التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كان السلطان مراد الثاني يعطي الفرصة لابنه الأمير محمد الثاني لقيادة الدولة في حياته ويأخذ قراراته منفردًا، فما أسباب ذلك؟
في يوم 31 أكتوبر 1448م، وقبل أن يصل مراد الثاني من كوسوڤو إلى عاصمته أدرنة، تُوفِّي الإمبراطور چون الثامن إمبراطور الدولة البيزنطية، وكانت وفاته بالقسطنطينية عن عمرٍ يُناهز خمسةً وخمسين عامًا ولم يكن له أبناء[1]. كانت أزمة في الدولة البيزنطيَّة لأنَّ أخوة چون الثامن الثلاثة كانوا متصارعين، ومع أنَّ چون الثامن كان قد استخلف أخاه قُسطنطين على الحكم من بعده، فإنَّ ذلك لم يُرْضِ الأخوين الآخرين: تُوماس Thomas، وديمتريوس Demetrius، فدار صراعٌ بين الثلاثة حول زعامة الدولة البيزنطيَّة، ووقفت الأم إلى جوار قُسطنطين، وبعد تفاصيل كثيرة استقرَّت الأمور فعلًا له، وكان آنذاك حاكمًا للمورة، وتابعًا للدولة العثمانيَّة، وقد تُوِّج في مدينة ميسترا Mistra -كُتبت في بعض المصادر Mystras- في 6 يناير 1449م، وهو التتويج الوحيد في تاريخ الدولة البيزنطيَّة الذي تمَّ خارج أسوار القسطنطينيَّة، وكان هذا التتويج البعيد نتيجة الصراعات التي دارت بين الإخوة وعدم استقرار الأمور[2]. يلفت الأنظار في هذا الصراع أنَّ الإخوة الثلاثة حاولوا أخذ الاعتراف من السلطان مراد الثاني بأحقيَّة كلٍّ منهم في قيادة الدولة البيزنطيَّة، وقد أعطى السلطان اعترافه الرسمي لقُسطنطين -الذي كان تابعًا له- وكان ذلك في ديسمبر 1448م[3]، وبعدها تُوِّج في يناير، وهذا الموقف يُوضِّح لنا مدى الضعف الذي وصلت إليه الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، ومدى القوَّة التي حقَّقتها الدولة العثمانيَّة آنذاك.
هكذا تُوِّج قُسطنطين الإمبراطور على الدولة البيزنطيَّة تحت لقب قُسطنطين الحادي عشر Constantine XI Palaiologos، وهو تتويجٌ مهمٌّ في التاريخ؛ لأنَّه سيكون الأخير في حياة هذه الإمبراطوريَّة العتيدة؛ إذ ستنهار كليَّةً في عهده، وذلك عندما يفتح محمد الثاني القسطنطينيَّة في عام 1453م؛ أي أنَّ ولاية هذا الإمبراطور ستكون أقلَّ من خمس سنوات، ومع أنَّه كان من المتوقَّع نظريًّا أن يكون حال الإمبراطوريَّة معه أفضل، لكونه أكثر نشاطًا وحماسةً من سابقه الإمبراطور چون الثامن، فإنَّ هذا النشاط والطموح قاده إلى خطواتٍ متسرِّعةٍ ساعدت على سقوط القسطنطينيَّة، وهذا من الإعداد الربَّاني لهذا الحدث.
وصل قُسطنطين الحادي عشر إلى القسطنطينيَّة في يوم 12 مارس، وبمجرَّد وصوله راسل مرادًا الثاني طالبًا عقد معاهدة سلام، وفي الوقت نفسه قام بتقسيم شبه جزيرة المورة اليونانيَّة بين أخويه تُوماس وديمتريوس، اللذين صارا بذلك تابعَين للدولة العثمانيَّة[4]. صار ديمتريوس حاكمًا للمنطقة التي كان يحكمها قُسطنطين قبل ذلك، وقاعدتها مدينة ميسترا، وهي تُمثِّل جنوب شرق المورة، وأمَّا تُوماس فكان يحكم الشمال الغربي من المورة، وبه مدن باتراس Patras، وميسينيا Messenia، وغيرهما[5]، ولأنَّ الشقاق كان بينهما مستحكمًا، فإنَّهما لم يصبرا طويلًا على عدم الخلاف، فدار بينهما صراع، والجدير بالذكر أنَّ كليهما سعى إلى السلطان مراد الثاني ليُعينه على الطرف الآخر[6]!
هذا الاضطراب الداخلي، وهذا اللجوء المتكرِّر لمراد الثاني، يُفسِّر الوضع الذي آلت إليه الأمور في اليونان بشكلٍ خاص، وفي البلقان بشكلٍ عامٍّ، وهذا كله سيُؤخذ في الاعتبار عند الحديث عن الظروف التي قادت إلى فتح القسطنطينيَّة.
