التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كان إلغاء الخلافة العثمانية صادمًا لكثيرٍ من المسلمين في العالم آنذاك، بل ما زال صادمًا لبعضهم إلى زماننا الآن.
تعليق على إنهاء الخلافة العثمانية
كان إلغاء الخلافة العثمانية صادمًا لكثيرٍ من المسلمين في العالم آنذاك، بل ما زال صادمًا لبعضهم إلى زماننا الآن. عبَّر عن ذلك أحمد شوقي بأبياته الشهيرة:
الْــهِـنْـدُ وَالِــهَـةٌ وَمِـصْـرُ حَــزِينـَـــةٌ تَبْـكِـي عَـلَـيْكِ بِـمَــدْمَــعٍ سَـــحَّــاحِ
وَالـشَّـامُ تَـسْأَلُ وَالْـعِرَاقُ وَفَارِسٌ أَمَحَا مِنَ الْأَرْضِ الْخِـلَافَةَ مَـــاحِ؟[1]
الحقُّ أنني أعذر إلى حدِّ ما أولئك المعاصرين للحدث، والذين فُجِعوا بفراغ كرسي الخلافة، فصبُّوا جامَّ غضبهم على رجال الحكومة التركيَّة الذين قاموا بهذا العمل، واعتبروا أن ما فعله أتاتورك، ورجال الاتحاد والترقي، في العشرين أو الثلاثين سنةً التي ظهروا فيها، هو الذي أسقط الخلافة العثمانية، وهو الذي أصاب الإسلام في مقتل، وهو الذي أفرغ كرسي الخلافة، وهو الذي مزَّق المسلمين وفرَّقهم.
لقد كتب المعاصرون هذه المشاعر بعاطفةٍ فياضة حتى شعرنا أن عبد المجيد الثاني الذي عزلته الحكومة التركيَّة هو عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان، وليس رجلًا لا علم له بالسياسة ولا بالدين! وتناقل المؤرِّخون والمفكرون هذه الكتابات بعد ذلك، وتوارثناها عنهم، حتى صارت عندنا «عقيدة»! صرنا «نعتقد» اعتقادًا جازمًا أن رجال الاتحاد والترقي الأشرار، ويهود الدونمة الخبثاء، والماسونيَّة العالميَّة المجرمة، هم السبب الحقيقي والرئيس وراء نكبة المسلمين، وهذا في الواقع خلاف الحقيقة. إن هؤلاء جميعًا ما كانوا إلا «شماعة» يُعَلِّق عليها المسلمون أخطاءهم الفادحة، وقصورهم الفاضح، والذي آل بهم إلى هذا الوضع المذري. إنَّنا إذا كنَّا نعذر -نسبيًّا- أولئك المعاصرين للأحداث، فإننا لا نُعذر مطلقًا المتأخرين الذي قرأوا الأحداث بعمق، وشاهدوا النتائج، وعلموا حال الأمَّة الإسلاميَّة. إن أتاتورك ليس السبب في احتلال الجزائر، أو تونس، أو مصر، أو السودان، وليس السبب في تخلُّفنا العلمي، وعدم كفايتنا الاقتصاديَّة، وليس السبب في خراب مدارسنا، ومستشفياتنا، وجيوشنا، وكافَّة مصالحنا ومؤسَّساتنا! ليس كلُّ ما نُعانيه الآن -أيها المسلمون- ناتجًا عن قرار مجلس النوَّاب التركي عام 1924م بإلغاء كرسي الخلافة من تركيا! إن هذه في الواقع سطحيَّة شديدة في التحليل، وإننا نحتاج أن نتناول المسألة بشيءٍ من الهدوء.
سيكون تحليلنا لمسألة إلغاء الخلافة من خلال النقاط التالية:
أولًا: ما هو مفهومنا عن «خليفة» المسلمين؟ هل هو كرسي شرفي ديني يُعظِّمه المسلمون كما يُعظِّم الكاثوليك مثلًا البابا في الڤاتيكان؟ أم أنه حاكمٌ قويٌّ «يحكم» المسلمين، ويرعى شئونهم، ويدافع عن حقوقهم، ويُطَبِّق شريعتهم؟ إن كنَّا نريد «خليفةً» يعيش في قصره معزولًا عن العالم، يرسم، ويلعب الموسيقى، ويقضي أوقاتًا ممتعةً مع نسائه وأولاده، بل قد يقرأ القرآن، ويدرس صحيح البخاري، ثم لا يكون له علاقةٌ من قريبٍ ولا بعيدٍ بشئون أمَّته، ويكون دوره فقط الحفاظ على «شكل» الخلافة في الوجود؛ إذا كنَّا نريد ذلك فهذا في الواقع قصورٌ شديدٌ في الرؤية!
أيضًا لو كان هذا القصور في دور الخليفة أمرًا عارضًا حَدَثَ في سنةٍ ما، أو عقدٍ من العقود، أو حتى في قرنٍ من القرون، لصبرنا عليه، ولأوقعنا اللوم على من «استعجل» وألغى كرسيَّ الخلافة، لكنَّ الأمر أيها المسلمون ليس عارضًا!
منذ متى والخلافة شكليَّة؟!
يمكن أن يعتقد بعضهم أن الخلافة شكليَّة منذ عزل السلطان عبد الحميد الثاني، ولكن الواقع أن هذا السلطان لم يكن له سيطرة فعليَّة إلا على إسطنبول والأناضول، وإلى حدٍّ ما على الشام، أمَّا بقيَّة الدولة العثمانية فلا سيطرة فعليَّة له عليها، ناهيك عن «العالم الإسلامي». ويعتقد بعضهم أن الخلافة شكليَّةٌ منذ دخول الدولة العثمانية في زمن الانهيار الخفي؛ أي منذ عام 1768م. ويمكن أن يرجع بعضهم بالزمن أكثر، ويرى أن الخلافة شكليَّةٌ منذ بدأ العثمانيون في التراجع بعد هزيمة ڤيينا في 1683م، ومِنْ ثَمَّ دخلوا في عصر الثبات، وما عادوا فاعلين بقوَّة في الأحداث العالميَّة. ويمكن أن يقول بعضهم إن الدولة العثمانية في زمن قوَّتها المفرطة، في عهدي سليم الأول وسليمان القانوني، لم تَدَّعِ الخلافة؛ إنما كانت مجرَّد دولة إسلاميَّة قويَّة، وبالتالي فالخلافة بمعناها الحامي للمسلمين في الأرض لم يكن متحقَّقًا كذلك. أمَّا إذا رجعنا بالزمن أكثر من ذلك فسنراها شكليَّةً تمامًا في زمن المماليك؛ حيث كان الخليفة العباسي يقطن في قصرٍ بالقاهرة، ولا علاقة له مطلقًا بالسياسة أو الدين، بينما يدير البلاد السلطان المملوكي. هذا الوضع استمر منذ سقوط الخلافة العباسية في بغداد على يد التتار عام 1258م (656 هـ)، وقيامها بصورةٍ شكليَّة في مصر عام 1261م، إلى سقوطها على يد سليم الأول عام 1517م. بل دعوني أقول: إن الخلافة كانت شكليَّةً في معظم سنوات حكم الدولة العباسيَّة ذاتها، وذلك منذ عام 857م (227 هـ)، الذي يُمثِّل آخر زمن القوَّة في حياة الدولة العباسيَّة! هذا كلُّه يعني أن الخلافة «شكليَّةٌ» منذ عام 857، وقد أُلْغي هذا «الشكل» عام 1924م؛ أي بعد أكثر من ألف عام! هل ينبغي الصبر أكثر من ذلك؟!
ثانيًا: من هو الرمز الذي يريد المسلمون المعترضون على قرار مجلس النوَّاب التركي أن يُرشِّحوه لقيادة البلد؟ هل تتوقَّع بعد قراءة الأحداث أن الأفضل «للمسلمين» أن يقودهم عبد المجيد الثاني؟ هل يمكن أن يكون الحلُّ في البحث عن فردٍ آخر من آل عثمان «نتفضَّل» عليه «بالخلافة» بصرف النظر عن إمكاناته؟ لقد أُعطي منصب الخلافة قبل ذلك لمرضى عقليِّين في التاريخ العثماني؛ مثل: السلاطين محمد الثالث، أو إبراهيم، أو محمد الخامس، وأُعطي منصب الخلافة لأطفال، كما حدث مع محمد الرابع! من العجيب أنَّنا لم نسمع آنذاك عن استنكاراتٍ في العالم الإسلامي لمثل هذه المواقف المجنونة، كأنَّنا قد تمسَّكنا بكلِّ طاقتنا بالشكل، وتركنا المضمون تمامًا! إن «الخليفة» محمد السادس هو الذي قَبِلَ معاهدة سيڤر، وإن الحركة الوطنية التركية هي التي خاضت حروب الاستقلال، وفرضت معاهدة لوزان، فأيُّ الفريقين أفضل؟ بل هل الأفضل للمسلمين أن يقودهم الخليفة عبد الحميد الثاني -وهو أقدر بلا جدال من عبد المجيد الثاني- الذي حلَّ البرلمان، وألغى الدستور، وأَبَى أن يُوجَد في بلده مَنْ يُراجعه، وفضَّل أن يعتمد على رأيه بمفرده كخليفة، أم أن تُدار البلاد بشورى، ودستور، ومراجعة للحاكم؟
إننا لا نُقارن هنا بين عبد المجيد الثاني ومصطفى كمال أتاتورك، بل نُقارن بين نظامٍ ونظامٍ آخر. نظام يُعطي قيادة الأمَّة عن طريق الوراثة للابن أو الأخ حتى لو كان سفيهًا أو ضعيفًا، ونظام يعتمد على الاختيار الشعبي الحقيقي لقائده عن طريق الانتخاب الحر. نُقارن بين نظام يعتمد على رأي الحاكم وقراره حتى لو كان مُتَّبِعًا لهواه، ونظام يعتمد على دستورٍ ثابتٍ لا تتلاعب به الأهواء. نعم قد يكون في النظام الأوَّل مَنْ يكون ابنًا قديرًا، أو أخًا موهوبًا، فينجح في قيادة البلاد، ونعم قد يُفْرز النظام الثاني ديكتاتورًا أو طاغية، لكن تظلُّ هذه استثناءات، ولا ينبغي للمسلمين أن يسعوا إلى نظامِ توريثٍ عشوائيٍّ متجاهلين أنظمة الشورى ورأي الأغلبيَّة.
ثالثًا: الخلافة الإسلامية هي التي يجتمع عليها المسلمون في العالم؛ فهل كان هذا متحقَّقًا مع الدولة العثمانية؟ الدولة العثمانية كانت -في زمان قوَّتها- إمبراطوريَّةً قويَّة، وسَلْطَنةً غالبة، لكنَّها لم تكن تجمع «كلَّ» المسلمين، فلماذا ينبغي أن يكون الخليفة عثمانيًّا، وليس من الهند؟ أو المغرب؟ أو إندونيسيا؟ أو وسط إفريقيا؟ أو روسيا؟ إن كلَّ هذه البلاد تضمُّ مسلمين لا يندرجون تحت الدولة العثمانية، فلماذا نعدُّ زعيم العثمانيِّين خليفةً ولا نُعطي هذا اللقب لزعيم المغول المسلمين في الهند مثلًا؟ أو لزعيم ممالك إندونيسيا؟ هل لأنَّه أقوى؟ لقد كان هناك -في زمن ضعف الدولة العثمانية- من هو أقوى منه، ولم يُعطه المسلمون لقب «خليفة». على سبيل المثال لم يُعْطِ المسلمون لقب خليفة لجلال الدين أكبر سلطان المغول المسلمين في الهند مع أنه كان أقوى من سليم الثاني، ومراد الثالث، ومحمد الثالث، المعاصرين له في الدولة العثمانية. هل يُعطي المسلمون لقب خليفة للأكثر أتباعًا؟ لقد كان المسلمون التابعون لسلطان إندونيسيا -ذات الكثافة السكانيَّة الكبيرة- أكثر من أتباع السلطان العثماني بعد اضمحلال الدولة، فلماذا لا يكون هو الخليفة؟!
إن هذا الكلام يعني أن مجلس النواب التركي عزل سلطانًا، سُمِّي على وجه الخطأ خليفةً، ولم يعزل خليفةً على وجه الحقيقة! بل لم يكن «السلاطين» في المائة والخمسين سنةً الأخيرة من عمر الدولة العثمانية يستحقُّون لقب «سلطان» أصلًا فضلًا عن لقب «خليفة»؛ فإن السلطان في عرف الساسة هو القائد الذي لا يتبع أحدًا، ولا تكون لأحدٍ عليه ولاية، أمَّا حكَّام الدولة العثمانية في هذه الحقبة فكانوا يتبعون، ويسمعون، ويُطيعون، لقادة روسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والنمسا! فهل يجوز أن يكونوا خلفاءً للمسلمين بهذه الصورة؟ إن الأكرم لنا أن نكتفي بتسميتهم سلاطين على وجه التبجيل، بل الأفضل الاكتفاء -في هذه الحقبة- بلقب ملكٍ أو أمير.
رابعًا: هل كانت هناك «دولةٌ» مسلمةٌ ترغب في الانقياد للخلافة العثمانية، فنقول عندها: إن مجلس النواب التركي حَرَمَ هذه الدولة من «فرصة» الانضمام للخلافة بعد أن ألغاها؟ وأنا أقول «دولة» ليكون كلامنا واقعيًّا يمكن أن يُؤدِّي إلى نتيجة، أمَّا استشهادنا بقول عالم، أو شاعر، أو مفكر، فهو لا يُجدي في هذه الظروف، فنحن لا نتكلم عن الوضع «النظري» الأمثل؛ إنما نتكلم عن واقع الدول المسلمة آنذاك.
ألم يسعَ العرب إلى الانسلاخ عن «الخلافة» العثمانيَّة في ثورتهم العربيَّة الكبرى؟ عجبًا أيها المسلمون!! أتستنكرون على الجمهوريَّة التركيَّة أن تلغي الخلافة حتى لا تحرموا البلاد المسلمة من الانقياد إليها، على الرغم من أن هذه البلاد وقفت بكلِّ جرأةٍ إلى جوار الإنجليز ليُسْقِطوا هذه «الخلافة»؟ إن كانت خلافةً حقًّا فتحت أيِّ عنوانٍ تضعون الثورة العربية؟ وإن لم تكن خلافةً فلماذا تحملون على من ألغاها؟ ألم يَثُرْ أهل الشام على الدولة العثمانيَّة في مايو 1916م قبيل الثورة العربية مباشرة؟ ألم يَثُرْ أهل العراق -أيضًا- على الدولة العثمانيَّة؟ ألم يرفض أهل اليمن الحكم العثماني؟ ألم تكن الثورة العرابية في مصر ضدَّ الخديوي توفيق التابع للدولة العثمانيَّة؟ ألم يرفض العرب في الجزيرة العربية حكم العثمانيِّين جملةً وتفصيلًا، سواء العرب في الحجاز (الأشراف)، أم العرب في نَجْد (السعوديون)؟ ألم تُحارب إيران الدولة العثمانية في كلِّ مراحلها؟ ألم يسعَ الأكراد إلى تأسيس كردستان للانفصال عن الدولة العثمانيَّة؟ ألم تَقُمْ البوسنة وألبانيا المسلمتان بالثورة على الدولة العثمانيَّة؟
وبعد الثورة العربية ظهر العداء الواضح «للخلافة العثمانية»! في سوريا «احتفل» الشعب بدخول الملك فيصل ابن الشريف حسين حاكمًا مع الجيش الإنجليزي[2]، وعندما طرد الفرنسيون الملك فيصل من سوريا بعد فرض الانتداب الفرنسي عليها[3]، عرضت بريطانيا عليه أن يكون حاكمًا على العراق! فوافق الملك فيصل، وانتقل من جدة إلى البصرة على متن البارجة الإنجليزيَّة نورث بروك Northbrook[4]، واستقبله الشعب العراقي «بالاحتفال» كذلك، مع أنه استُقبل في الوقت نفسه في بغداد من المندوب السامي الإنجليزي في العراق بيرسي كوكس Percy Cox، ممَّا يعني تبعيَّته لبريطانيا[5]! حدث كلُّ ذلك عام 1921م أثناء تقطيع بريطانيا «للخلافة العثمانية»! -أيضًا- تمكَّن الملك عبد الله بن الشريف حسين من تأسيس مملكةٍ في شرق الأردن تحت انتدابٍ إنجليزي[6]، ومن جديد كان الشعب فرحًا «بخلاصه» من «الخلافة العثمانية»!لأجل أيِّ دولةٍ في العالم الإسلامي ينبغي للجمهوريَّة التركيَّة أن تُبْقِي «الخلافة»؟
إن جميع الدول الإسلامية في هذه الحقبة تريد أن «تتحرَّر» من القيد العثماني، فما الخطأ في إعطائها ما تريد؟ وما الجريمة في الإعلان الصريح أن الجمهوريَّة التركيَّة لن تسعى إلى اقتحام حدود دولةٍ مسلمةٍ مجاورة بحجَّة ضمِّها إلى «الخلافة»؟!
