التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
شهد عام 1468م حالة من الهدوء النسبي على الجبهات العثمانية المختلفة، ولم يتخلل هذا العام سوى ضم السلطان محمد الفاتح لإمارة قرمان إلى الدولة العثمانية.
شهد عام 1468م حالة من الهدوء النسبي على الجبهات العثمانية المختلفة، ولم يتخلل هذا العام أحداث سياسية كبرى، اللهمَّ من ضمِّ السلطان محمد الفاتح لإمارة قرمان إلى الدولة العثمانية[1]، لتحكم بشكل مباشر بدلًا من نظام التبعية، وسبب هذا التغير السياسي هو غدر أمير قرمان أحمد بن إبراهيم بك، الذي ساعده الفاتح على الوصول إلى عرش قرمان ضد أخيه إسحاق، فقد كان الاتفاق بين الفاتح وأحمد على أن تتم مساعدة الأخير في مقابل إعطاء بعض الأراضي من شمال إمارة قرمان للدولة العثمانية، بالإضافة إلى تبعية الإمارة للدولة، ولكن غَدَرَ أحمد بالدولة العثمانية، وأعاد السيطرة على البقاع التي كان قد تنازل عنها، مستغلًّا انشغال الفاتح بمسألتي بحر إيجة وألبانيا[2][3]، وقد سئم الفاتح من الخيانات المتكرِّرة من هذه الإمارة المتمرِّدة، وأراد أن يُنهي المسألة بشكلٍ حاسم، فتوجَّه إليها بنفسه بحملةٍ همايونيَّةٍ عظيمة، ودخل بسهولة مدينتي قونية ولارندة، وأزاح أحمد عن عرش الإمارة، الذي هرب إلى الشرق، ولم يقبل الفاتح جعلَ الإمارة إمارةً تابعةً كما كانت؛ إنَّما أدخلها بشكلٍ مباشرٍ في الدولة العثمانيَّة، ووضع على قيادتها ابنه الأمير مصطفى، وهو اختيارٌ ذكيٌّ وسياسي؛ حيث كانت أمُّه -زوجة الفاتح- هي بنت إبراهيم بك أمير الإمارة الأسبق، الذي مات عام 1464م، وقد أراد الفاتح بذلك تسكين قلوب القرمانيِّين؛ حيث سيكون أمير الإمارة حفيد الزعيم الذي حكمهم 40 سنة، وفي الوقت نفسه هو ابن فاتح القسطنطينية، وسلطان الدولة العثمانيَّة[4][5]
سيطر الفاتح بذلك على إمارة قرمان، باستثناء سواحلها الجنوبيَّة على البحر الأبيض المتوسط، التي كانت تحت سيطرة إسحاق الابن الأكبر لإبراهيم بك[6].
كان الفاتح يعلم أن ضمَّ إمارة قرمان سيثير مشاكل شرقية؛ وأعني بذلك مشاكل عند دولة المماليك نوعًا ما، وأخرى عند دولة الآق قوينلو في إيران بشكل أكبر، وكان متوقِّعًا تصعيد الأحداث في هذا الاتجاه لكنه لم يَسْعَ إلى هذا التصعيد، بل انتظر ردود الفعل، ولكن لم يحدث شيء. استغلَّ الفاتح هذا الهدوء النسبي وضمَّ ميناء إنيز بشكل مباشر للدولة العثمانية، وذلك في عام 1468م أيضًا بعد ضمه لقرمان[7]، وكان هذا الميناء تحت إدارة الأمير البيزنطي ديمتريوس، وقد وجد الفاتح أن البندقية قد استولت على كل الجزر التي كانت تدار بهذا الأمير، وهي جزر ليمنوس، وساموتراس، وثاسوس، وإمبروس، فكان متوقعًا أن تحاول البندقية أخذ ميناء إنيز كذلك، ولذلك سارع الفاتح بحسم المسألة لصالح الدولة العثمانية.
في صيف عام 1469م قامت البندقية بتصعيد مفاجئ؛ إذ تحَّرك قائدهم الجديد نيكولو دا كانالي Niccolό da Canale بأسطول مكون من 20 سفينة حربية ليقوم بعدة عمليات عسكرية كبيرة في بحر إيجة[8]. قام الأسطول البندقي بحرق ميناء إنيز، ثم أنزلوا هزيمتين بالأسطول العثماني عند جزيرتي ليمنوس وإمبروس[9]، وقاموا كذلك بحرق ميناء فوكايا الجديدة، ولكنهم تعرضوا لهزيمة من الجيش العثماني عند ميناء فوكايا القديمة[10]. لم يكتفِ الأسطول البندقي بذلك إنما قام بإنزال على شاطئ المورة، وقاموا باحتلال مدينة ڤوستيتسا التابعة للعثمانيين[11]، ومع ذلك استطاعت القوات العثمانية البرية في المورة أن تنتصر على القوات البندقية في معركتين؛ الأولى عند مدينة ستورا Stoura، والثانية عند مدينة ڤاسيليكون Vasilikon[12].