قبل وفاة چون الثامن بشهرٍ واحدٍ حدثت وفاةٌ أخرى في اليونان كان لها أثرٌ مهمٌّ في مجريات الأمور، وهي وفاة الأمير كارلو الثاني توكو Carlo II Tocco، وهو أميرٌ تابعٌ للدولة العثمانيَّة من عام 1430م، وكان يحكم مدينة أرتا Arta وما حولها من أراضٍ أقصى غرب اليونان، وهي جزءٌ من المنطقة التي عُرِفت في التاريخ باسم إبيروس Epirus، وكان يحكم أيضًا جزر كيفالونيا Cephalonia، وزانتي Zante في البحر الأيوني[7]. كانت هذه الوفاة في 30 سبتمبر 1448م[8]، ولم يترك كارلو الثاني وراءه إلَّا طفلًا صغيرًا هو ليوناردو[9]، وكانت هذه مشكلةً كبيرة؛ إذ إنَّ الأطماع في هذه المنطقة كانت كبيرةً من أكثر من طرف! لقد كانت عائلة توكو Tocco الحاكمة في هذه المنطقة منذ عام 1411م عائلةً تنتمي إلى أوروبَّا الغربيَّة[10]، وهذا يعني أنَّ عيون البابا والكاثوليك عليها، وفي الوقت نفسه هي قريبةٌ من الموانئ التي تمتلكها البندقيَّة، وهذا يجعل أطماع البنادقة فيها كبيرة، وفوق ذلك فهي قريبةٌ أيضًا من الحدود الجنوبيَّة لألبانيا، وليس من المستبعد أن يغزوها إسكندر بك بعد موت أميرها وولاية هذا الطفل ليوناردو عليها، خاصَّةً أنَّ الألبان كانوا يحكمون هذه المنطقة قبل قدوم عائلة توكو إليها[11].
كل هذه المعطيات جعلت مرادًا الثاني يُسْرع في عام 1449م بضمِّ أرتا Arta إلى الدولة العثمانيَّة بدلًا من أن تكون مجرَّد تابع، مع جعل ليوناردو حاكمًا على الجزر الأيونيَّة تحت اسم ليوناردو الثالث Leonardo III، مع استمراره في دفع الجزية إلى الدولة العثمانيَّة[12].
لم يكن هذا الضمُّ لأرتا عسكريًّا على الأغلب؛ لأنَّنا لم نسمع عن أيِّ حملاتٍ عسكريَّةٍ في عام 1449م كلِّه، فكان الضمُّ سياسيًّا بالاتفاق، وهذا متوقَّعٌ بالنظر إلى الحالة الضعيفة التي كانت عليها الإمارة، وصغر سنِّ حاكمها، بالإضافة إلى أنَّ الدولة العثمانيَّة كانت تُسيطر على كلِّ شرق ووسط وغرب اليونان، كما أنَّ جنوب اليونان -وهو شبه جزيرة المورة- كان تابعًا للدولة العثمانيَّة، ويدفع الجزية.
هكذا كانت تسير الأمور نحو الاستقرار أكثر وأكثر في منطقة اليونان، وجاء عام 1449م هادئًا في مجمله.
***
ماذا كان يفعل محمد الثاني في هذه الأثناء؟!
الواقع أنَّ هناك بعض الإشارت التي تُؤكِّد أنَّ محمدًا الثاني كان يُمارس في مانيسا سلطاتٍ واسعة، ممَّا قد يُشير إلى أنَّه لم يكن واليًا على المقاطعة فقط؛ إنَّما كان حاكمًا للأناضول كلِّه، بل يُمكن القول إنَّه كان شِبْهَ مستقلٍّ بهذا القطاع عن الدولة، وهو بلا شَكٍّ قطاعٌ كبيرٌ قد يُمثِّل ما يقرب من نصف الدولة العثمانيَّة..
من هذه الإشارات ما يلي:
الإشارة الأولى: وردت بعض الروايات التي تذكر أنَّ محمدًا الثاني نظَّم هجماتٍ متتاليةً على بعض موانئ البندقيَّة الموجودة في بحر إيجة، وذلك من سنة 1446 إلى سنة 1449م، وكان حريصًا على أن تأخذ هذه الهجمات شكل الحرب الجهادية[13]، وذكر بابينجر أنَّ مجلس الشيوخ البندقي ناقش في يوم 17 مارس 1449م مسألة الهجمات التي تعرَّضت لها جزيرة نيجروبونتي Negroponte تحديدًا، وهي أهمُّ مراكز البندقيَّة في بحر إيجة، وذلك لمدَّة ثلاث سنوات من 1446 إلى 1449م[14]، وأكَّد المؤرِّخ الإنجليزي روچر كراولي Roger Crowley هذه المعلومات في كتابه المفصَّل عن تاريخ البندقيَّة[15].
الإشارة الثانية: قام محمد الثاني بطباعة بعض العملات النحاسيَّة الخاصَّة به في مانيسا، وقام بابينجر بوصف هذا النوع من العملات[16]، ومن المعروف أنَّ طباعة العملات هو نوعٌ من إثبات السيادة الخاصَّة على المنطقة التي يُتَعَامَل فيها بالعملة.
الإشارة الثالثة: عند حملة ألبانيا في صيف 1448م جيش الأناضول كلَّه كان تحت قيادة محمد الثاني.
الإشارة الرابعة: قام السلطان مراد الثاني في عام 1449م بتزويج ابنه محمَّد الثاني زواجًا سياسيًّا مرَّتين، والزواج السياسي هو الذي يرمي من وراءه الحاكم تقوية الروابط السياسيَّة مع إمارةٍ أو دولة، فكان الزواج الأوَّل من ست شاه مكرمة خاتون Sitti Şah Hatun (Mükerreme) ابنة سليمان بك أمير إمارة ذي القادر التركمانيَّة[17]، وبعض المؤرِّخين يضع هذا الزواج في عام 1450م[18]، وكان الزواج الثاني من كلشاه خاتون Gülşah Hatun ابنة الأمير إبراهيم بك أمير إمارة قرمان[19]، التي أنجبت له في العام التالي -أي عام 1450م- ابنه مصطفى[20]، وكان من الواضح أنَّ هذين الزواجين يهدفان إلى دعم أركان الدولة العثمانيَّة في الأناضول، وأنَّ العنصر المشترك فيهما هو محمد الثاني، فهذا التدعيم يصبُّ في استقرار حكمه للأناضول حاليًّا، وللدولة العثمانيَّة كلِّها مستقبلًا.
هذه الإشارات الأربع التي ذكرناها تُعطي الانطباع بأنَّ محمدًا الثاني كان يحكم الأناضول في هذا التوقيت، وكان له من الصلاحيَّات ما ليست لمجرَّد والٍ على إحدى الولايات، ولا حتى مجرَّد وليٍّ للعهد؛ إنَّما هي صلاحيَّات حاكمٍ أو «سلطان»، والواقع أنَّني أختلف مع المؤرِّخة الإنجليزيَّة كارولين فينكل Caroline Finkel في افتراضها أنَّ العمليَّات العسكريَّة التي قام بها محمد الثاني وصكَّه للعملة، كان محاولةً منه للانفراد بالحكم في الأناضول رغمًا عن أنف أبيه مراد الثاني، وانتقامًا لكونه عُزِل من السلطة عام 1446م بعد أن عاد والده لقيادة الدولة[21].
إنَّ الدراسة الدقيقة لهذه الأحداث لَتُؤكِّد أنَّ كلَّ هذه الإجراءات كانت بمعرفة وموافقة السلطان مراد الثاني، إنْ لم تكن بترتيبه من الأساس! والذي يثبت ذلك أنَّ المصادر لم تنقل قط أيَّ نوعٍ من الصراع بين الأب وابنه، ولو كانت هناك محاولةٌ لاستقلال محمد الثاني بالأناضول لكان ردُّ الفعل عنيفًا من السلطان الوالد، أو على الأقل ستكون هناك إجراءات لمنع هذا الاستقلال من التطوُّر، لكن الذي رأيناه هو عكس ذلك؛ فالسلطان مراد الثاني يُزوِّج ابنه زواجين يدعمان وجوده بشكلٍ أكبر في الأناضول، فبعد هذه المصاهرة ستكون جيوش قرمان وذي القادر مواليةً للسلطان الشابِّ، وإذا ما فكَّر في الانفراد بحكم الأناضول فإنَّ هذا سيكون أفضل لهم؛ حيث سيكونون مصاهرين لسلطان الأناضول بدلًا من مجرَّد المصاهرة لوليِّ العهد، ولهذا فليس من المعقول أن يسعى مراد الثاني لترسيخ أقدام ابنه في الأناضول في الوقت الذي يخشى فيه من استقلاله به. يُضاف إلى ذلك أنَّنا رأينا جيش الأناضول بقيادة محمد الثاني يأتي بشكلٍ طبيعيٍّ في حملة ألبانيا 1448م مستجيبًا لطلب مراد الثاني، ثم يأتي مرَّةً أخرى في معركة كوسوڤو في السنة نفسها، وكان محمد الثاني على ميمنة الجيش، وحدث كلُّ ذلك بشكلٍ عادي، دون أيِّ اعتراضاتٍ أو مشاكل، مع كون هذه الحملات العسكريَّة مرهقة للغاية؛ حيث استمرَّت من شهر أبريل إلى شهر أكتوبر من عام 1448م، أي ستَّة شهور كاملة، فليس من المقبول أن تكون كلُّ هذه التحرُّكات العسكريَّة المشتركة بين الوالد وابنه موجودةً في ظلِّ صراعٍ بين الاثنين على حكم الأناضول.
والحقُّ أنَّني أرى أنَّ هذا الترتيب مقصود من السلطان مراد الثاني، وله في هذا أهدافٌ واضحة؛ فهو يُحقِّق ما كان يصبو إليه منذ خمسة أعوامٍ من إعطاء ابنه الفرصة لقيادة الدولة في حياته بحيث لو احتاج إليه وَجَدَهُ إلى جواره، فتتحقَّق الخبرة اللازمة للسلطان الشاب، ويأمن السلطان مراد من حدوث تمرُّداتٍ جديدةٍ من الجيش أو الحكومة؛ لأنَّه ما زال في سدَّة الحكم، ويمسك بزمام الأمور، ومن هذا المنطلق فالسلطان مراد «يُريد» أن يتصرَّف ابنه الأمير محمد الثاني بشكلٍ منفرد، وكأنَّه يحكم منفصلًا عنه؛ وذلك لكي يعيش التجربة بشكلٍ واقعي، وليكون له رجاله المعاونون له، الذين يُمكن أن يكونوا معه بقوَّةٍ يوم يموت السلطان مراد الثاني، ويكون السلطان محمد الثاني هو الحاكم الوحيد للبلاد.
هذا من ناحية..
ومن ناحيةٍ أخرى فإنَّ وجود هذه الاستقلاليَّة سيُعطي مرادًا الثاني الفرصة لأداء بعض الأعمال التي لا يرغب في أن تكون بموافقته الرسميَّة، ولكنَّها ستكون تحت اسم السلطان «المنفصل» عنه ظاهريًّا، وهذه الأعمال هي القيام بهجماتٍ عسكريَّةٍ على موانئ البندقيَّة في بحر إيجة، والغرض منها هو إرهاب هذه الجمهوريَّة القويَّة لمنعها من التفكير في غزو الدولة العثمانيَّة، خاصَّةً مع غدرها بالعثمانيِّين في معركة ڤارنا عام 1444م، ولم يكن السلطان مراد الثاني يُريد لهذه الهجمات أن تكون باسم الدولة لوجود اتفاقيَّات تجاريَّة مبرمة مع البندقيَّة عام 1446م، وهذه الحروب ليست متعارضةً مع هذه الاتفاقيَّات، فالأمر لم يكن معاهدة سلام؛ إنَّما كان سماحًا للتجَّار البنادقة بالبيع والشراء في الموانئ العثمانيَّة، وهذا كان يُحقِّق مصالح للدولة العثمانيَّة، فأراد السلطان مراد الثاني أن يُحقِّق الفائدتين معًا؛ فهو يتعامل تجاريًّا مع البندقيَّة، وفي الوقت نفسه يُقلِّم أظافرها عسكريًّا، حتى لا تتهوَّر مستقبلًا بعملٍ عدائيٍّ ضدَّ الدولة العثمانيَّة كما حدث من قبل، فكانت أنسب الطرق هي القيام بمثل هذه الهجمات تحت اسم السلطان «المنفرد» بحكم الأناضول، وكأنَّه لا علاقة له بالسلطان مراد الذي يُمثِّل الدولة العثمانيَّة!
الكلام نفسه يُقال على مسألة صكِّ العملة؛ فالعملة المصكوكة في الحقيقة هي عملةٌ نحاسيَّة، أي ليست فضيَّة ولا ذهبيَّة، فهي في الواقع لا تُمثِّل قيمةً حقيقيَّة، ويُمكن أن تُؤدِّي إلى تضخمٍ يُهدِّد اقتصاد الدولة، وتقوم به الدولة أحيانًا لمواجهة الاحتياج الحادِّ إلى الأموال، والذي أتوقعه أنَّ مرادًا الثاني أراد القيام بهذه الخطوة لتوفير أموالٍ تُعينه على الحملات العسكريَّة المتكرِّرة في عام 1448م، وتذكر المصادر أنَّ إصدار مثل هذه العملات النحاسيَّة كان يُعْطَى لهيئاتٍ خاصَّةٍ غير تابعةٍ للحكومة، وأنَّ العمل بها كان لا يتجاوز ثلاث سنوات، ثم تقوم الحكومة بإلغائها[22] حتى لا تُؤثِّر في اقتصاد الدولة، وأعتقد أنَّ هذا كلَّه كان بمعرفة مراد الثاني، بل بأمره، وكان الغرض من إصدارها باسم محمد الثاني هو التغطية على الأمر اقتصاديًّا، وإعلاميًّا، وعالميًّا، حتى لا تهتز صورة الدولة في الداخل والخارج.
وبالإضافة إلى ما سبق فإنَّنا سنرى في أحداث عام 1450م استدعاءً جديدًا لمحمد الثاني وجيش الأناضول للمشاركة في حملةٍ طويلةٍ على ألبانيا، وسيتمُّ هذا كلُّه بسلاسةٍ طبيعيَّة، ممَّا يُؤكِّد أنَّ الاتِّفاق بين الوالد وابنه كان قويًّا ومستمرًّا.
هذه هي أحداث عام 1449م بشكلٍ عامٍّ، ولم تشهد السنة أحداثًا أخرى، اللهمَّ من أمرٍ مؤسفٍ واحد؛ وهو وفاة أمِّ الأمير محمد الثاني، وهي السيِّدة هُما خاتون، وكان ذلك في سبتمبر 1449م، وقد دُفِنَت ببورصا[23]، وكان موتها -ومحمد الثاني ما زال في السابعة عشرة من عمره- استمرارًا لسلسلة الأحزان التي مرَّ بها الشابُّ الصغير؛ حيث فَقَد أخويه من قبل، حتى صار وحيدًا، ثم فَقَد أمَّه الآن، ولن يلبث إلَّا قليلًا حتى يفقد أباه كذلك! ولله الأمر من قبل ومن بعد..
***
لم يبقَ ما يُؤرِّق حياة السلطان مراد الثاني ويُشعره بالقلق على مستقبل الدولة العثمانيَّة ومستقبل ابنه الأمير محمد الثاني إلَّا مسألةٌ واحدةٌ فقط، وهي تمرُّد ألبانيا!
إنَّ قوَّة إسكندر بك تتزايد مع الوقت، وأوروبَّا تُعلِّق آمالها عليه، وستُقدِّم له الدعم حتمًا، ووجود مثل هذا التمرُّد في هذه المنطقة البعيدة عن مركز الدولة العثمانيَّة يُمثِّل خطرًا داهمًا؛ إذ إنَّ احتمالات التوسُّع شرقًا في مقدونيا، أو جنوبًا في اليونان، واردةٌ بقوة، كما أنَّ ضياع إقليم ألبانيا ونجاح فكرة التمرُّد فيه، قد يُثير بقيَّة الأقاليم العثمانيَّة في أوروبَّا، وقد تحدث انقلابات مشابهة في مقدونيا، أو بلغاريا، أو اليونان.
هذه الهواجس كلُّها دفعت مرادًا الثاني إلى التفكير في حملةٍ جديدةٍ على ألبانيا، مستغلًّا فترة الراحة الكبيرة التي قضتها الجيوش العثمانيَّة طوال عام 1449م، وقد أراد السلطان الكبير أن يُنهي المسألة بحسم، فجعل وجهة الجيش عاصمةَ التمرُّد الألباني، وهي مدينة كرويه Krujë الحصينة.
استدعى السلطان مراد الثاني ابنه محمدًا الثاني من الأناضول، فأتى على رأس جيشه إلى أدرنة حيث تجمَّعت بقيَّة الجيوش، وفي أبريل 1450م خرجت هذه الجموع في اتِّجاه كرويه[24]. بلغ تعداد الجيش العثماني مائة ألف مقاتل كان منهم ستُّون ألفًا من الفرسان[25]. كان العدد كبيرًا بالقياس إلى القوَّة المحدودة لإسكندر بك، ولكنَّ السلطان مرادًا الثاني كان راغبًا في حسم الأمر في جولةٍ واحدة.
وصلت الأخبار إلى إسكندر بك، ومِنْ ثَمَّ بدأ استعداداته!
كانت مدينة كرويه من أحصن المدن في البلقان، وكأنَّها جزءٌ من الجبل الذي بُنيت عليه، وهذا ساعد إسكندر بك على اختيار سياسة القتال ضدَّ جيوش الدولة العثمانيَّة الكبيرة.
لقد قرَّر إسكندر بك أن يترك في القلعة حاميةً محدودة قوامها أربعة آلاف مقاتل[26]، كانت كافيةً للدفاع عن المدينة الحصينة؛ حيث إنَّها لن تدخل في حروبٍ ميدانيَّةٍ مع الجيش العثماني؛ إنَّما ستتولَّى فقط قذف البارود والحجارة، وإصلاح الأسوار في حال تهدُّمها من جرَّاء القصف العثماني.
كانت هذه الفرقة المدافعة عن كرويه مكوَّنة من عرقيَّاتٍ مختلفة؛ فكان منهم الألمان، والإيطاليُّون، والفرنسيُّون[27]، فهؤلاء غالبًا كانوا من المرتزقة؛ لأنَّه حتى هذه اللحظة لم تكن الدول الأوروبِّيَّة تُرسل معونات حقيقيَّة إلى إسكندر بك. وضع إسكندر بك على رأس هذه الحامية واحدًا من أكفأ قادته، وكان صديقًا شخصيًّا له، وهو الكونت الإيطالي ڤرانا Vrana Konti، وكان قائدًا عسكريًّا من نابولي التحق بإسكندر بك قبل الحصار بشهور[28]. بالإضافة إلى ذلك زوَّد إسكندر بك المدينة بالغذاء والمؤن التي تكفيها لحصار ستَّة عشر شهرًا[29].
كان هذا هو استعداد إسكندر بك بخصوص المدينة ذاتها، أمَّا هو فقد جهَّز جيشًا من ثمانية آلاف مقاتل، كان فيهم سلاڤيُّون، وإيطاليُّون، وألمان، وآخرون[30]، واختار إسكندر بك أن يتجنَّب القتال المباشر مع الجيش العثماني الكبير؛ إنَّما سيُحارب حرب العصابات عن طريق الكرِّ والفرِّ[31]، وسيجعل تمركزه في أحد الجبال القريبة من مدينة كرويه، وهو جبل تومينيشتي Tumenishti، وهو يُعرف الآن بجبل إسكندر بك Mount Scanderbeg، وهو يقع شمال غرب المدينة، ويتميَّز بالوعورة الشديدة، التي لا تترك إلَّا طرقًا محدودةً بين سلاسله الضخمة[32].
في 14 مايو 1450م وصل الجيش العثماني آمنًا إلى أسوار مدينة كرويه[33]، ولم يتعرَّض لهجماتٍ في الطريق لكونه مسيطرًا على بعض النقاط المهمَّة في الطريق إلى العاصمة الألبانيَّة، وأهمُّ هذه النقاط هي قلعة سڤيتيجراد التي أخذها العثمانيُّون عام 1448م، وكذلك مدينة بيرات Berat المهمَّة في وسط ألبانيا، التي استطاعت فرقةٌ من الجيش العثماني أن تأخذها في أوَّل عام 1450م، وقبل وصول الجيش العثماني[34].
نصب السلطان مراد الثاني آلات الحصار والمدافع حول قلعة المدينة، وكان منها بعض المدافع الضخمة التي تلقي قذائف بوزن أربعمائة باوند[35]، وعرض السلطان على الحامية أن تستسلم ويُعطيها الأمان، ولكنَّها رفضت، فبدأ من فوره في قذف المدينة، واستمرَّ القصف أربعة أيَّامٍ متواصلة حتى أحدث ثقبًا في أحد الجدران، ولكنَّ جنوده لم يستطيعوا الدخول من هذا الثقب لصلابة الحامية المدافعة عن المدينة، ووفرة قذائفهم، فأُصلِح الثقب ولم يدخل إلى المدينة أحدٌ من العثمانيِّين[36]. في هذه الأثناء بُوغِت المعسكر العثماني ليلًا، ممَّا أحدث خسائر كثيرة في الأرواح في الجانب المسلم[37].
كانت البندقيَّة آنذاك تؤدِّي دورًا تجاريًّا بحتًا لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالدين؛ إذ كان البنادقة في مدينة شقودرة Shkodër يبيعون المؤن والطعام للعثمانيِّين، بينما كان البنادقة في مدينة دوريس Durrës يبيعون الطعام للألبان[38]! هكذا كان التجَّار البنادقة مستفيدين في كلِّ الأحوال من استمرار عمليَّة الحرب بين الطرفين، وهكذا تفعل كثيرٌ من القوى العظمى وتجَّار السلاح والغذاء في العالم، دون النظر إلى أيِّ طبيعةٍ للحقوق أو القيم!
هذا المدد البندقي للطرفين شجَّعهما على المطاولة في الحصار؛ لأنَّ غياب هذا الدعم اللوجيستي كان سيُؤدِّي إلى رحيل الجيش مبكِّرًا لكون إسكندر بك استخدم سياسة الأرض المحروقة؛ حيث أمر المزارعين بحرق محاصيلهم والهروب في الجبال، ممَّا جعل الحصول على موادٍّ غذائيَّةٍ تكفي عشرات الآلاف من الجنود أمرًا شاقًّا[39]، فكان الطعام الذي يُوفِّره البنادقة سببًا في استمرار الحصار أسبوعًا بعد أسبوع.
كرَّر مراد الثاني محاولة اقتحام القلعة في أواخر شهر يوليو، ولكنَّ محاولته باءت بالفشل كذلك، بل تعرَّض جيشه لهجماتٍ ليليَّةٍ متكرِّرة، كما استُدرِج أكثر من مرَّة في الجبال، ثم وقع في كمائن، وكانت خسارته كبيرة[40].
استمرَّ الحصار للمدينة دون فائدة، وكرَّر مراد الثاني محاولة الاقتحام مرَّةً ثالثة، ولكن دون نتيجة، وبدا واضحًا أنَّ اقتحام القلعة عسكريًّا هو أمرٌ من الصعوبة بمكان[41].
حاول مراد الثاني أن يحفر أنفاقًا تحت الأسوار لكي يدخل المدينة من خلالها، لكنَّ الطبيعة الصخرية التي بُنيت عليها المدينة، بالإضافة إلى المقاومة العنيفة من الحامية الألبانيَّة، جعلت هذا الأمر مستحيلًا[42].
في سبتمبر 1450م هاجم إسكندر بك قافلةً بندقيَّةً كانت تحمل الطعام للجيش العثماني، وهذا أحدث توتُّرًا بين البندقيَّة وألبانيا، وهدَّد بقطع معاهدة السلام التي عُقِدَت بين الطرفين في 1448م، وتَدَخَّل حاكم دوريس البندقي في الوساطة بين إسكندر بك وحاكم شقودرة البندقي، وتمَّت تهدئة الأمور عن طريق منع تجَّار البندقيَّة من إمداد العثمانيِّين بالأغذية والمؤن[43].
وَجَد الجيش العثماني صعوبةً في إكمال الحصار في ظلِّ غياب التموين الغذائي، وفي شهر أكتوبر أدرك السلطان مراد الثاني أنَّ قدوم الشتاء سيُصعِّب الأمور كثيرًا على الجيش، وقد تتمكَّن الفرق الألبانيَّة المعتادة على الأجواء السيِّئة للطقس أن تنال من الجيش العثماني بصورةٍ أكبر، ولهذا قرَّر السلطان رفع الحصار آسفًا في 26 أكتوبر والعودة إلى أدرنة دون تحقيق نتيجة[44].
كانت خسائر الجيش العثماني في هذا الحصار الطويل الذي زاد على أربعة أشهر، خسائر كبيرة للغاية؛ إذ تذكر المصادر أنَّ الأرقام جاوزت عشرين ألف قتيل[45][46]، هذا غير الخسائر الاقتصاديَّة والمعنويَّة، بالإضافة إلى الأثر الإيجابي الكبير الذي حقَّقه إسكندر بك بهذا الانتصار.
رفع هذا النصر من أسهم إسكندر بك بشكلٍ كبير، وجاءه السفراء بالتهنئة من معظم الأماكن المهمَّة في أوروبَّا: من البابا في روما، ومن مملكة نابولي، ومن بورجاندي الفرنسيَّة، وكذلك من مملكة المجر، ولم تكن هذه التهنئات مجرَّدة؛ إنَّما كانت مصحوبةً بموادٍّ مساعدة، وأموال، بل شاركت هذه الدول في إصلاح تحصينات مدينة كرويه بعد القصف الشديد الذي تعرَّضت له[47].
كانت أكثر الدول الأوروبِّيَّة حماسة لإسكندر بك هي مملكة نابولي، وكانت تهنئة ملكها ألفونسو حارَّة للغاية، وعرض عقد تحالفٍ بين الفريقين يكون فيه إسكندر بك تابعًا لملك نابولي على أن يمدَّه الملك الإيطالي بالمعونة العسكريَّة والاقتصاديَّة، وهذا الأمر سيتطوَّر إلى معاهدةٍ تُعقَد في مدينة جيتا Gaeta الإيطاليَّة في 26 مارس عام 1451م، وسيتبعها قدوم فرقةٍ عسكريَّةٍ كتالونيَّة (إسبانيَّة)؛ لأنَّ ملك نابولي هو ملك أراجون الإسبانيَّة في الوقت نفسه، وستقوم هذه الفرقة بحماية مدينة كرويه تحديدًا[48]؛ لتحقيق طموحات الملك ألفونسو في إقامة حملاتٍ صليبيَّةٍ متتاليةٍ على الدولة العثمانيَّة تكون منطلقةً من ألبانيا[49].
هكذا كانت حملة ألبانيا بنتائجها السلبيَّة، وقد تركت الانطباع الراسخ عند السلطان مراد الثاني، وكذلك عند وليِّ عهده الأمير محمد الثاني، أنَّ مشكلة تمرُّد إسكندر بك ليست مشكلةً عابرة؛ إنَّما ستؤرِّق الدولة العثمانيَّة لعدَّة سنواتٍ قادمة، وقد تتفاقم الأزمة بشكلٍ أكبر إذا ما استخدمت أوروبَّا الغربيَّة هذا الرجل كرأس حربةٍ في طموحاتها لطرد العثمانيِّين من البلقان، أو على الأقلِّ تحجيم قوَّتهم[50].
[1] Venning Timothy A Chronology of the Byzantine Empire [Book]. - Now York, USA : palgrave Macmillan, 2006. - Introduction by Jonathan Harris., p. 721.
[2] Gregory Timothy E. A History of Byntizaum [Book]. - west Sussex, UK - Wiley-Blackwell, Malder, M A, USA : Wiley- Blackwell, 2010., p. 390.
[3] Venning, 2006, p. 721.
[4] Nicol Donald M Byzantium and Venice: A Study in Diplomatic and Cultural Relations [Book]. - New York, USA : Cambridge University Press, 1992., p. 390.
[5] Venning, 2006, p. 721.
[6] Nicol, 1992, p. 390.
[7] Fine John Van Antwerp The Late Medieval Balkans: A Critical Survey from the Late Twelfth Century to the Ottoman Conquest [Book]. - [s.l.] : University of Michigan Press, 1994., p. 544.
[8] Setton Kenneth Meyer The Papacy and the Levant, 1204-1571: The fifteenth century [Book]. - [s.l.] : American Philosophical Society, 1976. - Vol. ii., vol. 2, pp. 97-98.
[9] Fine, 1994, p. 563.
[10] Ellis Steven G and Klusáková Lud'a Imagining Frontiers, Contesting Identities [Book]. - Pisa, Italy : Pisa University Press, 2007., p. 136.
[11] Fine, 1994, p. 543.
[12] Finlay George The history of Greece under Othoman and Venetian Domination, A. D. 1453-1821 [Book]. - Edinburgh And London : William Blackwood and sons, 1856., p. 75.
[13] Güzel Hasan Celâl [et al.] The Turks: Ottomans [Book]. - Istanbul, Türkey : Yeni Türkiye, 2002.., vol. 3, 2002.
[14] Babinger Franz Mehmed the Conqueror and His Time [Book]. - [s.l.] : Princeton University Press, 1978., p. 56.
[15] Crowley Roger City of Fortune: How Venice Won and Lost a Naval Empire [Book]. - London, UK : Faber and Faber, 2011., p. 308.
[16] Babinger Franz Mehmed the Conqueror and His Time [Book]. - [s.l.] : Princeton University Press, 1978., pp. 58-59.
[17] Sakaoğlu Necdet Famous Ottoman women [Book]. - Istanbul, Turkey : Creative Yayincilik, Avea, 2007, p. 69.
[18] İnalcık Halil Mehmed the Conqueror (1432-1481) and His Time [Article] // Speculum. - Chicago, USA : The University of Chicago Press, 1960., vol. 35, no. 3, p. 411.
[19] يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية، المترجمون عدنان محمود سلمان و مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري. - إستانبول : مؤسسة فيصل للتمويل، 1988م. صفحة 1/153.
[20] Freely John The Grand Turk: Sultan Mehmet II, Conqueror of Constantinople and Master of an Empire An Empire And Lord Of Two Seas [Book]. - New York : The Overlook Press, 2009., p. 19.
[21] Finkel Caroline Osman's Dream: The Story of the Ottoman Empire 1300-1923 [Book]. - London UK : John Murray, 2005., p. 46.
[22] Pamuk Sevket A Monetary History of the Ottoman Empire [Book]. - Cambridge, UK : Cambridge University Press, 2000., p. 39.
[23] Babinger, 1978, p. 60.
[24] Babinger, 1978, p. 60.
[25] Gibbon Edward The History of the Decline and Fall of the Roman Empire (vol 2 1807, vol6 1826, 1957, vol 7 2008) [Book]. - [s.l.] : J. & J. Harper, 1807., vol. 6, p. 465.
[26] Francione Gennaro Skënderbeu, një hero modern : (Hero multimedial) [Skanderbeg, a modern hero (Hero multimedia)] (in Albanian) [Book] / ed. Aliaj Donika and Aliaj Tasim. - Tiranë, Albania : Naim Frashëri, 2003., p. 87.
[27] Hodgkinson Harry Scanderbeg.. From Ottoman Captive to Albanian Hero [Book]. - London, UK : Centre for Albanian Studies, 1999., p. 108.
[28] Noli Fan Stilian George Castrioti Scanderbeg (1405–1468) [Book]. - New York, USA : International Universities Press, 1947., p. 54.
[29] Francione, 2003, p. 88.
[30] Setton, 1976, vol. 2, p. 101.
[31] Fine, 1994, p. 558.
[32] Sarrocchi Margherita Scanderbeide: The Heroic Deeds of George Scanderbeg, King of Epirus [Book]. - Chicago, USA : University of Chicago Press, 2006., p. 151.
[33] Noli, 1947, p. 43.
[34] Pitcher Donald Edgar An historical geography of the Ottoman Empire from earliest times to the end of the sixteenth century with detailed maps to illustrate the expansion of the Sultanate [Book]. - Leiden : E. J. Brill, 1973., p. 69.
[35] Setton, 1976, vol. 2, p. 101.
[36] Francione, 2003, p. 89.
[37] Hodgkinson, 1999, p. 110.
[38] Setton, 1976, vol. 2, p. 101.
[39] Tibbetts Jann 50 Great Military Leaders of All Time [Book]. - New Delhi, India : Vij Books, 2016., p. 568.
[40] Hodgkinson, 1999, pp. 111-113.
[41] Francione, 2003, p. 92.
[42] Moore Clement Clarke George Castriot, Surnamed Scanderbeg, King of Albania [Book]. - New York, USA : D. Appleton & Company, 1850., pp. 196-197.
[43] Tibbetts Jann 50 Great Military Leaders of All Time [Book]. - New Delhi, India : Vij Books, 2016., p. 568.
[44] Elsie Robert A Biographical Dictionary of Albanian History [Book]. - New York, USA : I.B.Tauris, 2013., p. 397.
[45] Tibbetts, 2016, p. 569.
[46] Jaques Tony Dictionary of Battles and Sieges [Book]. - Westport, CT, USA : Greenwood Press, 2007., vol. 2, p. 548.
[47] Setton, 1976, vol. 2, p. 102.
[48] Elsie, 2013, p. 397.
[49] Setton, 1976, vol. 2, p. 102.
[50] دكتور راغب السرجاني: قصة السلطان محمد الفاتح، مكتبة الصفا، القاهرة، الطبعة الأولى، 1441ه= 2019م، 1/ 113- 123.
التعليقات
إرسال تعليقك