د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
الطمع.. الدرجة الثانية من هرم الخشوع، وهي نظرية للدكتور راغب السرجاني تُبَيِّن لنا درجات الخشوع في الصلاة بشكل مبتكر وواضح، فكيف يكون ذلك الطمع؟ وفيما
مازلنا في رحلة الترقي مع هرم الخشوع لنصل إلى صلاة خاشعة متقبلة، وتكلمنا عن الدرجة الأولى في مقال (الوعي.. الدرجة الأولى من هرم الخشوع) وسنتكلم في هذا المقال عن الدرجة الثانية، وهي:
◄◄الطمع:
والطمع هنا ليس مذمومًا؛ بل أقصد به هنا الرغبة الكبيرة في الشيء؛ وذلك مثل قوله تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا}[الأعراف: 56]؛ حيث إن الطمع المقصود هنا هو الطمع فيما عند الله -عز وجل-، ومثله ما جاء في قوله تعالى: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا}[الشعراء: 51]، وكذلك: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}[الأعراف: 46]، وهذا المعنى كثير في القرآن والسُّنَّة.
ومعنى الطمع في هذه الدرجة هو أن تطمع فيما عند الله -عز وجل- من نعيم تقرأ عنه في الآيات، وأن تطمع في أن تنجو من العذاب الذي تجد وصفه في القرآن، وأن تطمع أن تتَّصف بالصفات التي وُصِف بها المؤمنون؛ مثل: الصدق، والأمانة، والخشوع، والتوبة، والإنابة، وأن تطمع ألَّا تتَّصف بصفات الكافرين والمنافقين والعصاة والمفسدين؛ مثل: الظلم، والكبر، والحسد، والعدوان، وإذا قرأت قصَّة من قصص القرآن طمعت أن تُحشر مع المؤمنين فيها، وطمعت كذلك ألَّا تُصاب بما أُصيب به الظالمون فيها.. إن المُصَلِّي في هذه الدرجة يتفاعل مع كل آية يقرؤها، وليس هذا بقلبه فقط؛ بل يتحرَّك لسانه ليطلب من الله سبحانه، فيقف عند آية ويقول: ربِّي اجعلني من هؤلاء. ويقف عند أخرى فيقول: ربِّي لا تجعلني من هؤلاء. وهو متقلِّب دومًا بين الرجاء والخوف.. الرجاء فيما عند الله من ثواب، والخوف من عقاب الله وعذابه، وإن كان رجاؤه -وهو في هذه الدرجة من هرم الخشوع- أعلى من خوفه؛ فهذه قراءة يترقَّب فيها المُصَلِّي الآية القادمة حتى يطلب فيها من ربِّه، والقراءة بهذه الصورة قراءة ممتعة، ويغلب عليها الخشوع والتركيز؛ حيث «يطمع» المُصَلِّي في كل خير يمرُّ به، و«يطمع» في النجاة من كل شرٍّ يقرأ عنه.
ويُساعد على الدخول في هذه الدرجة أن تعرف ثواب الشيء الذي «تطمع» فيه؛ فإنَّ أداءك يكون بدرجة مُعَيَّنة من الحماس لو كنتَ تعرفُ الثواب بشكل عامٍّ مُجْمل، ولكن درجة الحماس هذه تزداد جدًّا عند معرفتك للتفاصيل، وهذا هو حال الإنسان بشكل عامٍّ، فعندما يطلب منك رئيسك في العمل -مثلًا- مهمَّة معيَّنَة، ويذكر لك أن مكافأة إتمام هذه المهمَّة ستكون مجزية، ولم يُحَدِّد لك مقدار المكافأة أو طبيعتها؛ بل تركها مبهمة، فإنك تعمل بدرجة مُعَيَّنة «محدودة» من الحماس؛ لكنه إذا ذكر لك أن المكافأة ستكون عشرة آلاف جنيه -مثلًا- فإن درجة حماسك ستكون أعلى؛ لأن الإبهام زال، وستتحرَّك كلُّ حواسك وجوارحك وعقلك لتحقيق المكافأة المحدَّدة، وإذا أراد رئيسك أن يُحَفِّزك أكثر فإنه يذكر لك أن المكافأة ستزيد بزيادة الإتقان، ويا حبَّذا لو ذكر لك معدَّل الزيادة! بحيث تعرف أن الجهد والوقت اللذين ستبذلهما في سبيل تحسين العمل لن يضيعا هباءً منثورًا..