خامسًا: ما مدى «واقعيَّة» أن يكون مركز الخلافة الإسلاميَّة في تركيا؟ إنَّنا شاهدنا تاريخ الدولة العثمانية في المائة وخمسين سنةً الأخيرة، وشاهدنا نزيف الأراضي السنوي، وشاهدنا الهزائم تلو الهزائم. لقد كان التقلُّص في الحجم، والقوَّة، والطاقة البشريَّة، والاقتصاد، هو السمة الغالبة لهذه المرحلة التاريخيَّة الطويلة. الآن -وبمشقَّة- استطاع الأتراك أن يُحرِّروا الأناضول وإسطنبول وتراقيا الشرقيَّة، ولولا أنَّ هذا التحرير حدث بعد إنهاك أوروبا في الحرب العالمية الأولى، ورفض شعوبها الدخول في حربٍ جديدة، ما تمكَّن الأتراك من تحرير بلادهم. هل يُعْقَل من الناحية «الواقعيَّة العمليَّة» أن يحمل الأتراك في هذه الحقبة مهمَّة «الخلافة» وما يعقبها من أدوارٍ تجاه البلاد المسلمة الأخرى في الأرض؟ إنهم بصعوبةٍ سينهضون ببلادهم، ويُعيدون تأسيس بنيةٍ تحتيَّةٍ مناسبة.
لقد كانت بلادهم شديدة التخلُّف عن أوروبا في زمن الدولة العثمانيَّة، ثم زاد التخلُّف والتدمير بعد حروب البلقان والحرب العالمية الأولى، فهل المناسب آنذاك هو استفزاز أوروبا والعالم بكرسي خلافة في إسطنبول؟ مع العلم أنه من الناحية «الواقعيَّة» لن يكون له دورٌ في هذا الوقت. إن الثمن المدفوع من أجل بقاء هذا الكرسي في تركيا أكبر بكثيرٍ من طاقتها كدولةٍ ناشئةٍ تُحاول النهوض من كبوةٍ عظيمة. إنه يكفيها فخرًا -على الأقلِّ في هذه المرحلة- أنها من الدول الإسلاميَّة القليلة في العالم التي حافظت على استقلالها على الرغم من الجشع الشرس لأوروبا وروسيا في هذه الحقبة التاريخيَّة. لم يشهد النصف الأوَّل من القرن العشرين دولًا إسلاميَّةً حرَّة سوى ثلاثٍ فقط؛ تركيا، وإيران، وأفغانستان! أما بقية العالم الإسلامي كله فكان محتلًّا! إن بين تركيا والاحتلال خطوة، ولا بُدَّ لقيادتها أن تكون حذرةً تمامًا في هذه المرحلة.
سادسًا: هل إذا أَلْغَى البرلمانُ التركيُّ «الخلافةَ العثمانيَّة» من تركيا فإن هذا يعني إلغاء «الخلافة الإسلاميَّة» من العالم؟! إن الشعب التركي أنفق من دماء شعبه الكثير على مدار ستَّة قرونٍ في صداماتٍ مع أعداءٍ يتربَّصون دومًا بالأمَّة الإسلاميَّة، ولقد توقَّفت تقريبًا الحروب الصليبيَّة التي كان يستهدف فيها الأوروبيون الشامَ، ومصرَ، عندما ظهر العثمانيُّون على الساحة. أَمَا آن لشعبٍ مسلمٍ آخر أن يتسلَّم الدرع ليُدافع عن الأمَّة الإسلاميَّة، على الأقلِّ إلى أن يلتقط الشعب التركي أنفاسه بعد الحروب الأخيرة؟!
هل الخلافة تركيَّةٌ أم إسلاميَّة؟!
كان المسلمون في هذه الحقبة يتفهَّمون -وهذا صحيح- أن مسألة الخلافة ليست مقصورةً على الأتراك، ولذلك رُشِّحت عدَّة أسماء غير تركيَّة لشغل هذا المنصب، ووصل عدد المرشَّحين لهذا المنصب في هذه الفترة -من الأتراك وغيرهم- إلى ثلاثة عشر مرشَّحًا، ولكنَّها كلها كانت محاولاتٍ فاشلة[7]. كان من المرشَّحين الملك الشريف حسين ملك الحجاز، والملك الشريف يوسف بن الحسن ملك المغرب، والإمام الزيدي يحيى محمد حميد الدين إمام اليمن، والأمير أمان الله خان أمير أفغانستان، والملك فؤاد الأول ملك مصر والسودان[8]. كان الثلاثة الأُوَل من هذه القائمة قرشيِّين، لكن لم تستطع الأمَّة أن تجتمع على أحدهم. عُقِدت عدَّة مؤتمراتٍ للخلافة في هذه الفترة لكنَّها لم تصل إلى نتيجة. كان المؤتمر الأوَّل في إندونيسيا عام 1924م، والثاني في مكة عام 1926م، والثالث في القدس عام 1931م[9]. يُرْوَى أن أتاتورك عرض كرسيَّ الخلافة على الشريف أحمد السنوسي، وكان قد ترك ليبيا إلى إسطنبول، شريطة أن يُغادر تركيا، لكنَّه رفض[10]. وبالمناسبة فإنه في الوقت الذي كانت تُعْقَد فيه هذه المؤتمرات، وتُنْظَم الأبيات الشعريَّة في رثاء الخلافة، كان عبد المجيد الثاني -الخليفة الأخير- قد كرَّس وقته لهواياته، باتِّخاذ مرسمٍ أنيقٍ إلى جوار بيته في أوروبا، وبإضافة هوايةٍ جديدةٍ إلى جوار الرسم والموسيقى، وهي هواية جمع الفراش النادر، وهي الهواية التي شغلت الجانب الأكبر من العشرين سنةً الأخيرة من حياته[11]!
