ملخص المقال
كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود إمامًا ثقة مأمون، ومن سادات التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وكان مع إمامته في الفقه والحديث شاعرًا
نظر العلماء والمؤرخون إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود نظرة إجلال وإكبار وتقدير، وأثنوا عليه، ووصفوه بألفاظ ومفردات كلها تدل على غزارة علمه وعلو شأنه وارتفاع مكانته ومنزلته، واتفقوا على جلالته وإمامته وعظم قدره، فمن هو عبيد الله بن عتبة بن مسعود؟
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أبو عبد الله الهذلي المدني الضرير الفقيه العلم، كان جده عتبة أخًا للصحابي عبد الله بن مسعود، وأمه أم ولد، وهو إمام ثقة مأمون، ومن سادات التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وكان مع إمامته في الفقه والحديث شاعرًا محسنًا وهو مؤدب عمر بن عبد العزيز.
ولد عبيد الله بن عبد الله بن عتبة رضي الله عنه في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أو بُعَيْدهَا، ولقي خلقًا كثيرًا من الصحابة، وكانت الرياسة في الجاهلية إلى جده صُبح بن كاهل، وسمع عبيد الله من ابن عباس -ولازمه طويلًا- وأبي هريرة وعائشة وميمونة وأم سلمة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنه أبو الزناد والزهري وضمرة بن سعيد المازني، وعراك بن مالك، والزهري، وصالح بن كيسان، وغيرهم.
وكان عبيد الله من حُسن عبادته يطول في الصلاة ولا يعجل عنها لأحد حتى أنه ذات يوم جاءه علي بن الحسين وهو يصلى فجلس ينتظره وطول عليه فعاتبه علي بن الحسين في ذلك .
علم عبيد الله وفقهه
كان عبيد الله بن عبد الله مسعود تابعي ثقة، ورجل صالح جامع للعلم، إمامًا حجة حافظًا مجتهدًا، وعُرف بتبحره في العلوم، وكان رضي الله عنه عالمـًا ناسكًا، وكان موثوق الرواية لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ما سمعت حديثًا قط فأشاء أن أعيه إلا وعيته، قال عمر بن عبد العزيز: لأن يكون لي مجلس من عبيد الله أحب إلي من الدنيا، وقال ما رويته عنه أكثر مما رويته عن جميع الناس ولو كان حيًّا ما صدرت إلا عن رأيه، وقال عراك بن مالك: ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بحرًا إلا فجرته، وقال الزهري: أدركت أربعة من بحور قريش، سعيد بن المسيب، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله، وعروة بن الزبير، وقال الزهري -أيضًا-: كنت أظن أني قد نلت من العلم حتى جالست عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
ما قاله المؤرخين والعلماء عن عبيد الله
كان عبيد الله بن عبد الله مسعود عالمًا ناسكًا، وقد أثنى عليه الكثير من العلماء والمؤرخين في كتب التراجم؛ فقد قال فيه الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "كان كثير العلم يصحبه ابن شهاب ويخدمه حتى إن كان ليشرع له الماء".
وقال ابن حبان رحمه الله: عبيد الله بن عبد الله بن مسعود من سادات التابعين.
وقال أبو جعفر الطبري رحمه الله: كان مقدمًا في العلم والمعرفة بالأحكام والحلال والحرام وكان مع ذلك شاعرًا مجيدًا.
وقال ابن عبد البر رحمه الله: كان أحد الفقهاء العشرة ثم السبعة الذين تدور عليهم الفتوى، وكان عالمًا فاضلًا مقدمًا في الفقه شاعرًا محسنًا، لم يكن بعد الصحابة إلى يومنا فيما علمت فقيهًا أشعر منه ولا شاعرًا أفقه منه والثناء عليه منتشر.
وكان رضي الله عنه مُؤَدِّبًا لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أمير المؤمنين ذكره في مجلس من مجالسه فقال: "لَأَنْ يكون لي مجلس من عبيد الله أحب إليَّ من الدنيا".
وقال أيضًا: "والله إني لأشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال"، فقالوا: "يا أمير المؤمنين، تقول هذا مع تَحَرِّيك وشدَّةِ تحفُّظِك"، فقال: "أين يذهب بكم، والله إني لأعود برأيه وبنصيحته وبهدايته على بيت مال المسلمين بألوف وألوف، إن في المحادثة تلقيحًا للعقل، وترويحًا للقلب، وتسريحًا للهمِّ، وتنقيحًا للأدب".
أثنى عليه كثير من العلماء منهم الواقدي فقال: "كان- أي عبيد الله بن عبد الله- ثقة، عالـمًا، فقيهًا، كثير الحديث والعلم بالشعر، وقد ذهب بصره".
وعن الزهري أنه قال: "ما جالستُ أحدًا من العلماء إلا وأرى أني قد أتيت على ما عنده، وقد كنت أختلف إلى عروة بن الزبير، حتى ما كنت أسمع منه إلا مُعادًا، ما خلا عبيد الله، فإنه لم آته إلا وجدت عنده علمًا طريفًا"، وقال أيضًا: "كان عبيد الله بن عبد الله بحرًا من بحور العلم".
وفاة عبيد الله
هناك اختلاف في الروايات حول وفاة عبيد الله بن عبد الله مسعود فقيل: إنه توفي سنة 94هـ، أو 95هـ، وقيل: سنة 97هـ، والصحيح أنه مات سنة ثمان وتسعين[1].
[1] ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي الإربلي: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، الجزء الثاني، 1900، الجزء السابع، 1994م، 3/ 115، 116، أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، السعادة، مصر، 1394هـ=1974م، 2/ 188، الذهبي، أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز: سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناءوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1405هـ=1985م، 4/ 475، الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك: الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناءوط، وتركي مصطفى، إحياء التراث، بيروت، ١٤٢٠هـ=٢٠٠٠م، 19/ 253.
التعليقات
إرسال تعليقك