واللهُ هو الذي خلق الإنسان، ويعلم ما تُوسوس به نفسه، ويُدرك تمام الإدراك ما يُحَفِّزه ويُشجعه.. قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ}[الملك: 14]؛ لذا فإنه سبحانه لم يذكر لنا الثواب إجمالًا فقط؛ إنما أوضح لنا التفاصيل، فهو لم يكتفِ بذكر حُسْن الجنة وروعتها بشكل عامٍّ، إنما فصَّل لنا أمورًا كثيرة بها؛ فتحدَّث عن بيوتها وتربتها وأنهارها وأشجارها وطيورها، وداخل كل أمر منها كان يذكر تفاصيل كثيرة؛ ولنأخذ مثالًا على هذا التفصيل: روى ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حَبْرًا من أحبار اليهود جاء يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور ليستوثق من نبوَّته، فكان مما سأل بعض الأمور الخاصة بالجنة؛ فقال: «.. فَمَنْ أول الناس إِجَازَةً؟ قال: «فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ». قال اليهودي: فما تُحْفَتُهُمْ[1] حين يدخلون الجنة؟ قال: «زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ[2]». قال: فما غذاؤهم على إِثْرِهَا؟ قال: «يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا». قال: فما شرابهم عليه؟ قال: «مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا». قال: صدقتَ[3]. كل ذلك مع علمنا أن الحوت والثور والماء في الجنة مختلف عنها في الدنيا؛ ولكن هذا لتحفيز المؤمنين على العمل.
ومثال آخر يُوَضِّح الصورة رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}[الواقعة: 30]»[4]. فهو هنا لا يترك لخيالك تحديد الظلِّ الممدود الذي تقرأ عنه في القرآن؛ إنما «يُحَدِّد» لك طوله بما يمكن أن تستوعبه، فيذكر أن الراكب، وفي رواية يقول: «.. الرَّاكِبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ[5] السَّرِيعَ»[6]. لا يقطع هذا الظلَّ في مائة عام من الجري! وهو «يُحَدِّد» لك كذلك أن هذا الراكب يركب جوادًا مضمَّرًا سريعًا، والمُضَمَّر هو المُعَدُّ للجري، فهو يُتقن الجري ولا يتعب منه! هذا التفصيل يُعطي حماسة كبيرة في العمل؛ ومن ثَمَّ زيادة التركيز والاهتمام.
وما قلناه آنفًا ينطبق بقوَّة على الصلاة وأعمالها، فلو عرفنا الأجر المُفَصَّل لكلِّ عمل من أعمال الصلاة لأقدمنا عليه بإقبال وخشوع أكبر بكثير لو عرفنا ثوابه إجمالًا، ولصار خشوعنا في هذا العمل طبيعيًّا غير متكلَّف، ولْنَضْرِب على ذلك عدَّة أمثلة، وعلينا أن نقيس خشوعنا قبل معرفة أجر العمل، وخشوعنا بعد معرفة الأجر، حتى نلمس الفرق، وهو في الحقيقة كبير..
فعلى سبيل المثال نحن نقرأ القرآن في صلاتنا في كل ركعة.. نقرأ الفاتحة، وفي الركعتين الأوليين من كل صلاة نقرأ سورة بعد الفاتحة.. وبصرف النظر عن السورة التي نقرؤها، أو عن الأجور الخاصَّة المتحقِّقة نتيجة قراءة بعض السور، فإن لنا بكل حرف نقرؤه من القرآن حسنة! والحسنة بعشر أمثالها.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ. وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»[7]. ويبدو هنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم خشي علينا من تأويل النصِّ؛ فيعتقدَ بعضهم أن الحرف في الحديث يعني كلمة، وقد يُؤَوِّل بعضنا الأمر كذلك إذا شعر بالمبالغة في الأجر؛ لذلك فَصَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر، وقال: «لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ. وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ». وعلى هذا فقراءة الفاتحة فقط تعني قراءة مائة وتسعة وثلاثين حرفًا[8]؛ أي: ما يُعادل ألفًا وثلاثمائة وتسعين حسنة! هذا في الفاتحة فقط! فإذا قرأنا بعدها سورة قصيرة جدًّا كسورة الإخلاص -مثلًا- فإننا نقرأ سبعة وأربعين حرفًا، وهذا يوازي بالحساب النبوي أربعمائة وسبعين حسنة! فماذا لو قرأنا سورة الليل أو الأعلى؟! وماذا لو قرأنا سورة السجدة أو الإنسان؟ وماذا لو قمنا الليل وقرأنا الأنعام أو الأعراف؟ بل البقرة أو آل عمران؟! أليس العمل الذي نستصعبه ونستثقله سيصير سهلًا محبوبًا؟!
بل في حديث آخر يُعطي مثالًا يُوَضِّح به الأجر، ويبدو أن الأجر في هذا المثال أعظم من حساباتنا بكثير! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟» قلنا: نعم. قال: «فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ»[9]. والخَلِفَات هي النوق الحوامل؛ فالآية الواحدة خيرٌ من ناقة حامل! فأيُّ خيرٍ سنُحَقِّقه إنْ أكْثَرْنا من قراءة القرآن في صلاتنا كما عَلَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
ثم تَدَبَّر في هذا المثال الآخر: لو قال لنا صاحب مزرعة عنب مثلًا: ادخلوا إلى مزرعتي، واجمعوا العنب، ولكم بكل عنبة عشرة جنيهات! فماذا سنفعل؟ غالب الأمر أننا لن نخرج من المزرعة أبدًا! بل سنقاوم التعب والنوم والجوع وكل العوارض، وذلك «طمعًا» في استغلال كلِّ لحظة في تحصيل الأجر الخيالي!
فلنعرف -إذًا- أن المؤمنين الذين استوعبوا هذه الأجور الهائلة في الصلاة كرهوا أن يخرجوا من هذه الصلاة، وأرادوا استغلال كلِّ لحظة من لحظات عمرهم فيها؛ لذلك وصفهم الله -عز وجل- في كتابه قائلًا: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}[الذاريات: 17]، وفي موضع آخر يقول عنهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[السجدة: 16]، فهذه حالة نفسية عجيبة، نجد فيها جَنْبَ المؤمن لا يطيق الفِراش! وكلَّمَا نام هبَّ واقفًا يُريد أن يستكمل الصلاة، ويشعر بمدى الحسرة في قلبه على ضياع لحظات عمره دون تحصيل؛ خاصَّة إذا كان يُتابع جهود الآخرين، ويرى الكمَّ الذي حَصَّلوه بطول قيامهم، فيرغب في منافستهم، والتفوُّق عليهم، وهذا تنافس محمود مدحه ربُّ العالمين؛ إذ قال: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ}[المطففين: 26].
وهذه الحالة قد تقود أحيانًا إلى المبالغة في الصلاة! حتى يجور وقت الصلاة على بقية أعمال الإنسان في الحياة، ويُصبح هنا دور المُرَبِّي أن «يُقَلِّل» من صلاة تلميذه! وهذا ما رأيناه على سبيل المثال في موقف النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين؛ فقال: «مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ»[10]. فهذه أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها لا تطيق النوم، وترفض التعب الفطري الذي يأتي من كثرة الوقوف، ورأت أن هذا عوارض تمنعها من التحصيل، وهي في منافسة شديدة مع أكابر الصحابة والصحابيات في تحصيل الأجر والثواب؛ فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن يوميًّا[11]! ومثله عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما[12]، ومثلهما الكثير، وهذا يجاهد، وذاك يُنفق، وثالث يذكر، ورابع يتفكَّر.. منافسة صعبة عسيرة لا يقوى عليها إلَّا أصحاب الهمم، فإذا بأم المؤمنين تبتكر هذا الاختراع الذي يُبقيها في مضمار التسابق! فتُغالِب فطرتَها، وتتحدَّى آلامها، وتقتل رغبات النوم والراحة! ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفض هذه الصورة من المبالغة، ويُهَوِّن عليها الأمر، ويأمرها بالنوم!
والسؤال: ما الذي دفعها إلى هذه المصابرة العجيبة؟ إنه «الطمع» في الأجر الهائل المتحقِّق من قراءة كل حرف، ومن قول كل ذِكْرٍ، ومن التلفُّظ بكل دعاءٍ، ومن أداء كل حركة.. إن الصلاة من هذا المنظور ميدان هائل للعمل، وهي مزرعة ثريَّة لجني ثمار نفيسة؛ بل شديدة النفاسة.