كان من الواضح من متابعة الأسماء المرشَّحة أن المسلمين لا ينظرون إلى الخلافة على أنها قيادةٌ حقيقيَّةٌ للأمَّة الإسلاميَّة؛ إنما هي في أعينهم منصبٌ شرفيٌّ له بُعْدٌ ديني. لا أعتقد أبدًا أن الرسول ﷺ عندما حضَّ على الإمامة أو الخلافة كان يعني هذه الصورة الشكليَّة؛ إنما كان يعني إعطاء المنصب لرجلٍ قويٍّ أمين، يستطيع أن يجمع المسلمين تحت راية الإسلام، ويُدافع عن الحرمات، ويردع الأعداء، ويُطبِّق الشريعة، ويبني الأمَّة، لا أن يكون منصبًا شرفيًّا يخفض المسلمون أمامه عيونهم توقيرًا، ويصرفون له بعض الأموال التي تحفظ هيبته!
سابعًا: لم يكن المسلمون يستوعبون في هذه المرحلة أنهم ينتقلون -رغمًا عن أنوفهم- من مرحلة «المـُلْكِ العاضِّ» إلى مرحلة «المـُلْكِ الجبْريِّ»، وذلك كما وصف رسول الله ﷺ!
عن حذيفة بن اليمان قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ» ثُمَّ سَكَتَ[12].
لقد انتهت مرحلة النبوَّة، ومرحلة الخلافة على منهاج النبوَّة، والآن تنتهي مرحلة المـُلْكِ العاضِّ، ومع أن الكثير من العلماء يرون أن كلمة «العاضِّ» تعني الظلم والعسف[13][14]، فإنَّني أرى أن مقصودها في الحديث هو الحُكْمُ الوراثي، والذي «يَعَضُّ» فيه المـَلِكُ على الحُكْمِ، فلا يُسْلِمُه إلَّا لولده، أو لأخيه، أو لأحد أفراد عائلته. اخترتُ هذا التفسير للكلمة لأنَّ «التوريث»، وليس الظلم، هو السمة الرئيسة لهذه الحقبة. نعم يوجد الظلم -وأحيانًا يكثر- في معظم فترات هذه الحقبة الملكيَّة، خاصَّةً إذا اعتبرنا أن أيَّ مخالفةٍ للشريعة هي في الحقيقة نوعٌ من الظلم، ولكن من المؤكَّد أن هناك عددًا لا بأس به من «الملوك» في التاريخ الإسلامي اتَّسموا بالعدل وتطبيق القرآن والسُّنَّة، ومع ذلك كان كلُّ هؤلاء الملوك «يُوَرِّثون» الحُكْمَ لأقاربهم. أيًّا ما كان الأمر فإن هذه المرحلة ستبدأ في الذهاب الآن، وسيختفي حكم العائلات المالكة، كالعثمانيَّة، وتبدأ مرحلة المـُلْكِ الجبري الذي يُسيطر فيه «الأقوى» على الحكم، «فيُجبر» الناس على طاعته بقوَّة السلاح. هذا يعني على الأغلب الحكم العسكري الذي يقود فيه البلاد أحد قادة الجيش، كمصطفى كمال أتاتورك. سيكون انتهاء مرحلة «المـُلْك العاضِّ» تدريجيًّا، فينتهي من الدولة العثمانيَّة الآن، ثم يبدأ في الانتهاء تباعًا من دول العالم الإسلامي الواحدة تلو الأخرى، حتى يصير الوضع إلى ما نحن عليه الآن، حيث تحوَّلت غالبيَّة بلاد العالم الإسلامي -كما وصف رسول الله ﷺ- إلى الحكم الجبري (العسكري)، ولم تبقَ إلَّا دولٌ محدودةٌ ما زالت تعيش في مرحلة المـُلْكِ العاضِّ.
لم يكن المعاصرون لقرار إلغاء الخلافة العثمانيَّة مدركين لهذا التغيُّر المفاجئ، ولهذا كان هذا الرد العنيف غير العقلاني من بعضهم. قال تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: 38].
ثامنًا: ليس معنى أنَّني لا أعتب على البرلمان التركي -ومصطفى كمال أتاتورك- في مسألة إلغاء الخلافة، أنَّني أوافق هؤلاء في طريقتهم في حكم البلاد بعد ذلك. إن المنهج الذي سارت عليه الأحزاب الحاكمة في تركيا، خاصَّةً حزب الشعب الجمهوري لمصطفى كمال أتاتورك، لم يكن منهجًا إسلاميًّا قط، بل كان علمانيًّا، وللأسف فقد ظنَّ كثيرٌ من الوطنيِّين في تركيا أن التخلُّف الذي أصاب الدولة العثمانيَّة، والأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها في قرونها الأخيرة، والتسلُّط الغربي عليها، كل ذلك كان بسبب الإسلام، وأخطئوا في هذا الفهم، فبَذَلَ القائمون على الأمر في تركيا جهدهم الأوفر في البعد عن أيِّ مظهرٍ إسلامي. شمل هذا تغيير القوانين، ونبذ الشريعة، وإلغاء المحاكم الشرعيَّة، وفصلًا كاملًا للدولة عن الدين، وإلغاء المدارس الدينيَّة، وتغيير كتابة اللغة التركيَّة إلى الحروف اللاتينيَّة، وكثيرًا من القوانين الخاصَّة بالمرأة، حتى وصل الأمر إلى قوانين خاصَّة باللباس تُبْعِد الشعب عن أيِّ صورةٍ إسلاميَّةٍ قديمة[15][16]!
أيضًا كانت هناك مبالغةٌ في مسألة «تتريك» الشعب التركي، وإن لم يكن من أصولٍ تركيَّة، مثل إرغام غير الأتراك على اختيار اسم عائلةٍ تركيٍّ Surname Law، ومحو أجزاء من لقب العائلة إن كان يُشير إلى أصلٍ غير تركيٍّ (مثل يان yan، أو ڤيتش viç، أو أوف of، أو بن bin)، وتغييرها بلاحقة «أوغلو»[17]، أو منع أيِّ لغةٍ أخرى إلى جوار اللغة التركيَّة[18][19]. كان المعانون من هذه السياسة أكرادًا على الأغلب[20].
أيضًا مَارَسَ مصطفى كمال أتاتورك حكمًا دكتاتوريًّا لا مجال فيه للمعارضة، ولم يكن حكمه يخلو من العنف الزائد في كثيرٍ من الأحيان[21][22].
ومع ذلك فكلُّ ما ذكرناه من انتقاداتٍ لا يلغي الدور الكبير الذي قام به الرجل في تحديث تركيا، وفي تطوير بنيتها التحتيَّة، وفي إشعار شعبها بوطنيَّتهم، وقوَّة انتمائهم لبلدهم، وفي بناء جسور ثقةٍ بين تركيا وكثيرٍ من شعوب الأرض، وفي تحسين علاقاتها الخارجيَّة، والأهمُّ من كلِّ ذلك الحفاظ عليها «حرَّةً» على الرغم من الأطماع المهولة للقوى الإمبرياليَّة في العالم آنذاك. هذه الأمور وغيرها هي التي تُفسِّر الحبَّ الكبير الذي يكنُّه غالب الشعب التركي إلى الآن لأتاتورك على الرغم من مرور عقودٍ على موته. لقد كان نموذجًا عجيبًا من الرجال جمع بين متناقضاتٍ كثيرة، ولقد تعجَّب المؤرِّخ الإنجليزي وليام وودرَف William Woodruff من حبِّ الشعب التركي المتزايد لأتاتورك فقال: «إلى أن مات أتاتورك عام 1938م، وعلى الرغم من حكمه التعسُّفي، فإن شعبيَّته وسط الأتراك كانت في زيادةٍ دومًا لا نقصان»[23]!
الحقُّ أن النموذج التركي صار -ولا يزال- مثالًا لكثيرٍ من الدول التي تريد أن تخرج من الاحتلال، وتُحقِّق الاستقلال، ولهذا كان رمز أتاتورك كبيرًا عند معظم الحركات التحرُّريَّة في العالم[24].
[1] شوقي، أحمد: الشوقيات، دار الكتب العلمية، بيروت، 2015م. صفحة 1/88.
[2] بشور، وديع: سوريا صنع دولة وولادة أمة، دار اليازجي، دمشق، 1994م. صفحة 306.
[3] دافيه، ميشيل كرستيان: المسألة السورية المزدوجة: سورية في ظل الحرب العالمية الثانية، ترجمة: جبرائيل البيطار، مطبوعات وزارة الدفاع، دمشق، 1987م. صفحة 45.
[4] العيساوي، عبد العال وحيد: لواء المنتفق في سنوات الاحتلال البريطاني 1914–1921: دراسة في أحواله الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والادارية، النجف-العراق، 2008م. صفحة 229.
[5] ديب، كمال: موجز تاريخ العراق من ثورة العشرين إلى الحروب الأميركية والمقاومة والتحرير وقيام الجمهورية الثانية، دار الفارابي، بيروت، 2013م. صفحة 43.
[6] الزيدي، مفيد: موسوعة تاريخ العرب المعاصر والحديث، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان-الأردن، 2004م، 2004 صفحة 79.
[7] Pankhurst, Reza: The Inevitable Caliphate?: A History of the Struggle for Global Islamic Union, 1924 to the Present, Oxford University Press, New York, USA, 2013., p. 59.
[8] Ardıç, Nurullah: Islam and the Politics of Secularism: The Caliphate and Middle Eastern Modernization in the early 20th Century, Routledge, New York, USA, 2012., p. 85.
[9] Pankhurst, 2013, p. 59.
[10] Özoğlu, Hakan: From Caliphate to Secular State: Power Struggle in the Early Turkish Republic, ABC-CLIO, Santa Barbara, California, USA, 2011., p. 5.
[11] Jenkins, Philip: The Great and Holy War: How World War I Changed Religion For Ever, Lion Books, Oxford, UK, 2014., p. 333.
[12] أحمد (18430) قال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. والطبراني: المعجم الكبير، 1/157 (371)، والبزار (2796)، وقال العراقي: حديثٌ صحيحٌ أخرجه أحمد في مسنده. انظر: العراقي، 2000 صفحة 1/176، وقال الهيثمي: رواه أحمد... والبزار أتم منه، والطبراني ببعضه في الأوسط ورجاله ثقات. انظر: الهيثمي: 1994 صفحة 5/189، وذكره الألباني في الصحيحة (5).
[13] الزبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني أبو الفيض: تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، (دون سنة طبع). صفحة 18/436.
[14] ابن المَلَك، محمَّدُ بنُ عزِّ الدِّينِ عبدِ اللطيف بنِ عبد العزيز بن أمين الدِّين بنِ فِرِشْتَا: شرح مصابيح السنة للإمام البغوي، تحقيق ودراسة: لجنة مختصة من المحققين بإشراف: نور الدين طالب، إدارة الثقافة الإسلامية، الطبعة الأولى، 1433هـ=2012م. صفحة 5/477.
[15] بوزرسلان، حميد: تاريخ تركيا المعاصر، ترجمة: حسين عمر، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث-أبو ظبي، المركز الثقافي العربي-بيروت، الطبعة الأولى، 1430هـ=2009م.الصفحات 52-54.
[16] شاكر، محمود: التاريخ الاسلامي، المكتب الاسلامي، بيروت، (العهد العثماني، الجزء الثامن، الطبعة الثالثة، 1411هـ=1991م) (التاريخ المعاصر: تركيا 1342-1409هـ=1924-1989م، الجزء السابع عشر، الطبعة الثانية، 1417هـ=1996م).صفحة 17/51-56.
[17] Ekmekçioğlu, Lerna: Improvising Turkishness: Being Armenian in post-Ottoman Istanbul (1918–1933), University of Michigan, Ann Arbor, Michigan, USA, 2010., p. 169.
[18] Aslan, 2007, pp. 245–272.
[19] بوزرسلان، 2009 صفحة 55.
[20] Hinchcliffe, Peter & Milton-Edwards, Beverley: Conflicts in the Middle East Since 1945, Routledge, New York, USA, 2004, p. 81.
[21] Lee, Stephen J.: European Dictatorships 1918–1945, Routledge, New York, USA, Third Edition, 2008., p. 37.
[22] Turam, Berna: Between Islam and the State: The Politics of Engagement, Stanford University Press, Stanford, California, USA, 2007., p. 41.
[23] Woodruff, William: The Struggle for World Power 1500–1980, The Macmillan Press LTD, London, UK, 1981., pp. 188-189.
[24] انظر: دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 2/ 1285- 1295.
التعليقات
إرسال تعليقك