين.
يُذكر أن مسألة دور العبادة لا سيما المساجد، تمثل واحدة من أكبر الملفات أهمية لدى الاحتلال الإسرائيلي؛ لذلك فهو يسعى من حين لآخر إلى التضييق على المسلمين هناك وفرض قيود خاصة للصلاة في المساجد لا سيما المسجد الأقصى، إضافة إلى ذلك فإن الأقصى يتعرض للكثير من المكائد بهدف هدمه وإحلال هيكل اليهود المزعوم مكانه.
وقد لخَّص كتاب "معاناة القدس والمقدسات تحت الاحتلال الإسرائيلي" جملة من هذه المكائد، فبيَّن مؤلفا الكتاب أن السلطات الإسرائيليَّة سعت إلى تحقيق وجود يهودي دائم ومباشر في المسجد الأقصى ومحيطه، وحاولت جعله منطقة متنازع عليها مع المسلمين، وعملت على التهيئة لمصادرة أجزاء منه والسيطرة عليه في مراحل لاحقة، تمهيدًا لبناء ما يسمى الهيكل الثالث.
وأنه قد جرى 40 اعتداءً على المسجد الأقصى في الفترة 1967م إلى 1990م، ولم تنفع التسوية السلميَّة واتفاقات أوسلو في وقف الاعتداءات، حيث تم تسجيل 72 اعتداء خلال الفترة من 1993م إلى 1998م، وفي الفترة ما بين 21/8/ 2006م إلى 21/8/ 2008م بلغ مجموع هذه الاعتداءات على المسجد الأقصى 21 اعتداءً. أما في الفترة ما بين 21/8 /2008م إلى 21/8/ 2009م فقد بلغت الاعتداءات 43 اعتداء، وهذا يدل على ضراوة الهجمة الصهيونيَّة وتصاعدها في السنوات الأخيرة.
وأشار مؤلفا الكتاب أيضًا إلى أن أبرز الاعتداءات كانت عمليَّة إحراق المسجد الأقصى في21/8/1969م، والتي اتهم فيها مسيحي متعصب يدعى دينيس مايكل روهان، ينتمي إلى كنيسة الله، وقد أخلت سلطات الاحتلال سبيل "روهان" بعد محاكمة صوريَّة حكمت بأنه لا يتحمل مسئوليَّة جنائية لأنه مجنون، إضافةً إلى أنها تلكأت في المساعدة على إطفاء الحريق، بل وعرقلت جهود المسلمين الذين اندفعوا بالآلاف لإطفائه.
المصدر: موقع مركز التأصيل للدراسات والبحوث.
التعليقات
إرسال تعليقك