ومثال آخر.. نحن في ركوعنا نقول: «سبحان ربي العظيم».. فهل نقولها وفي أذهاننا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ»[13]؟ فهذا الذِّكْر الخفيف ثقيل في الميزان، وحبيبٌ إلى الرحمن، فكيف سيكون خشوعنا إذا استحضرنا هذا الأجر عند قول هذا الذِّكْر؟ وهل عندما نرفع من الركوع ونحمد الله -عز وجل- نُدرك أن «الحَمْدَ للهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ»[14]؟ وإذا سبَّحنا وحمدنا هل نستوعب أن «سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدَ للهِ تَمْلآَنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ»[15]؟ هل نُدرك المسافة بين السماء والأرض؟! إن هذه المسافة الهائلة تُملأ بهذه الكلمات الخفيفة! تُرَى ما حماستنا الآن للصلاة ونحن نعرف هذا الأجر، أو نستحضره عند صلاتنا؟! لا شكَّ أن الأمر مختلفٌ.
بل دعوني أُوَسِّع دائرة التفكُّر في عملية الصلاة لننظر إلى ما أعطانا الله -عز وجل- ونحن «نستعدُّ» للصلاة! إننا لم ندخل في الصلاة بعدُ، ولكنَّ عدَّاد الحسنات بدأ في العمل! والأحاديث في ذلك كثيرة وعجيبة، وسأحدِّثُكم عن تجربة شخصية لي مع هذه الأحاديث!
نحن -للأسف- قد لا نهتمُّ كثيرًا بالخشوع أثناء الوضوء، وقد يتكلَّم أحدنا مع مَنْ حوله في أي موضوع، وعادةً ما يشرد الذهن هنا وهناك، ونبدأ في التركيز في مسألة الخشوع عندما نبدأ في الصلاة.. وكنتُ على هذه الحالة فترة من الزمن! لكني بدأتُ في التفكُّر في «أجر» الوضوء، «فطمعْتُ» فيه! وصدِّقوني.. شتَّان بين خشوعي بعد أن استحضرتُ الأجر المتحقِّق من الوضوء وخشوعي قبل ذلك! ولْتُراجعوا معي حديثًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم غَيَّرَ خشوعي تمامًا أثناء الوضوء.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «.. مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ -أَوْ فَيُسْبِغُ- الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ. إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ»[16]! فصِرْتُ أتخيَّل دومًا أبواب الجنة الثمانية وهي تُفتح لي، وأنا أختار الباب الذي أدخل منه! وكنتُ أشعر أن الأجر مشروط بالخشوع في الوضوء، ومشروط كذلك بإحسان الوضوء، وكذلك بالدعاء بعد الوضوء كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا دفعني إلى حرصٍ شديد على كل هذا، وصرتُ «أستمتع» استمتاعًا حقيقيًّا بالوضوء والدعاء! بل صار هذا الاستمتاع يقودني كثيرًا إلى الفرح إلى حدِّ الابتسام! كما أصْبَحْتُ -على الناحية الأخرى- أُصاب بحالة من الندم والأسى إذا توضَّأْتُ يومًا ساهيًا شاردًا، أو إذا نسيتُ أن أقول الدعاء.
وفوق ذلك فإن هذا الإحساس المرهف جعلني لا أستثقل الوضوء أبدًا؛ فقد كنتُ -مثل كثير من الناس- أجد صعوبة في الوضوء في بعض الأماكن العامَّة أو المزدحمة، فأحاول المحافظة على الوضوء أطول فترة ممكنة؛ ولكن الآن صار الوضوء مُحَبَّبًا حتى لو كان في ظروف صعبة، وما أجمل أن تستحضر عند وضوئك الصعب هذا حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ[17]»[18]. فيُصبح هذا الوضوء الصعب (على المكاره) بماء بارد، أو في مكان مزدحم، أو في مكان غير نظيف، أو وأنت في كامل لباسك الأنيق.. يُصبح كل ذلك ماحيًا للخطايا.. رافعًا للدرجات.. بل هو رباط في سبيل الله! ما أروع هذا! لا شَكَّ أننا سنكون في حالة خشوع عميق ونحن نتوضَّأ وفي أذهاننا هذا الأجر.