كان في عزم الفاتح أن يجعل اهتماماته في المرحلة المقبلة من تاريخ دولته خاصة بالشرق، بمعنى تدعيم وجوده في قرمان، والتوسع في شرق الأناضول، ومجابهة السلطان أوزون حسن، والذي لا بُدَّ أن يتحرك ضده نتيجة ضم قرمان في عام 1468م، ولكن هذه الهجمة البندقية لم تترك للفاتح خيارًا! نعم لم تكن الآثار كبيرة، وكانت الأمور إلى حدٍّ ما تأخذ شكل التعادل أو التوازن، لكن قد يتفاقم الأمر، وتزداد أطماع البندقية إذا ما سكت الفاتح على هذا الهجوم الأخير، لهذا قرَّر الفاتح أن يأخذ خطوة جريئة يمكن أن تجعل كفة الصراع بينه والبندقية تصبح لصالحه بلا جدال! لقد كان قراره أن يسعى لاحتلال جزيرة نيجروبونتي، وهي المركز الرئيس للبندقية في بحر إيجة كله، بل في منطقة اليونان بأسرها، فإذا فعل ذلك ونجح فيه سقط الرأس المدُبِّر الذي يدير كل العمليات العسكرية في المنطقة!
كانت الخطوة جريئة للغاية، لأن الجزيرة في غاية الحصانة، ومن المؤكد أن الحامية المكلفة بحمايتها محترفة ومتمكنة، كما أن ردود فعل البندقية وأوروبا لهذا الهجوم الجرئ قد تكون صاخبة للغاية، ومع كل هذا إلا أن الفاتح لم يتردد في ذلك، بل سعى من فوره لإتمام المهمة على أكمل وجه.
كانت البداية بإعداد أسطول بحري على أحدث طراز، والسعي لدعمه بكل سلاح ممكن، حتى يتمكن من أداء المهمة[13]، ثم قرر الفاتح أن يكون هو بنفسه على رأس الحملة[14]، كما قرر أن تشترك الجيوش البرية مع الأسطول في العملية لتحقيق أكبر فرص النجاح[15].
خرج الأسطول العثماني من جاليبولي في 3 يونيو 1470م بقيادة محمود باشا أنچلوڤيتش، وكان قد ترك الصدارة العظمى، وصار أمير الأسطول البحري، فوصل إلى جزيرة إمبروس فحرَّرها من البنادقة بعد معركة كبيرة في 5 يونيو، ثم انطلق منها إلى جزيرة ليمنوس ولكنه لم يتمكن من إسقاطها، فأكمل طريقه إلى جزيرة نيجروبونتي، وهي الهدف الرئيس للحملة[16].
كان الأسطول العثماني يتكوَّن من عدد كبير من السفن يتراوح بين ثلاثمائة وأربعمائة[17] بينما كانت القوات البرية بقيادة السلطان الفاتح تتكون من 70 ألف مقاتل[18]. وصل الأسطول العثماني إلى شواطئ الجزيرة في 15 يونيو، بينما وصلت القوات البرية قبالة الجزيرة برًّا في 19 يونيو[19].
قام الفاتح بصف 200 سفينة إلى جوار بعضها البعض ليكوِّن جسرًا يمكن لجنوده أن يعبروا عليه من الأرض الأساسية لليونان إلى الجزيرة، وهكذا نُقِل الجنود في وقت محدود إلى القلعة الرئيسة في الجزيرة[20]، وهكذا بدأ الحصار على القلعة في يوم 25 يونيو مع مطالبة السلطان لقائد القلعة بالاستسلام[21]. رفض قائد القلعة البندقي التسليم، وبالتالي بدأ الفاتح في قصف القلعة، وتخلل هذا القصف أربع محاولات للاقتحام، وأخيرًا، وفي المحاولة الخامسة، سقطت القلعة في يوم 12 يوليو 1470م، وبعدها سقطت الجزيرة بكاملها في يد الجيش العثماني بعد سبعة عشر يومًا من الحصار[22][23].
كان هذا النصر واحدًا من أهم انتصارات الفاتح في كل تاريخه!
كانت هذه هي المعركة التي غيَّرت موازين القوى في المنطقة، ورفعت أسهم الدولة العثمانية فوق أسهم البنادقة والإيطاليين.
كان نصرًا مدوِّيًّا هزَّ أوروبا، ليس فقط لضياع بعض ممتلكات البندقية؛ ولكن الأهم هو ميلاد الأسطول العثماني القوي الذي سيُصبح بمقدوره الآن أن يتجوَّل في بحر إيجة، ومنه إلى البحر الأيوني، وقد يصل إلى البحر الأدرياتيكي، ويُهدِّد إيطاليا ذاتها.
هذه نقلةٌ نوعيَّةٌ في تاريخ البحريَّة العثمانيَّة، وأحد أهمِّ إنجازات الفاتح رحمه الله.
ولعلَّ من أبرز النتائج لهذا الانتصار الكبير هو أنَّه ألقى الرهبة في قلوب البنادقة فلم يُفكِّروا في غزو الدولة العثمانيَّة منفردين بعد ذلك؛ إنَّما جعلوا حروبهم معها من خلال التحالفات فقط، وحتى هذه الحروب التي يشتركون فيها مع غيرهم كانت قليلة ومحدودة للغاية. لقد كان نصرًا ترك ظلاله على السياسة البندقية لسنواتٍ عديدة.
يقول المؤرخ الإنجليزي مايكل أنجولد Michael Angold: «قامت الحرب بين العثمانيين والبنادقة، فحدثت عدة نكسات للبندقية، كانت أشدها خطورة فَقْدَ نيجروبونتي عام 1470م»[24].
ويقول المؤرخ الإنجليزي نورمان هاوسلي: «كانت نيجروبونتي هي أهم ما تبقى من ممتلكات النصارى في بحر إيجة، وكان فقدها هو أسوأ كارثة منذ 1453م، كما أنها كانت تصويرًا واضحًا لطموحات العثمانيين البحرية، وما يمكن أن يصلوا إليه»[25].
أما المؤرخ الأميركي كينيث سيتون Kenneth Setton فيقول: «عانت البندقية بفقدها نيجروبونتي أسوأ خسارة لها في القرن الخامس عشر كله»[26].
أما الأعجب من ذلك فتعليقات المعاصرين للحدث، فقد وصف سفير ميلانو في البندقية حالة الشعب والحكومة في ڤينيسيا بعد أن تأكدوا من خبر سقوط نيجروبونتي فقال: «صُدِمَت المدينة بكاملها بالرعب، وكأن كل السكان صاروا موتى»[27]! أما المؤرخ البندقي المعاصر دومينيكو ماليبيرو Domenico Malipiero فيقول: «الآن، وبعد سقوط نيجروبونتي، ذهبت عظمة البندقية إلى الحضيض، وتحطَّم فخرها وشرفها»[28]!
هذا هو فتح نيجروبونتي!
أدرك الفاتح رحمه الله قيمة هذا النصر الكبير، وأدرك بفطنته أنَّ البنادقة سيتردَّدون كثيرًا في استفزازه، سواء في بحر إيجة واليونان، أو في ألبانيا، ومِنْ ثَمَّ اطمأن إلى الناحية الغربيَّة والجنوبيَّة من دولته، ولذا فقد آثر أن يُؤَمِّن حدود دولته الشرقيَّة، التي تُواجه مباشرةً دولة الآق قوينلو، وهي إحدى أكبر الدول المعاصرة في المنطقة، التي كانت تحت قيادة التركي أوزون حسن.
كانت حدود الدولة العثمانيَّة الشرقيَّة قد شملت في هذا التوقيت إمارة قرمان؛ وذلك بعد أن ضمَّها الفاتح عام (873هـ= 1468م)، ووضع على قمَّتها ابنه الأوسط مصطفى، ومع ذلك فالأجزاء الجنوبيَّة من هذه الإمارة، وهي الأجزاء المطلة على البحر الأبيض المتوسط، كانت خارج السيطرة العثمانية؛ إذ كانت محكومة بإسحاق بن إبراهيم بك، وكان مواليًا لأوزون حسن، ولا ريب أنه يتحيَّن الفرصة للانقضاض على إمارة قرمان من جديد ليُزيح مصطفى ابن السلطان الفاتح من العرش، بل لعلَّه -بالتعاون مع أوزون حسن- ينوي التوسُّع شمالًا وغربًا في الأناضول، لذا كان من الضروري القضاء على هذه البؤر الخطرة في جنوب إمارة قرمان.
أرسل السلطان الفاتح أحد أهمِّ وزرائه (الذي سيُصبح صدرًا أعظم بعد ذلك)، وهو كديك أحمد باشا Gedik Ahmed Pasha، فاستطاع أن يضمَّ بعض الأماكن في جنوب الإمارة عام 1470م[29]، وأهمها مدينة نيدا Niğde، ثم وصل إلى المدينة الساحليَّة الكبيرة ألانيا Alanya في عام 1471م ففتحها وضمَّها إلى الدولة العثمانيَّة[30].
صار الوضع أكثر أمانًا في الناحية الشرقيَّة، ومع ذلك فقد كانت هناك مدينة وحيدة ما زالت تحت حكم إسحاق بن إبراهيم بك، وهي مدينة سيليفكي Silifke[31]، وكان حتمًا على السلطان الفاتح أن يُوجِّه إليها جيشًا ليُكمل بذلك ضمَّ إمارة قرمان بكاملها للدولة العثمانيَّة، مع أنَّ ضمَّها يحمل عدَّة مخاطر! إذ إنَّ ضمَّ هذه المدينة سيُؤدِّي إلى استفزاز عدَّة قوى قد تتَّحد سويًّا لدرء الخطر العثماني، وهذه القوى تشمل ما يلي:
أوَّلًا: قوَّة إسحاق بن إبراهيم بك، وهذه أضعف القوى جميعًا؛ ولكنَّها قوَّة مهمَّة أيضًا لأنَّه قد يكون وراءها بقايا القرمانيِّين في الإمارة، الذين قبلوا حكم العثمانيِّين على الرغم من كراهيَّتهم لهم بحكم التنافس المعروف بين القبيلتين.
ثانيًا: قوَّة أوزون حسن، الذي سيفقد آخر الموالين له في الأناضول، وقد يدفعه هذا إلى ردِّ فعلٍ حاسمٍ وقوي، وبالنظر إلى ميوله التوسُّعيَّة الكبرى لن يُسْتَغرب أن نراه يغزو بجيوشه الأناضول الشرقي، بل قد يقتحم الدولة العثمانيَّة ذاتها.
ثالثًا: القوى الأوروبيَّة المختلفة، والمتمثِّلة في ملك المجر، والبندقية؛ لأنَّ هذه القوى كانت ترى في إمارة قرمان حليفًا لها في الأعوام السابقة، وقد تمَّت بينهما معاهدات ضدَّ الدولة العثمانيَّة في زمن الأب إبراهيم بك، والآن تنهار الإمارة التي تُمثِّل شوكة في خصر الدولة العثمانيَّة؛ ومِنْ ثَمَّ قد يُحاولون مساعدتها، بل إنَّ أوزون حسن نفسه سيتأثَّر سلبًا بتضخُّم الدولة العثمانيَّة، وأوزون حسن يُعَدُّ من حلفاء أوروبا، وكانت بينه وبين البندقية سفارات متكررة[32][33]، ولم تكن علاقاته مع البندقية فقط؛ بل وردت أنباء عن طلب أوزون حسن من ملك المجر ماتياس في عام 1471م -أي بعد اقتراب جيوش الدولة العثمانيَّة من سيليفكي- أن يتعاون معه في حرب الدولة العثمانيَّة، على الرغم من أنَّ ملك المجر لم يبدِ قبولًا واضحًا لعرض أوزون حسن[34]، ومع ذلك فقد يتغيَّر موقف ملك المجر إذا رأى حربًا ناجحةً يقودها أوزون حسن، خاصَّةً إذا انضمَّت البندقية إلى حلفه.
رابعًا: قوَّة البابا الكاثوليكي في روما، والواقع أنَّ البابا بول الثاني لم يكن متحمِّسًا -كما ذكرنا من قبل- لإعداد حملةٍ صليبيَّةٍ ضدَّ الدولة العثمانيَّة، نظرًا إلى انشغاله الأكبر بمشاكله الداخليَّة في إيطاليا، ولاهتمامه كذلك بالتطوُّرات الكبرى في بوهيميا، والصراعات الدائرة هناك مع ملك المجر ماتياس؛ وإن كان قد تحمَّس لذلك لحظيًّا بعد سقوط نيجروبونتي[35]، ولكن حدث تطوُّرٌ مفاجئٌ في عام 1471م أدَّى إلى تغيير المواقف؛ وهو موت البابا بول الثاني في 26 يوليو وولاية سيكستوس الرابع Sixtus IV في 9 أغسطس من السنة نفسها[36]، الذي كان من أولى قراراته بعد الباباويَّة إعلان حربٍ صليبيَّةٍ ضدَّ الدولة العثمانيَّة[37]!
خامسًا: قوَّة دولة المماليك المصريَّة، وسبب إثارة هذه القوَّة هو اقتراب الدولة العثمانيَّة جدًّا من حدودها، فلن يبقى فاصلًا بين دولة المماليك والدولة العثمانيَّة بعد ضمِّ قرمان كلِّها، إلَّا إمارة بني رمضان فقط، وهي الإمارة التي تشغل مكان أرمينيا الصغرى سابقًا في منطقة قليقية، وكان مركزها في مدينة أضنة Adana، وهي إمارة صغيرة وضعيفة نسبيًّا، وكانت موالية للمماليك، ولا يُستبعد بعد أن يأخذ العثمانيُّون إمارة قرمان أن يتوسَّعوا في إمارة بني رمضان، ممَّا سيُمثِّل تعدِّيًا صريحًا على دولة المماليك. لا شَكَّ إِذَن أنَّ اقتراب العثمانيِّين من هذه الإمارة في حال سقوط سيليفكي سيُزعج المماليك، خاصَّةً بعد ولاية السلطان المملوكي القوي الأشرف قايتباي عام (872هـ= 1468م)، وهو من أقوى سلاطين المماليك في كلِّ فتراتهم؛ بل هو أقواهم وأفضلهم في رأي ابن تغري بردي المعاصر له[38]، ولن يسكت مثل هذا السلطان على أيِّ مخاطر تتعرَّض لها دولته. نعم لا يُمكن لدولةٍ عظيمةٍ مثل دولة المماليك أن تتعاون مع الصليبيين في حرب دولةٍ مسلمة، لكنَّها يُمكن أن تُمثِّل بنفسها تهديدًا خطرًا، خاصَّةً إذا تزامن مع مخاطر أخرى تتعرَّض لها الدولة العثمانيَّة من القوى الأخرى التي ذكرناها.
كانت هذه كلُّها مخاطر يُفكِّر فيها السلطان الفاتح، ومع ذلك لم يكن متردِّدًا في استكمال المهمَّة، خاصَّةً أنَّه لا يُريد جيبًا آخر غير ألبانيا في دولته يُهدده بشكلٍ مستمر؛ ومِنْ ثَمَّ وجَّه وزيره النشط كديك أحمد باشا لضمِّ سيليفكي، فاستطاع فعل ذلك في عام 1472م[39]، وبذلك دخلت إمارة قرمان بكاملها في الدولة العثمانيَّة.
توتَّر أوزون حسن جدًّا لهذه التطوُّرات، وأخذ قرارًا أحسبه لم يُدْرَس بعناية، وهو إرسال جيش بقيادة ابنه الميرزا يوسف (الميرزا لقب إيراني يعني الأمير)، وبالفعل اقتحم الجيش الإيراني الحدود العثمانيَّة، وتوغَّل جدًّا حتى وصل إلى مدينة توقات Tokat، واحتلَّها ونهبها[40][41][42]، وكان أحمد بن إبراهيم بك -الذي هرب قبل ذلك إلى أوزون حسن- في جيش الآق قوينلو، وكذلك أخوه قاسم، وعندما خرج الأمير مصطفى بن محمد الفاتح من العاصمة قرمان للقاء الجيش الإيراني استطاع أحمد بن إبراهيم بك أن يحتلَّ المدينة[43]، وتأزَّم الموقف جدًّا.
اشتركت قيادات عثمانيَّة ثلاثة في حربٍ ميدانيَّةٍ مع الجيش الإيراني؛ فقد خرج الأمير مصطفى أمير قرمان بقوَّته، وشاركه الوزير كديك أحمد باشا، وكذلك فرقة من إسطنبول بقيادة واليها داود باشا، واشترك الجميع في الحرب التي دارت عند منطقة كيريلي Kireli شرق بحيرة بيشِهير Beyşehir[44]؛ ممَّا يعني أنَّ جيش إيران قد توغَّل جدًّا في الدولة العثمانيَّة؛ حيث تقع هذه البحيرة في وسط الأناضول تقريبًا، غرب قونية.
تزامنت مع هذه الحرب حملة صليبية شاركت فيها البندقية، ونابولي، ورودس، وقبرص، بالإضافة إلى قوَّات خاصَّة بالبابا، وكانت الحملة بحريَّة في الأساس، وقد قامت بحرق إزمير، وكذلك أنطاليا؛ كما قامت بتخريب جزيرة ليسبوس؛ وذلك في محاولةٍ لتشتيت الجيوش العثمانيَّة حتى تُعطي الفرصة لجيش الآق قوينلو لكي يُكمل توغُّله في الأراضي العثمانيَّة[45].
اضطربت إسطنبول لهذا الهجوم، وتحرَّك الفاتح بنفسه من إسطنبول إلى أسكودار، وقد قرَّر أن يشترك في المعركة البرِّيَّة بنفسه؛ ولكن قبل أن ينطلق من أسكودار وصلته الأنباء بانتصار الجيش العثماني انتصارًا حاسمًا على الجيش الإيراني، وأَسْرِ الميرزا يوسف قائد الجيش، وهروب أحمد وقاسم أولاد إبراهيم بك، بل إنَّ الحملة الصليبيَّة على شواطئ الأناضول انسحبت فور علمها بهزيمة جيش إيران[46][47]، ومع ذلك فإنَّ قاسم بن إبراهيم بك استطاع استعادة السيطرة على سيليفكي، وسوف تظلُّ سيطرته على هذه المدينة عشر سنواتٍ كاملة![48].
كان الانتصار مطمئنًا إلى حدٍّ ما؛ ولكن الفاتح كان يعلم أنَّ الخطر لم ينتهِ، بل قد يزداد؛ فالجيش الرئيس لإيران لم يشترك في المعركة، بل ظلَّ مع أوزون حسن، وقد صار الزعيم الإيراني مجروحًا بأسر ابنه يوسف، كما أنَّ قاسم بن إبراهيم بك سيطر على سيليفكي، وقد يتوسَّع شمالًا في فرصةٍ لاحقة، بالإضافة إلى رؤية التحالف الواضح بين إيران والقوى الصليبيَّة، فعودة هذا التحالف بشكلٍ أكبر أمرٌ واردٌ جدًّا..
كانت الموقعة في 18 أغسطس 1472م[49]، وقد هدأت بعدها الأمور ثمانية أشهرٍ كاملة؛ ولكنَّه بلا شَكٍّ كان هدوءًا يسبق العاصفة؛ حيث إنَّ القوَّتين الكبيرتين؛ قوَّة الجيش العثماني وقوَّة الجيش الإيراني، لن يقبلا هذا الوضع دون حسم، ولم يكن عند الفاتح ميولًا لغزو إيران، وتشتيت قواه، خاصَّةً أنَّه يعلم أنَّ مشاكله الأوروبيَّة كثيرة، وأنَّ ملفَّ ألبانيا لم يُغْلَق بعد؛ ولكن أوزون حسن كان على النقيض من ذلك؛ فقد كانت تُراوده الأحلام في تكوين إمبراطوريَّةٍ عظمى على غرار إمبراطوريَّة تيمورلنك، وكان أوَّل الطريق هو قهر الدولة العثمانيَّة، وامتلاك أراضيها، وقد فعل تيمورلنك هذا من قبل، فلماذا لا يُكرِّره أوزون حسن الآن، بالإضافة إلى أنَّ القوى الأوروبيَّة المختلفة -خاصَّةً البندقية- كانت تدفعه إلى ذلك دفعًا.
في صيف 1473م أقدم أوزون حسن على اختراق الحدود العثمانيَّة، وكان جيشه ضخمًا للغاية، وقد وصلت به بعض المراجع التركيَّة إلى أربعمائة ألف مقاتلٍ كلِّهم خيَّالة[50]، وقد ذكر المصدر نفسه أنَّ أوزون حسن ترك مائة ألف عند مدينة خربوت (هي الآن مدينة معمورة العزيز Elâzığ)، ثم اتَّجه بثلاثمائة ألف فارسٍ شمالًا إلى صحراء أوتلق بلي Otlukbeli، وهي تقع حوالي أربعين كيلو مترًا شمال شرق مدينة إرزنجان Erzincan.
خرج السلطان الفاتح بنفسه على رأس حملته الهمايونيَّة الضخمة، التي أراد أن يضع بها حدًّا للخطر الإيراني، ويُؤَمِّن هذه الجبهة الشرقيَّة لفترةٍ طويلة؛ ولذلك فإنَّه استجمع في جيشه كلَّ عناصر النجاح الممكنة؛ فقد حوى الجيش معظم قيادات الدولة، وكان مقسَّمًا إلى خمسة فيالق: فيلق القلب، وكان على رأسه الفاتح، ومعه الصدر الأعظم محمود باشا، وكان قد عاد إلى مركز الصدارة العظمى، وفيلق الجناح الأيمن وعلى رأسه وليُّ العهد بايزيد ابن السلطان الفاتح، ومعه الوزير القوي كديك أحمد باشا، وفيلق الجناح الأيسر وعلى رأسه الأمير مصطفى الابن الأوسط للسلطان وأمير قرمان، ومعه داود باشا والي إسطنبول. أمَّا الفيلقان الأخيران فقد جعلهما الفاتح جيشًا احتياطيًّا خلف الجيش الرئيس، ولم يشتركا في الموقعة[51].
قدَّرت بعضُ المصادر الجيشَ العثمانيَّ بمائة ألف مقاتل[52]، بينما ذكرت مصادرُ أخرى أنَّه بلغ 190 ألف جندي[53]؛ لكن الواقع أنَّ الأهمَّ من الأعداد والإحصاء كانت قوَّة التسليح؛ فبينما كان الجيش العثماني مُزوَّدًا بأحدث الأسلحة العصريَّة آنذاك، وتشمل المدافع الثقيلة، والبنادق الناريَّة التي يحملها كثيرٌ من الجنود، كان الجيش الإيراني لا يزال من جيوش القرون الوسطى الذي يعتمد اعتمادًا كاملًا على الخيول والسيوف والرِّماح[54]، وهو ما جعل الصدام بين جيشين بهذه الصورة لا معنى له!
لقد حُصِد الجيش الإيراني حصدًا!
وكانت معركة يومٍ واحد؛ حيث انتهت المعركة كلُّها في 11 أغسطس 1473م[55]!
كان خطأً فادحًا من زعيمٍ كبيرٍ مثل أوزون حسن أن يدخل في معركةٍ غير متكافئةٍ بهذه الصورة، ومن الواضح أنَّه كان يُعاني من ضعف شديد في الاستخبارات؛ حيث لم يتمكَّن من معرفة طبيعة تسليح الجيش العثماني الهمايوني، ولعلَّه اعتمد على المعلومات التقليديَّة التي أتته عن جيش الأمير مصطفى في معركة العام الماضي؛ أعني معركة كيريلي عام 1472م، التي كان يُقاتل فيها العثمانيُّون بجيشٍ مسلَّحٍ بالطريقة التقليديَّة، حيث كانت البنادق والمدافع غير متوفِّرة، وجديرٌ بالذكر أنَّ تصنيع هذه البنادق كان باهظًا للغاية، بالإضافة إلى ارتفاع ثمن البارود بشكلٍ كبير، ولذا لم تكن كلُّ جيوش الدولة العثمانيَّة مزوَّدة بمثل هذا السلاح الحديث.
لقد أوقع غرور أوزون حسن دولته في مأزقٍ كبير؛ حيث تمزَّق جيشه أمام عينيه، وأسرع الزعيم الإيراني في النهاية بالهرب ومعه بعض الفلول من جيشه، والغريب أنَّ محمدًا الفاتح لم يُحاول قط أن يتتبَّع الفارِّين[56]، ولم يُفكِّر مطلقًا في الإمساك بأوزون حسن مع أنَّ الفرصة كانت مواتية!
ماذا كان في ذهن الفاتح رحمه الله؟!
الواقع أنَّ الرؤية كانت واضحة تمامًا في عين الفاتح العظيم؛ فقد كان يرى أنَّ أعداءه الحقيقيِّين في أوروبا وليسوا في الشرق، فكان لا يُريد الدخول في صدام (إسلامي- إسلامي) إلَّا مضطرًّا؛ حيث لن تكون نتيجة المعركة في كلِّ الأحوال إلَّا خسارة للطرفين؛ في الأرواح والأموال والجهد، وهذا سوف يدعم القوى الصليبيَّة بشكلٍ غير مباشر، كما أنَّه سيُولِّد الشِّقاق بين المسلمين مع ما فيه من فشل، وخيبة، وبعد عن الرؤية الإسلاميَّة للأمور.
وأكثر من هذا، فإنَّ الفاتح كان لا يتمنَّى الفناء والهلكة لأوزون حسن ودولته، مع أنَّها حاربته وأنهكته؛ وذلك حفاظًا على كيانٍ إسلاميٍّ قويٍّ إلى جواره، فهذا أفضل من سقوط الدولة سقوطًا ذريعًا قد يُعطي فرصة التمدُّد لأيِّ قوَّةٍ آسيويَّةٍ غير مسلمة، ولم ينسَ العالَم بَعْدُ كارثة التتار وما فعلوه من خرابٍ في الدنيا، ولقد نقل كمال باشا زاده -مؤرِّخ القرن السادس عشر العثماني- قولًا عظيمًا عن محمد الفاتح قال فيه: «كان عقاب أوزون حسن بالنَّار والحديد صحيحًا وضروريًّا لتهوُّره، وفي مصلحة الدولة؛ ولكن إبادة سلالته يكون خطأً وعملًا غير نبيل؛ لأنَّ تحطيم السلالات القديمة لسلاطين الإسلام العظام ليس عملًا حسنًا»[57]!
الذي يقصده الفاتح رحمه الله أنَّ تحطيم السلالات الملكيَّة القديمة كسلالة السلطان حسن يُؤدِّي إلى ظهور فئاتٍ أخرى صغيرة تتنازع الحكم، وتُحْدِثُ في البلاد فتنًا عظيمة، ولا يدري أحدٌ كيف ستئول الأحداث بعد ذلك، بينما تطمئنُّ البلاد وتهدأ الفتن في حال وجود سلالةٍ ملكية قويَّة اعتاد الشعب على قيادتها، ولا يطمح طامحٌ في منافستها في هذه القيادة.
حقًّا ما أعظمك من أمير!
ومع ذلك، ومع هذا التعقُّل الكامل في ردود الفعل، ومع هذا الحرص الكبير على عدم الخوض في معارك جانبيَّة تُبْعِد الفاتح عن معركته الأساسيَّة في أوروبا، مع كلِّ هذا إلَّا أنَّه كان حريصًا كذلك على تغيير مستقبل دولة إيران إلى نظامٍ يُفيد الدولة العثمانيَّة، ولم يكن يتعامل مع الأمور بتواكلٍ غير محسوب؛ ولذلك فعندما جاءه الميرزا محمد ابن السلطان أوزون حسن لاجئًا إلى الدولة العثمانيَّة وهاربًا من أبيه ودولته، استقبله السلطان الفاتح أفضل استقبال، وأعطاه رتبةً في الجيش العثماني، ومنحه لقب باشا، ثم زوَّجه من ابنته الوحيدة جوهر خان خاتون![58].
إنَّه بهذا العمل الكبير يفتح إحدى صفحتين: إمَّا أن يُؤدِّي هذا إلى علاقاتٍ طيِّبةٍ مع السلطان أوزون حسن نتيجة المصاهرة، أو على الأقل فتح باب الحوار والمصالحة، وإمَّا أن يضغط محمد الفاتح بالورقة الجديدة التي معه فيُؤثِّر في الحكم في إيران، وقد يتولَّى هذا الابن الجديد الحكم هناك بدعمٍ من الفاتح، وهذا لا شَكَّ سيُغيِّر مستقبل الدولة تمامًا. هذا تخطيطٌ من الفاتح رحمه الله، قد ينجح وقد يفشل؛ ولكنَّه يُعلِّمنا بعض الطرق السلميَّة التي يُمكن أن تُحقِّق نفعًا للدولة دون إراقةٍ للدماء بين المسلمين، ولقد صَدَقَ حدس الفاتح، ولو بعد حين؛ فقد أنجب الميرزا محمد من ابنة الفاتح غلامًا هو أحمد كودة Ahmed Gövde، الذي صار سلطانًا على دولة الآق قوينلو عام 1497م[59]؛ أي بعد وفاة الفاتح بمدَّة، ومع أنَّ أحمد كودة لم يبقَ في الحكم إلَّا شهورًا معدودة؛ وذلك لأنَّه تسلَّم الحكم في مراحل الدولة الأخيرة وقد قاربت على الانهيار التام، فإنَّ الترتيب الذي رتَّبه الفاتح كان منطقيًّا وسليمًا لولا أنَّ الله أراد شيئًا آخر.
عمومًا كان من الواضح أنَّ أوزون حسن قد استوعب الدرس القاسي، وكما توقَّع الفاتح رحمه الله لم يُفكِّر الزعيم الإيراني مرة أخرى في التعدِّي على الدولة العثمانيَّة حتى مماته في عام (883هـ= 1478م)[60][61]، ولقد حاولت البندقية دفعه بقوَّة إلى حرب العثمانيِّين عام 1474م إلَّا أنَّه رفض تمامًا تكرار التجربة ممَّا أحبط مخطَّطات الصليبيين[62].
هكذا اطمئنَّ الفاتح إلى الجبهة الشرقيَّة من دولته، ولم يرجع الفاتح إلى إسطنبول إلَّا بعد أن فتح قلعة مهمَّة في المنطقة هي قلعة شبين قرة حصار Şebinkarahisar، التي صارت منطلقًا لأيِّ حملاتٍ في المنطقة الشماليَّة الشرقيَّة من الأناضول لعدَّة عقود بعد ذلك[63][64].
استقرت الأوضاع بذلك في الأناضول بشكلٍ عامٍّ، ولكنها لم تستقر في الدولة العثمانية كلها، فإنه لا تكاد تهدأ الأمور في منطقة إلا وتتوتَّر في منطقة أخرى، وهذه هي طبيعة الإمبراطوريات الكبرى!
تُرى ماذا حدث في الدولة بعد هذه الانتصارات الكبرى في الأناضول؟
هذا ما سنعرفه في المقال القادم![65].
[1] Stavrides Theoharis The Sultan of vezirs : the life and times of the Ottoman Grand Vezir Mahmud Pasha Angelovic (1453-1474) [Book]. - Leiden : Brill Academic Publishers, Inc, 2001, p. 329.
[2] Yüce Yaşar and Sevim Ali Türkiye tarihi Cilt I [Book]. - İstanbul : AKDTYKTTK Yayınları., 1991, pp. 256-257.
[3] الملطيّ: نيل الأمل في ذيل الدول، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري [كتاب]. - بيروت، لبنان : المكتبة العصرية للطباعة والنشر، 2002م صفحة 6/217.
[4] القرماني: أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ، تحقيق: الدكتور أحمد حطيط، الدكتور فهمي السعيد- [مكان غير معروف]: عالم الكتب، 1992م صفحة 3/34.
[5] أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية، المترجمون عدنان محمود سلمان و مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري. - إستانبول : مؤسسة فيصل للتمويل، 1988م صفحة 1/153.
[6] Yüce, et al., 1991, pp. 256-257.
[7] Miller William Essays on the Latin Orient [Book]. - [s.l.] : Cambridge University Press, 1921, p. 298.
[8] Setton Kenneth Meyer The Papacy and the Levant, 1204-1571: The fifteenth century [Book]. - [s.l.] : American Philosophical Society, 1976, vol. 2, p. 293.
[9] Shaw Stanford Jay and Shaw Ezel Kural History of the Ottoman Empire and Modern Turkey: Empire of the Gazis - The Rise and Decline of the Ottoman Empire, 1280–1808 [Book]. - [s.l.] : Cambridge University Press. , vol. 1, 1976, p. 65.
