جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
لقد مَرَّ بنا في الواقع المعاصر العديد من الأزمات والصراعات الدمويَّة التي راح ضحيَّتها الملايين من البشر دون ذنبٍ أو جريرة، إلَّا لأنَّهم تواجدوا في
الطريق إلى الهاوية
لقد مَرَّ بنا في الواقع المعاصر العديد من الأزمات والصراعات الدمويَّة التي راح ضحيَّتها الملايين من البشر دون ذنبٍ أو جريرة، إلَّا لأنَّهم تواجدوا في زمانٍ لا تعترف قواه الكبرى إلَّا بمنطق القوَّة المفرطة، ولا تُعلي أيَّ قيمةٍ قدر إعلائها لمصالحها الذاتيَّة القريبة، وهي لا تتورَّع عن اقتراف أيِّ فعلٍ في سبيل تنحية أيِّ عائقٍ يُعَطِّلها عن بلوغ أهدافها.
لقد مرَّت البشريَّة في تاريخنا القريب بسلسلةٍ من الحروب الاستعماريَّة الإجراميَّة، التي ما زالت آثار ظلمها تترك غُصَّة في حلق أبناء العديد من الدول، ذلك على المستوى الإنساني، أمَّا على أرض الواقع نرى مظاهر التجبَّر التي تُمارسها القوى الكبرى الجديدة التي ورثت عصر الاستعباد والاستعمار، نرى الهيمنة والاغترار بالقوة، نرى السطوة الإعلاميَّة الجبَّارة، وكيفيَّة صناعة الأعداء، وتأجيج الصراعات المذهبيَّة والعرقيَّة والحدوديَّة لصالح أساطين تجارة السلاح في العالم..
كذلك نشاهد عمليات بسط النفوذ السياسي، بل والاحتلال العسكري للمناطق الغنيَّة بالمواد الخام ومصادر الطاقة..
وعلى جانبٍ آخر نرى الأزمة المالية العالمية وتداعيَّاتها الضخمة على دول العالم أجمع الغنيَّة منها والفقيرة..
كلُّ ذلك وسط جوٍّ مشحونٍ بمشاعر يملؤها الإحباط واليأس من المستقبل، وبأفكارٍ صداميَّةٍ تُؤصِّل للعنف وتتخذه سبيلًا واحدًا للنجاة..
كما نُقَدِّر الخطر الذي يحيق بالبشريَّة كلِّها من جرَّاء إصرار القوى الكبرى "الجديدة" على انتهاج النهج القبيح نفسه للقوى الغابرة..
وسوف نُحاول أن نُلقي الضوء على "بعض" مظاهر الظلم والتجبُّر، والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، وكذلك محاولات ترويضه والسيطرة على عقله بما يخدم مصالح "الكبار"؛ لكنَّنا -أيضًا- نُطلق صيحة تحذيرٍ صادقة؛ فنحن نرى البشريَّة الآن تعيش فوق حممٍ بركانيَّةٍ مشتعلة، من مشاعر الاحتقان والتوتُّر والرغبة في الانتقام، وقد انفجرت هذه الحمم بالفعل في مناطق متفرِّقَة من عالمنا المعاصر، والبعض الآخر ينتظر الانفجار، لكنَّه لن يكون انفجارًا بسيطًا يسهل السيطرة عليه هذه المرَّة، بل سيكون انفجارًا كونيًّا ضخمًا، يُعيدنا إلى مآسي الحرب العالمية الأولى والثانية.
إنَّ هذا الفصل[1] بمثابة صيحة تحذير نُطلقها للعقلاء.. لكلِّ العقلاء في كلِّ مكانٍ بعالمنا..
ميراث الكراهية
هناك العديد من الأزمات التي يُعاني منها البشر في أيَّامنا الحاليَّة، على الرغم من أنَّ مسبِّبَاتها تعود إلى عشرات بل مئات السنين؛ فيما نُسَمِّيه "ميراث الكراهية"، فما سنتحدَّثُ عنه من معاناةٍ ومرارةٍ يشعر بها الملايين من البشر -دون مبالغة- في العديد من دول العالم تعود أسبابها الحقيقيَّة إلى أطرافٍ أخرى، استخدمت قوَّتها العلميَّة والعسكريَّة لا للتعارف والتواصل بل للنهب والسرقة، والتوسُّع على حساب الآخرين!
ولعلَّ ما تُعانيه الآن معظم الدول الإفريقية من جهلٍ وفقرٍ ومرض خيرُ دليلٍ على هذا الميراث الأسود، الذي خَلَّفته مرحلة الاستعباد والاستعمار من قِبَلِ العالم الغربي "المتقدِّم" على مدار خمسة قرون متواصلة؛ إذ يعود الأمر إلى ما عرفناه في التاريخ بمرحلة "الكشوف الجغرافيَّة"؛ فكانت الكشوف الجغرافيَّة بمثابة التعبير عن انطلاق الطاقة الأوربيَّة من سجن البحر المتوسِّط إلى المياه المحيطيَّة الواسعة، فتمكَّنت أوربَّا من الوصول إلى القارة الإفريقيَّة عن طريقٍ جديدٍ غير الطرق التقليديَّة، التي كانت تبدأ من الساحل الشمالي للقارَّة على البحر المتوسِّط، وتتَّجه جنوبًا أو غربًا، وتقف عند خطِّ الاستواء، وكانت وسيلتها الوحيدة في هذا الانتقال هي القوافل والدواب، بينما أتاحت الكشوف الجديدة لأوربَّا طرقًا جديدة، أوصلتها إلى قلب القارة السمراء من شواطئها غربًا وشرقًا[2].
العبودية
وقد بدأت البرتغال المحاولات الأوربيَّة لاكتشاف القارَّة الإفريقيَّة منذ أوائل القرن الخامس عشر[3]، وكانت هي البادئة في الكشف عن خبايا القارَّة البِكر لا سيَّما الثروة الإفريقيَّة من معدن الذهب الخام، وأثناء قيامها بنقل الخام الثمين -المنهوب- إلى البرتغال لإعادة تصنيعه وبيعه بأعلى الأسعار لفت نظر البحَّارة البِنْيَة الجسمانيَّة القويَّة للأفارقة، وتخلُّفهم الشديد عن ركب الحضارة، فتفتَّق ذهنهم الشيطاني عن فكرةٍ بشعة؛ وهي: لماذا لا نقوم باختطاف بعضٍ من هؤلاء الرجال؛ لاستخدامهم في الأعمال الشاقَّة التي لا يقدر عليها، بل ولا يقبلها أبناء الشعب الأوربِّي؟! وبهذا بدأت تجارة العبيد الأفارقة في أوربَّا، ثُمَّ مع توسُّع الاكتشافات الجغرافيَّة في الأميركتين وأستراليا زادت الحاجة للعبيد، وراجت تجارتهم، وألقت دولٌ أوربيَّةٌ أخرى بثقلِها وراء هذه التِّجارة، لتبدأ المأساة غير الإنسانيَّة للأفارقة.
ويصف المؤرِّخ البريطاني الشهير بازيل ديفيدسون في كتابه الموسوعي "إفريقيا تحت أضواء جديدة" تجارة الرقيق الأوربيَّة بقوله: "فاقت تجارة الرقيق بعد اكتشاف السواحل الإفريقيَّة أيَّ مدى عرفته هذه التِّجارة منذ القدم، واتَّخذت مع الأوربيِّين معنًى جديدًا؛ حيث شرعت السفن الأوربيَّة في نقل الأفارقة من الداخل ومن الساحل لتُدْمِي الحياة في القارة الإفريقيَّة، وأضحت النخاسة على يد الأوربيِّين تجارةٌ أشبه ما تكون بالموت الأسود (الطاعون)، الذي اجتاح أوربَّا فقضى على ثلث سكَّانها، بل أسوأ؛ لأنَّ النتائج الاجتماعيَّة لتجارة العبيد في قارَّة إفريقيا كانت أقسى من الموت؛ فالوباء الذي تعرَّض له الأوربيُّون انتهى وانقضت آثاره، ولكن القهر الذي تعرَّض له الأفارقة والذلُّ الذي عاشوه لم تكن لتنقضي آثارهما على الرغم من مرور أربعة قرونٍ كاملةٍ على بداية هذه المأساة"[4].
وفي الفترة من 1640-1750م اشتدَّت المنافسة على تجارة الرقيق وأسَّس الأوربيُّون عددًا كبيرًا من الحصون العسكريَّة والمراكز التجاريَّة على شواطئ إفريقيا لتغطية الطلب المتزايد على العبيد الأفارقة، وكان اكتشاف أميركا وتعميرها من أكبر المحفِّزات لدى الأوربيِّين لاستعباد الأفارقة؛ إذ ظهر أنَّ الإفريقي أكثر قوَّةً ومقاومةً وقدرةً على تحمُّل العمل الشاقِّ، وتحمُّل الظروف المناخيَّة المتشابهة بين أميركا الوسطى والجنوبيَّة والقارَّة الإفريقيَّة، وكانت الأرض الجديدة المكتشفة تحتاج آلافًا مؤلَّفةً من العمالة؛ لاستغلال ثرواتها البكر من المناجم والمزارع وقطعان الماشية[5].
كما أنَّه بمرور الوقت تكشَّفَتْ لدى المستوطنين الجدد في غالب الأراضي المكتشفة صعوبة السيطرة على العمَّال البيض أو الهنود الحمر -السكان الأصليِّين- وقهرهم على العمل الشاقِّ في المزارع والمناجم، فتحوَّلُوا برغبةٍ جامحةٍ إلى استرقاق الزنوج المختطفين من إفريقيا.
وهنا لا يُمكننا أن نُبَرِّأ أحدًا من الدول الأوربيَّة الكبرى في ذلك الوقت؛ إذ تبارت كلُّ الدول الاستعماريَّة وفي مقدمتهم البرتغال ثُمَّ الإسبان والهولنديُّون والإنجليز والفرنسيُّون في الاشتراك في هذه التجارة الدنيئة، التي باركتها الكنائس الأوربيَّة[6]!
كما يُمكننا القول: إنَّ العبوديَّة وأرباح تجارة العبيد كانت الدِّعَامة التي قامت عليها الرأسماليَّة الأوربيَّة الحديثة؛ فحيثما وُجدت مستعمرات جديدة وُجد العبيد الأفارقة، وكانوا يُسَمَّوْن "العاج الأسود"، وكانوا مصاحبين للغزاة البيض في حملاتهم التوسُّعيَّة في المكسيك وبيرو.. وغيرهما من دول القارَّة المكتشفة الجديدة؛ ففي الأرجنتين بلغ عدد العبيد الأفارقة ربع السكَّان، وكذلك بيعوا بكثرةٍ في المناطق الشماليَّة من القارَّة الأميركيَّة، لكنَّ القسم الأساسي من العبيد الزنوج كان موجودًا في المناطق الاستوائيَّة، وما يُحيط بها في أميركا الوسطى، وجزر الهند الغربية، وبلاد الكاريبي، والبرازيل، والأجزاء الجنوبيَّة من الولايات الأميركيَّة[7].
انتشر العبيد الأفارقة في مزارع السكر والتبغ والقطن وغيرها من المزارع الناشئة، وفَضَّلهم الملَّاك لقوَّة بِنْيَتِهم وتحمُّلهم العمل في درجات الحرارة المرتفعة في المزارع الواسعة، ومقاومة أجسامهم للأمراض والأوبئة؛ ونتيجة لذلك كان سعرهم يفوق كثيرًا سعر العبيد من الهنود الحمر، وعلى سبيل المثال ففي الوقت الذي كان العبد الزنجيُّ يُقَدَّر ثمنه بـ75 دولار كان العبد الهندي يُشترى بحوالي 5 دولارات[8].
وقد بلغت تجارة العبيد الأوربيَّة عبر المحيط الأطلسي مداها في القرن الثامن عشر، ويُقَدَّر عدد العبيد المختطفين من القارة الإفريقيَّة، الذين وصلوا أحياء ما بين 30-40 مليون إفريقي، وذلك دون حساب مَنْ هلكوا أثناء عمليَّات الإغارة بهدف الخطف والقنص، ودون حساب مَنْ قضوا بسبب أهوال رحلة السفر؛ حيث كان صائدو الأفارقة يُقَيِّدونهم بالسلاسل بعضهم ببعض، ويسيرون بهم مئات الأميال، ويدمغونهم بالأختام المحمَّاة مثل الماشية باسم مالكهم من التجَّار، ويُكَدِّسُونهم داخل السفينة بصورةٍ وحشيَّة، وبما لا يدع لأحدهم مجالًا للحركة طوال فترة الرحلة[9].
ويصف أحد الكُتَّاب ما رآه في إحدى سفن القرصنة التي تُتاجر في العبيد الأفارقة، التي وصلت إلى أحد المواني الأميركيَّة في عام 1821م قائلًا: "إنَّ المساحة التي كانت تُعطى للرجل الواحد ضيِّقة جدًّا؛ لدرجة أنَّ أرجل الأفارقة كانت تتداخل بعضها في بعض، ولم تكن لأحدهم أيَّة إمكانيَّة لكي يرقد، أو يُغير وضعه ليلًا أو نهارًا، إلى أن تُنهي السفينة رحلتها"[10].
إنَّ الانحطاط الإنساني في سعيه وراء الربح لم يُغْرق إلى هذه الأعماق المتدنِّيَة، بمثل ما حدث للإنسان الأوربِّي عندما جار على كافَّة حقوق الإنسان الإفريقي، وتَاجَرَ به كسلعةٍ تُباع وتُشترى.
وفي عام 1791م كانت هولندا تمتلك 15 زريبة من زرائب الأوربيِّين على شواطئ إفريقيا، بينما كانت 14 تابعة لبريطانيا، و4 للبرتغال، و4 للدنمارك، و3 لفرنسا[11].
ويعكس ضخامة هذه التجارة الآثمة أنَّه في عشيَّة حرب الاستقلال الأميركيَّة عام 1860م كان عدد السفن المحمَّلة بالأفارقة المختطفين من مواني غرب إفريقيا 192 سفينة[12]!
ويصف بعض المؤرِّخين الحالة التي كان يعيشها العبيد في أميركا اللاتينيَّة -بعد وصولهم وبيعهم في الأسواق كعبيد- بقولهم: "وُضِعَتْ قوانين التعامل مع العبيد على أساس أنَّهم ممتلكاتٌ وليسوا آدميِّين؛ ففي الولايات المتحدة الأميركيَّة كانت عقوبة الجلد تُفرض على كلِّ أسودٍ يملك بندقيَّة، أو يشتري حصانًا، أو يتنزَّه، أو يمشي في جنازة، وكان ممنوعًا على العبيد تعلُّم القراءة والكتابة"[13]!
ولم تكتفِ دول أوربَّا الاستعماريَّة بما قامت به في القارَّة الإفريقيَّة من نهب ثرواتها واستعباد أبنائها، فقرَّرت أن تستولي عليها وتضمَّها بالكامل إلى ممتلكاتها! فحتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر لم تكن هناك دوافع قويَّة تُحَرِّك السياسة الأوربيَّة نحو الاستعمار العسكري، بمعنى الاحتلال الكامل للقارَّة الإفريقيَّة، ما دام أنَّ أهدافهم التجاريَّة تتحقَّق من الاستيلاء على ما يحتاجون من المواد الخام و"العبيد"؛ فإلى عام 1815م كانت الدول الأوربيَّة تكتفي بالسيطرة على المناطق الساحليّة من القارَّة الإفريقيَّة، كمناطق ارتكاز لتسيير حركة النهب "التجارة".
الاستعمار
وبالطبع ليست كلُّ المناطق على الساحل الإفريقي متساوية في القيمة؛ فهناك أماكن متميِّزة؛ مثل منطقة طنجة المغربيَّة، التي تتحكَّم في المدخل الغربي للبحر المتوسِّط، وهناك مصر وموقعها المهم المـُطلُّ على البحرين المتوسِّط والأحمر، التي بافتتاحها لـ قناة السويس عام 1869م فتحت شهيَّة الدول الاستعماريَّة للاستيلاء عليها، والتحكُّم في هذه المنطقة الاستراتيجيَّة، وكذلك الجزائر المـُطلَّة على البحر المتوسِّط في مواجهة سواحل فرنسا الجنوبيَّة، وقد أدَّى هذا التمايز إلى التطاحن بين الدول الأوربيَّة للإسراع باستعمارها العسكري لضمان السيطرة الكاملة عليها[14].
وما إن وَطِئَت أقدام المستعمرين الأوربيِّين إفريقيا حتى بدءوا في استغلال موارد القارَّة واستنزافها خالصةً لأوربا, وصبُّوا وابل الطغيان الشديد والقهر على الأفارقة, الذين كان لهم النصيب الأكبر في تذوُّق أبشع ألوان الظلم والذلِّ الإنساني الذي عرفته البشريَّة حتى الآن[15].
فلقد وقعت إفريقيا بأكملها تحت الاحتلال الأوربِّي الغاشم، وكان لبريطانيا وفرنسا وألمانيا نصيب الأسد من هذه العمليَّة الإجراميَّة التي لا تَمُتُّ للإنسانيَّة بصلة؛ فكان حجم المساحة التي اغتصبتها بريطانيا من الأراضي الإفريقية 3,25 مليون ميل مربع، ويعيش عليها 46 مليون نسمة من السكَّان الأفارقة، و4 مليون ميل لفرنسا، وحوالي 50 مليونًا من السكَّان، ومليون ميل واحد لألمانيا، و15 مليون نسمة من السكان[16].
وصادر المستعمر الأوربِّي أخصب الأراضي الإفريقيَّة وأغناها، وطرد منها سكَّانها الأصليِّين الذين لجئوا إلى الغابات والجهات الفقيرة, واتَّخذوها مأوى لهم، وفى الوقت نفسه شجَّع الاستعمار مواطنيه على الهجرة إلى إفريقيا، وأقطعهم هذه الأراضي وسخَّر لهم البلاد.
كما يُعَدُّ الاستعمار الأوربي السبب الرئيس لمشكلة الجوع التي تُعَاني منها القارَّة السمراء في واقعنا المعاصر؛ حيث جعل المستعمر كلَّ دولةٍ إفريقيَة تعتمد على إنتاج سلعةٍ واحدة أو سلعتين أو ثلاثة سلع على أكثر تقدير، ويعرض الجدول[17] لعددٍ من الدول الإفريقيَّة التي عندما انزاح عنها الاستعمار الأوربِّي ونالت استقلالها كان اقتصادها يعتمد على إنتاج وتصدير سلعةٍ واحدةٍ فقط.
ولا ريب أنَّ هذا التاريخ المؤلم من الحروب والاحتلال والاستعباد يُعَدُّ سببًا رئيسًا لما نُعانيه في واقعنا المعاصر من فقدان مشاعر الثقة بين الشعوب؛ إذ كيف يتسنَّى لشعب عانى من مرارة الاحتلال لمدَّة قرنٍ أو قرنين من الزمان أن يثق يومًا في الدولة التي كانت تحتلُّه، وتنهب ثرواته، بل وتقوم باستعباده، فبالتأكيد ستنظر الشعوب التي ذاقت مرارة الاحتلال بعين الريبة إلى أيِّ مبادرةٍ تأتيها عن طريق المحتلِّ القديم على الرغم من مرور عشرات السنين على استقلالها، وبما يُنذر بصراعاتٍ جديدةٍ في المستقبل القريب.
المصدر:
كتاب المشترك الإنساني.. نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب، للدكتور راغب السرجاني.
[1] لتفاصيل أكثر راجع الفصل الثاني من كتاب (المشترك الإنساني) للدكتور راغب السرجاني.
[2] إلهام محمَّد علي: التغلغل الفرنسي في النيجر، ص2.
[3] شوقي الجمل، وعبد الله عبد الرازق إبراهيم: تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر، ص25.
[4] بازيل ديفيدسون: إفريقيا تحت أضواء جديدة، ص193-195.
[5] عايدة العزب موسى: تجارة العبيد في إفريقيا، ص31، 185.
[6] William Z. Foster, Out Line Political History of Amricans, International Publishers, New York, 1951, P. 71-75.
[7] عايدة العزب موسى: تجارة العبيد في إفريقيا، ص36، 37.
[8] المرجع السابق: ص37، 38.
[9] المرجع السابق: ص38، 186.
[10] Out Line Political History of Amricans, William Z. Foster, International Publishers, New York, 1951, P.79.
[11] محمد إبراهيم نقد: علاقات الرق في المجتمع السوداني- النشأة-السمات-الاضمحلال، ص68.
[12] عايدة العزب موسى: تجارة العبيد في إفريقيا، ص186.
[13] المرجع السابق: ص44.
[14] شوقي الجمل، وعبد الله عبد الرازق إبراهيم: تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر، ص67.
[15] الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي 2/360.
[16] إلهام محمد علي: التغلغل الفرنسي في النيجر، ص7.
[17] جمال عبد الهادي، وعلي لبن: المجتمع الإسلامي الإفريقي المعاصر، ص5.
التعليقات
إرسال تعليقك