ولقد ازداد خشوعي أكثر وأكثر في الوضوء؛ ومن ثَمَّ في الصلاة، بعد أن قرأتُ حديثًا مهيبًا جليلًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يُفَصِّلُ فيه في فضل كل جزء من أجزاء الوضوء! حيث قال الرسول الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم -كما رَوى عمرو بن عبسة رضي الله عنه-: «.. مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ؛ فَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ المَاءِ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ للهِ، إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»[19]! قل لي بالله عليك: هل يمكن أن تتصوَّر هذه الحالة من خروج الخطايا من كل جزء من أجزاء الجسم أثناء الوضوء ثم لا تخشع فيه؟! وهل يمكن أن تُضَيِّع فرصة صلاة خاشعة بعد هذا الوضوء تخرج منها كيوم ولدتك أمُّك، بلا ذنب أو خطيئة؟!
دعوني أقول بلا مبالغة: إننا لو استوعبنا ذلك الأجر المُفَصَّل فإننا سنتوضَّأ دومًا، حتى لو لم يكن الوقت وقت صلاة! فإذا توضَّأنا في غير وقت الصلاة فلعلَّنا نتذكَّر بلال بن رباح رضي الله عنه، والذي حدث معه موقف غريب عجيب؛ بل في غاية العجب! فقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فدعا بلالًا، ثم قال له: «يَا بِلَالُ؛ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؛ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ[20] أَمَامِي...؟!» فقال بلال: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا، وَرَأَيْتُ أَنَّ للهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بِهِمَا»[21]. ومعنى هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بلالًا رضي الله عنه في الجنة كلَّما دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، ولقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ»[22]. والشاهد من الموقف أن استحضار بلال رضي الله عنه لأجر الوضوء جعله يتوضَّأ عند كلِّ حَدَث؛ أي عند كل غائط أو بول أو ريح أو نوم، أو غير ذلك من نواقض الوضوء حتى لو لم يكن وقت صلاة، ثم يُصَلِّي ركعتين؛ لأنه يستحي أن يكون متوضِّأً ثم لا يُصَلِّي، ثم هو يعلم أنه قد يخرج من صلاته كيوم ولدته أمُّه، فلا يُضَيِّع الفرصة؛ بل قد يُصَلِّي كثيرًا كثيرًا، وهذا ما ورد عنه في رواية أخرى؛ حيث قال ردًّا على استفهام رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ»[23]. وقد أقرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعله بلال رضي الله عنه؛ ومن ثَمَّ صار ذلك الفعل سُنَّة نبوية تقريرية، وهي ما تُعرف بركعتي سُنَّة الوضوء!
وهذه مجرَّد أمثلة، والدِّين كله يقوم على هذا المبدأ، فليس هناك عملُ برٍّ إلَّا وعليه أجر وثواب من الله تعالى، وكذلك ليس هناك عملُ شرٍّ إلَّا وعليه عقوبة إلَّا أن يعفو الله سبحانه.. قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزلزلة: 7، 8]، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة للغاية.
وقد يلحظ القارئ أن المصلِّي في درجة الطمع ينظر إلى صفات الرحمة عند الله -عز وجل- أكثر من نظره إلى صفات العقاب؛ لأنه يخشع في هذه الدرجة لهدف مُعَيَّن وهو تحقيق الثواب الأعلى، فهو «يطمع» في مكافآت وجوائز، ويرى أن كلَّ عملٍ يعمله يُساوي كذا وكذا من الحسنات، وقد لا يلتفت كثيرًا إلى أن الإهمال في أمور الصلاة يستوجب من الناحية الأخرى عقابًا وعذابًا، وهذه نقطة خطيرة؛ لأن العبد إذا استغرق في صفات الله الرحيمة كالعفو والكرم والحلم والستر والمنِّ، ونسي صفات العقاب كالقهر والعزة والأخذ والانتقام، فإن هذا الشعور يفتح له أحيانًا مجالَ التهاون في شأن العبادة، ويدفعه إلى استصغار الذنوب، وعدم الاكتراث بالترقِّي في سُلَّم الطاعات.. إنه يقول كثيرًا ما يقوله عامَّة المفرِّطين من أن الله غفور رحيم، وأن الله عفا عن جرائم أكثر مما نفعل بكثير، وقَبِلَ توبة عصاة تجاوزوا حدَّ الإسراف، وهكذا يفتح له الشيطان باب الثقة الوهمية، التي قد تُقْعِده عن العمل، وتقوده تدريجيًّا إلى الفتور والكسل.. فهذه نقطة في غاية الأهمية على المصلِّي الذي وصل إلى درجة الطمع أن ينتبه إليها، حتى لا يسحبه الشيطان إلى ما لا يُحْمَد عقباه من التقصير.
يتَّضح لنا بهذه الأمثلة أن فرصتنا في دخول درجة «الطمع» في هرم الخشوع أكبر إذا ازداد علمنا بثواب كل فعل أو كلمة في الصلاة؛ ومن هنا فعلينا أن ننشر هذه الثقافة المهمَّة.. ثقافة معرفة الفعل وأجره؛ لأن كثيرًا منَّا يذكر الفعل -خاصَّة عند تعليم الأطفال أو مَنْ لا يعرفون الصلاة- دون أن يذكر أجره المُفَصَّل؛ وذلك من قبيل الاختصار أو التسهيل، وهو لا يدري أنه بذلك ينزع رُوح الصلاة منها، ويُخالف سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم في التعليم، ويجعل الصلاة جافَّة صعبة، وهذا كله يجعل الوصول إلى درجة الخشوع الحقيقي أمرًا عسيرًا؛ بل لعلَّه في هذه الظروف مستحيل، فلْيُحْذَرْ من ذلك، والله المستعان!
وفي النقطة نفسها ينبغي أن نُحَذِّر الدعاة والمربِّين من استخدام الأحاديث الموضوعة، أو المنكرة، أو شديدة الضعف في تحفيز الناس على أعمال الصلاة؛ ففي الصحيح غنًى -إن شاء الله- واختلاط الصحيح بالضعيف يُشَوِّه الأمر، ويضرُّ أكثر مما ينفع، والمسألة لا تحتاج أصلًا إلى مبالغات؛ لأن الأجر الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هائل في الأساس، ولا يحتاج إلى تهويل أو تضخيم، فليحرص كلُّ مُرَغِّبٍ في الصلاة على التوثُّق من صحَّة الأحاديث التي ينقلها، فلا نُحدِث ضررًا من حيث نُريد النفع، والله الموفق.
وأخيرًا ينبغي أن نعلم أننا إذا عشنا في درجة «الطمع» فترة من الزمن، وواظبنا عليها في غالب صلواتنا، فإننا سنصعد تلقائيًّا -بإذن الله تعالى- إلى الدرجة التي فوقها في هرم الخشوع، وهي الدرجة الأروع: درجة «الوجل»!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] تحفتهم: التحفة هي ما يُهدى إلى الرجل ويُخَصُّ به ويُلاطف. النووي: المنهاج 3/227.
[2] زيادة كبد النون: النون هو الحوت، وزيادة كبد الحوت هي القطعة المنفردة المعلقة في الكبد، وهي في المطعم في غاية اللذة، ويقال: إنها أهنأ طعام وأمرؤه. ابن حجر: فتح الباري 7/273، والنووي: المنهاج 3/227.
[3] مسلم: كتاب الحيض، باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما، (315)، وابن حبان (7422)، والبيهقي: السنن الكبرى، (769).
[4] البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، (3080) واللفظ له، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، (2826).
[5] الجواد: الفرس السريع. والمضمر: تضمير الخيل أن تشدَّ عليها سروجها وتجلَّل (تغطَّى وتُلْبَس) بالأجلة وتجري حتى تعرق، ويُكَرَّر ذلك عليها حتى تعتاده فيقوى لحمها، ويذهب رهلها، وتخفُّ حركتها. ابن الجوزي: كشف المشكل من حديث الصحيحين، ص480.
[6] البخاري: كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، (6186)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، (2828).
[7] الترمذي: كتاب فضائل القرآن، باب فيمن قرأ حرفًا من القرآن ما له من الأجر (2910)، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقال الترمذي: حسن صحيح. والبيهقي: شعب الإيمان، (1983)، والطبراني: المعجم الكبير، (14850)، والمعجم الأوسط، (314)، وقال الألباني: إسناده جيد. انظر: السلسلة الصحيحة، (3327).
[8] هناك طرق كثيرة لإحصاء الحروف في القرآن الكريم، ومن ثم فقد يختلف العدد من إحصاء إلى آخر، فالبعض يكتفي بعدِّ الحروف الموجودة في الرسم العثماني، أي يُغْفِل مثلًا الألف في قوله «مالك» إذا كُتِبَت: « ﭞ»، والبعض يحصي الرسم الإملائي، فيحصي كلمة «الرحمان» سبعة حروف، ولا يحصيها: «الرحمن»، أي ستة حروف فقط، والبعض يحصي الحروف المشدَّدة، فتكون كلمة «همَّاز» خمسة حروف وليس أربعة، لأن الميم مشدَّدة، أي بمقام حرفين، وقد اعتمدتُ في هذا الكتاب عدَّ الرسم العثماني لسهولته، ولانتشار التعامل به، وهو يعطي أقل حساب للحروف، فالأجر سيكون كما وصفناه أو أكثر، والله أعلم.
[9] مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه، (802)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وابن ماجه (3782)، وأحمد (10450).
[10] البخاري: أبواب التهجد، ما يكره من التشديد في العبادة، (1099) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب أمر مَنْ نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذِّكْر بأن يرقد، (784).
[11] قال الترمذي: ورُوي عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ القرآن في ركعة يوتر بها. انظر: سنن الترمذي، 5/196 (2946)، وقال ابن حجر: وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير. انظر: نتائج الأفكار 3/158، وكانت امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه تقول عند حصاره وقتله: إن شئتم قتلتموه، وإن شئتم تركتموه! فإنه كان يختم القرآن كل ليلة في ركعة. انظر: ابن حبان: السيرة النبوية وأخبار الخلفاء، 2/519، والطبراني: المعجم الكبير (131)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وإسناده حسن. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/94، وقال الذهبي: وصح من وجوه أن عثمان قرأ القرآن كله في ركعة. انظر: سير أعلام النبلاء (سير الخلفاء الراشدون) ص157.
[12] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: ».. وَكَيْفَ تَخْتِمُ؟». قال: كل ليلة... فقال له: «.. وَاقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ»... فما زال حتى قال: «فِي ثَلَاثٍ». فكان عبد الله يقول بعدما كبر: يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم. البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن، (4765)، ومسلم: كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمَنْ تضرَّر به أو فَوَّت به حقًّا أو لم يُفطر، (1159).
[13] البخاري: كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، (6043) عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، (2694).
[14] مسلم: كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، (223) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، والترمذي (3517)، والنسائي (2217)، وأحمد (18313).
[15] مسلم: كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، (223) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، والترمذي (3517).
[16] مسلم: كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، (234) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والترمذي (55)، وأبو داود (169)، والنسائي (141)، وابن ماجه (470)، وأحمد (121)، والدارمي (716).
[17] فذلكم الرباط؛ أي: الرباط المرغَّب فيه، وأصل الرباط الحبس على الشيء، كأنه حبس نفسه على هذه الطاعة، قيل: ويحتمل أنه أفضل الرباط، كما قيل: الجهاد جهاد النفس. ويحتمل أنه الرباط المتيسِّر الممكن؛ أي أنه من أنواع الرباط. النووي: المنهاج، 3/141.
[18] مسلم: كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، (251) عن أبي هريرة رضي الله عنه، والترمذي (51)، والنسائي (139)، وابن ماجه (427)، وأحمد (7982)، وابن حبان (1038).
[19] مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة، (832) واللفظ له، والنسائي (177)، وأحمد (17060)، والحاكم (454).
[20] الخشخشة: صوت الحركة أو المشي اليابس إذا حكَّ بعضه بعضًا. ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، 3/34، والنووي: المنهاج، 16/11، والمباركفوري: تحفة الأحوذي، 10/120.
[21] الترمذي: كتاب المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه (3689) واللفظ له، وقال: حديث صحيح. وأحمد (23090)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح لغيره وهذا إسناد قوي. والحاكم (1179) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[22] الترمذي: كتاب المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه (3689).
[23] البخاري: أبواب التهجد، باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل، (1098)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل بلال رضي الله عنه، (2458).
◄◄ هذا المقال من كتاب كيف تخشع في صلاتك للدكتور راغب السرجاني
يمكنك شراء الكتاب من خلال صفحة دار أقلام أو الاتصال برقم 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك