د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
القرآن كله عظيم، وهو كلام الله تعالى، ومع ذلك هناك بعض الآيات والسور لها فضل خاص، ومن هذه السور سورة العصر.
700 حسنة وفوائد أخرى في 15 ثانية إذا فعلت هذا الأمر
القرآن كله عظيم، وهو كلام الله تعالى، ومع ذلك هناك بعض الآيات والسور لها فضل خاص، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بعضها في مناسبات معينة.
قراءة السورة في الموضع أو الموقف الذي قرأه فيه النبي صلى الله عليه وسلم يعطي أجرًا أعظم، فالأمر لا يقف عند حدِّ الحرف بعشر حسنات، ولكن يضيف ثلاثة أمور:
الأول: اتِّباع السُّنَّة، وهذه لها أجرها الخاص.
الثاني: الهداية العامة: قال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
الثالث: تحقُّق نفع معين من أداء السُّنَّة المعينة، كالحفظ من الشياطين، أو التوفيق في عمل، أو الشفاء من مرض، وهكذا.
من هذه السور سورة العصر؛ فقد روى الطبراني، وصححه الهيثمي والألباني، عَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: كَانَ الرَّجُلاَنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: 2]، ثُمَّ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ».
والصحابة لا يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم، ولكن من المؤكَّد أنهم علموا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والقسم بالعصر هو قسم بزمن، وهو تعظيم له، وهو يعبِّر عن قيمة الوقت بشكل عام، وقد أقسم الله تعالى بأوقات متعددة؛ كالفجر، والضحى، والليل.
واختلف العلماء في المقصود بهذا التوقيت:
1- فبعضهم خصَّصه بوقت العصر المعروف، وهو ما بين انتهاء وقت الظهر إلى اصفرار الشمس قبيل الغروب (ما قبل الغروب يسمونه الأصيل)، وهو وقت تغير مؤذِن بقدوم الليل، فهو يذكِّر بآية تعاقب الليل والنهار،
2- صلاة العصر، وكثير من العلماء على أن العصر هو الصلاة الوسطى،
3- جيل معين، ويكون المقصود هو عصر النبي r،
4- عصر الإسلام، ويكون الخسران في الآيات لمن عاش عصر الجاهلية دون الإسلام.
سورة العصر هنا لا تحقِّق حسنات القراءة فقط (70 حرفًا = 700 حسنة)؛ ولا اتِّباع السُّنة فحسب، ولكنها تذكِّر المسلم بأمور فيها الفلاح والنجاح، بل هي تشمل كل خير، فقد أوضحت خسارة البشر جميعًا إلا مَنْ قام بأربعة أعمال:
1- الإيمان بالله،
2- والعمل الصالح،
3- ودعوة الناس إلى الخير والحقِّ،
4- والصبر، وهو أنواع:
a. صبر عن المعاصي
b. وصبر على الطاعات
c. وصبر على الابتلاء في كل ما سبق؛
لهذا قال الشافعي رحمه الله: «لَوْ تَدَبَّرَ النَّاسُ هَذِهِ السُّورَةَ لَوَسِعَتْهُمْ»[1].
[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك