التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
تعتبر الثورة الفرنسية أحد أهم الأحداث في تاريخ البشرية، ليس لآثارها على فرنسا وحدها، ولكن لتعدد آثارها على العالم أجمع.
تعتبر الثورة الفرنسية French Revolution أحد أهم الأحداث في تاريخ البشريَّة[1]، ليس لآثارها على فرنسا وحدها، ولكن لتعدُّد آثارها على العالم أجمع، وليست هذه الآثار في مجال السياسة فقط، إنما شملت مجالات كثيرة؛ دينيَّة، واجتماعيَّة، واقتصاديَّة، وفكريَّة، وغير ذلك.
أسباب الثورة الفرنسية معقَّدة وكثيرة، وخلاصتها وصول الشعب إلى حالةٍ كبيرةٍ من الاحتقان، نتيجة الأزمة الاقتصاديَّة الناجمة عن الديون المتراكمة على الدولة بعد حرب السنوات السبع، وحرب الاستقلال الأميركية، بالإضافة إلى القحط المتزامن مع هذه الأحداث نتيجة سوء الأحوال الجوِّيَّة. -أيضًا- يُضاف إلى ذلك سوء إدارة الملك لويس السادس عشر Louis XVI للدولة، والبذخ الشديد، وعدَّة أفكار تنويريَّة سبقت الثورة بعقود، مع سخط الشعب لزيادة امتيازات النبلاء ورجال الدين. قامت الثورة الشعبية بلا قائد في مايو 1789م، واقتُحم سجن الباستيل الشهير، وهو رمز للملكيَّة الفرنسيَّة، في 14 يوليو 1789م (العيد القومي لفرنسا)، وأُعلنت حقوق الإنسان، وأُلغي الإقطاع وامتيازات النبلاء، في أغسطس من السنة نفسها. دارت صراعاتٌ كثيرةٌ في فرنسا بين أنصار الثورة وأنصار الملكيَّة انتهت بإعلان الجمهوريَّة الفرنسيَّة في 1792م، وإعدام لويس السادس عشر في يناير 1793م.
أدَّى التحريض الشعبي إلى صعود ماكسمليان روبسبير Maximilien Robespierre إلى الحكم، وقيامه خلال سنة واحدة فقط (يوليو 1793م-يوليو 1794م) بعددٍ كبيرٍ من الإعدامات بمحاكم ثوريَّة متسرِّعة، أدَّت إلى قتل ما بين ستَّة عشر وأربعين ألفًا من المعارضين، فيما عُرِف بعهد الإرهاب في فرنسا. بعد هذا العهد الدموي تولى حكم فرنسا في عام 1795م مجلس يُسَمَّى مجلس المديرين، والذي اتَّسم عهده بعدم الاستقرار الداخلي، واضطهاد رجال الدين، كما اتُّهم أفراده بالفساد المالي. لم تكن المحاكمات الظالمة هي فقط السبب في الموت، بل فَقَدَ أكثر من أربعمائة ألف فرنسي أرواحهم في الحرب الأهليَّة الدائرة في البلاد بين أنصار الملكيَّة والجمهوريَّة، وذلك في الفترة من 1793م إلى 1796م! -أيضًا- في هذه الفترة حاربت معظمُ الدول الأوروبية، كالنمسا وبروسيا وهولندا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، الجمهوريَّةَ الفرنسيَّة؛ وذلك لخشية هذه الدول من انتهاء الملكيَّة في بلادها، ولكن انتصرت فرنسا في معظم هذه المعارك، بفضل العبقريَّة العسكريَّة لقائدها الموهوب نابليون بونابرت Napoleon Bonaparte. تزعَّم بونابرت انقلابًا على حكومة المديرين في عام 1799م، ليؤسِّس حكومة القناصل، وبعدها الإمبراطوريَّة الفرنسيَّة عام 1804م، وليُصبح هو إمبراطورها الأوَّل تحت اسم نابليون الأول Napoleon I.
صدَّرت الثورة الفرنسية أفكارها إلى العالم أجمع. كانت بدايةَ ثوراتٍ عديدةٍ على السلالات الملكيَّة في العالم، ومِنْ ثَمَّ قيام «الجمهوريَّات» على نطاقٍ واسع. رسَّخت كذلك الثورة الفرنسية مفهوم «القوميَّة»، ممَّا شجَّع الدول المندرجة تحت الإمبراطوريَّات على التحرُّر لتكوين دولٍ قوميَّةٍ خاصَّةٍ بها (ومنها الدول المندرجة تحت حكم العثمانيين). -أيضًا- دعمت الثورة الفرنسية الحرب ضدَّ رجال الدين، وانتهجت «العلمانيَّة» كمبدأ، وفصلت الدين تمامًا عن الدولة، وبذلك أقصت الكنيسة بشكلٍ جذريٍّ عن حياة الشعب. ومع أن الثورة الفرنسية كانت تُنادي بالحرِّيَّة، والمساواة، والإخاء، إلا أن الحكومات الناتجة عن هذه الثورة قادت عدَّة اجتياحات بشعة في إفريقيا والعالم في خلال القرن التاسع عشر والعشرين أدَّت إلى استعباد عددٍ كبيرٍ من الشعوب، وإزهاق أرواح الملايين، واستنزاف مقدَّرَات أممٍ كاملة.
يمكن مراجعة تفاصيل هذه الثورة المهمَّة في عددٍ كبيرٍ من الكتب المتخصِّصة التي فصَّلت في أحداثها الكثيرة، وفي مقدِّمتها كتاب «الثورة الفرنسية» للمؤرِّخ الفرنسي چورچ ليفبر Georges Lefebvre، وهو من أكبر المتخصِّصين في تاريخ الثورة الفرنسية، والكتاب من جزئين؛ الأوَّل من بداية الثورة إلى عام 1793م[2]، والثاني من عام 1793م إلى عام 1799م[3]. -أيضًا- يمكن قراءة كتاب «تاريخ أكسفورد للثورة الفرنسيَّة» للمؤرِّخ الإنجليزي وليام دويل William Doyle[4]، وهو -أيضًا- من المتخصِّصين الكبار في تاريخ فرنسا في القرن الثامن عشر، وكتابه هذا من أشهر كتب الثورة الفرنسية[5].
[1] Palmer, Robert Roswell & Colton, Joel: A History of the Modern World, Fifth edition, Knopf, New York, USA, 1978., p. 341.
[2] Lefebvre, Georges: The French Revolution: from 1793 to 1799 (vol. 2), Columbia University Press, New York, USA, 1962., vol. 1.
[3] Lefebvre, 1962, vol. 2.
[4] Doyle, William: The Oxford History of the French Revolution, Oxford University Press, Oxford, UK, 2002.
[5] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 2/ 892- 894.
التعليقات
إرسال تعليقك