[10] Pitcher Donald Edgar An historical geography of the Ottoman Empire from earliest times to the end of the sixteenth century with detailed maps to illustrate the expansion of the Sultanate [Book]. - Leiden : E. J. Brill, 1973, p. 85.
[11] Philippides Marios Byzantium, Europe, and the Early Ottoman Sultans, 1373–1513: An Anonymous Greek Chronicle of the Seventeenth Century [Book] / trans. Philippides Mario. - New York, USA : Aristide D. Caratzas, 1990, p. 184.
[12] Pitcher, 1973, p. 85.
[13] Setton, 1976, vol. 2., p. 293.
[14] أوزتونا، 1988م صفحة 1/159.
[15] Stavrides, 2001, p. 168.
[16] Babinger, 1978, p. 281.
[17] Setton, 1976, vol. 2. pp. 300-301.
[18] أوزتونا، 1988م صفحة 1/159.
[19] Setton, 1976, vol. 2., p. 301.
[20] أوزتونا، 1988م صفحة 1/159.
[21] Setton, 1976, vol. 2., p. 301.
[22] Babinger, 1978, p. 252.
[23] Setton, 1976, vol. 2., p. 302.
[24] Angold Michael The Fall of Constantinople to the Ottomans: Context and Consequences [Book]. - New York, USA : Routledge, 2014, p. 99.
[25] Housley Norman Crusading and the ottoman threat [Book]. - Oxford, UK : Oxford, university press, 2013, p. 12.
[26] Setton, 1976, vol. 2., p. 303.
[27] Crowley Roger City of Fortune: How Venice Won and Lost a Naval Empire [Book]. - London, UK : Faber and Faber, 2011, p. 341.
[28] O'Connell Monique Men of Empire: Power and Negotiation in Venice's Maritime State [Book]. - Baltimore, USA : The Johns Hopkins University press, 2009, p. 35.
[29] Stavrides, 2001, p. 65.
[30] أوزتونا، 1988م صفحة 1/159.
[31] Yüce, et al., 1991, pp. 256-257.
[32] أوزتونا، 1988م صفحة 1/155.
[33] Fisher George Park Outlines of Universal History: Modern History [Book]. - New York, USA : Ivison, Blakeman, Taylor, company, publishers., 1986, vol 6, p. 377.
[34] Kubinyi András Matthias Rex [Book] / trans. Gane Andrew T.. - Budapest : Balassi Kiadó, 2008, p. 108.
[35] Freely John The Grand Turk: Sultan Mehmet II, Conqueror of Constantinople and Master of an Empire An Empire And Lord Of Two Seas [Book]. - New York : The Overlook Press, 2009, p. 122.
[36] Martines Lauro April Blood: Florence and the Plot Against the Medici [Book]. - [s.l.] : Oxford University Press, 2003, pp. 150-196.
[37] Jedin Hubert and Dolan John Patrick History of the Church: From the High Middle Ages to the eve of the Reformation [Book] / trans. Biggs Anselm. - London : Burns & Oates., 1980, vol. 4, p. 546.
[38] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في تاريخ مصر والقاهرة- مصر : وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، ۱۹۳۹م صفحة 16/374.
[39] أوزتونا، 1988م صفحة 1/159.
[40] الملطيّ، 2002م صفحة 7/50.
[41] القرماني، 1992م صفحة 3/34.
[42] Holt P. M., Lambton Ann Katherine Swynford and Lewis Bernard The Cambridge History of Islam: A. The central islamic lands from Pre-Islamic Times to the First World Wa [Book]. - [s.l.] : Cambridge University Press., 1977, vol. 2, p. 299.
[43] Yayin Camlica Basim Osmanlı tarihi [Book]. - [s.l.] : Kolektif, 2008, vol. 2, p. 91.
[44] أوزتونا، 1988م صفحة 1/164.
[45] Pitcher, 1973, p. 85.
[46] أوزتونا، 1988م صفحة 1/164.
[47] القرماني، 1992م صفحة 3/34.
[48] Pitcher, 1973, p. 79.
[49] أوزتونا، 1988م صفحة 1/164.
[50] أوزتونا، 1988م صفحة 1/161.
[51] أوزتونا، 1988م صفحة 1/165.
[52] Roy Kaushik Military Transition in Early Modern Asia 1400 - 1750: Cavalry, Guns, Government and Ships [Book]. - New York, USA : Bloomsbury publishing house, 2014, p. 38.
[53] أوزتونا، 1988م صفحة 1/164.
[54] أوزتونا، 1988م صفحة 1/165.
[55] أوزتونا، 1988م صفحة 1/164.
[56] Pitcher, 1973, p. 81.
[57] برنارد لويس إستانبول وحضارة الخلافة الإسلامية [كتاب] / المترجمون سيد رضوان علي. - السعودية : الدار السعودية للنشر والتوزيع، 1982م صفحة 50.
[58] أوزتونا، 1988م صفحة 1/166.
[59] Fisher, et al., 1986, vol. 6, p. 183.
[60]إسماعيل سرهنك: حقائق الأخبار عن دول البحار- مصر: مطابع الأميرية، بولاق ، 1895م صفحة 1/515.
[61] Babinger, 1978, p. 322.
[62] Fisher, et al., 1986, vol. 6, p. 377.
[63] القرماني، 1992م صفحة 3/35.
[64] Pitcher, 1973, p. 81.
[65] دكتور راغب السرجاني: قصة السلطان محمد الفاتح، مكتبة الصفا، القاهرة، الطبعة الأولى، 1441هـ= 2019م، 1/ 498- 510.
التعليقات
إرسال تعليقك