التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
حكم محمود الثاني إحدى وثلاثين سنة، تنقسم إلى ثلاث مراحل رئيسة، تتميز كل واحدة منها بسمات معينة.
السلطان محمود الثاني (1808-1839م)
ينبغي أن نتعامل مع قصَّة محمود الثاني على أنها قصَّة طبيبٍ ماهرٍ في الرعاية الحرجة يعالج مريضًا مُسِنًّا مشرفًا على الموت، فنجح في أن يكون سببًا في بقاء المريض حيًّا لفترةٍ أطول! إننا لا نتعامل هنا مع مريضٍ يُرجى شفاؤه التام من مرضه؛ فالشيخوخة لا علاج لها! يقول رسول الله ﷺ: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ»[1]. والأمم كالبشر، لها فترة شبابٍ وقوَّة، ثم تتَّجه بشكلٍ مؤكَّدٍ إلى الشيخوخة والضعف، ولقد اعتلى محمود الثاني عرش البلاد وهي في هذه المرحلة الأخيرة، ومِنْ ثَمَّ كان دوره هو السعي -فقط- لإطالة عمر الدولة مدَّةً أطول.
نقول هذا الكلام لأن جهد محمود الثاني كان كبيرًا وعظيمًا، مثل سلفه سليم الثالث وأشدُّ، وكان على الرغم من صغر سنه عند تسلُّمه الحكم -ثلاثة وعشرون عامًا[2]- فإنَّه كان فاهمًا لمهمَّته بشكلٍ عميق، وسعى للإصلاح بجدٍّ وهمَّة، وتميَّز عصره بإنجازاتٍ كان لها دورٌ في رسم شكل العقود التي تلت، بل يُعتبر عمله أحد أهمِّ الأمور التي رسمت شكل «تركيا الحديثة» بعد سقوط الدولة العثمانية لاحقًا.
ثم على الرغم من كلِّ هذا الجهد فإن الدولة خسرت في زمانه الكثير من الأرض والقوَّة، وهذا ليس لقصورٍ منه؛ ولكن لأنها كانت كما ذكرنا في فترة الشيخوخة منذ زمن. يُقارنه بعضهم بالقيصر الروسي الشهير بطرس الأكبر[3]؛ من حيث إن إصلاحاته أدَّت إلى تغيير أساسيَّاتٍ كثيرةٍ في الدولة، ولكن من منطلق شباب الدولة وشيخوختها الذي اعتمدناه فإن هذه المقارنة ظالمةٌ لمحمود الثاني؛ لأن بطرس الأكبر استلم حكم روسيا وهي في فترة شبابها، فكان لأعماله الأثر الممتد لفتراتٍ طويلةٍ (مثل السلطان محمد الفاتح في الدولة العثمانية)، بينما استلم محمود الثاني البلاد في فترة شيخوختها فكان من الطبيعي ألا تتحوَّل إلى دولةٍ شابَّةٍ قويَّة؛ لأن هذا في الواقع عكس السنن.
حكم محمود الثاني إحدى وثلاثين سنة، وحدثت في عهده عدَّة أمورٍ عظيمة، ولفهم هذه الفترة الطويلة سنقوم بتقسيمها إلى ثلاث مراحل رئيسة، تتميَّز كلُّ واحدةٍ منها بسماتٍ معيَّنة، ويغلب على كلِّ واحدةٍ حَدَثٌ أو أحداثٌ بعينها، وإن كان هناك دون شَكٍّ تداخلٌ بين الأحداث والمراحل. المرحلة الأولى تمتدُّ عشر سنوات، من 1808م إلى 1818م، وفيها غَرِقَت الدولة في ملفَّاتها القديمة المفتوحة منذ أيام سليم الثالث، وهي ملفَّاتٌ كثيرةٌ ومعقَّدة، وأهمُّها أربعة؛ تمرُّد الإنكشارية، وحرب روسيا، وانتفاضة الصرب، وحرب السعودية. أمَّا المرحلة الثانية فتمتدُّ عبر ثلاث عشرة سنة، من 1818م إلى 1831م، وفيها كان الملفُّ الأكبر هو ملفُّ ثورات اليونان وسعيها للاستقلال عن الدولة العثمانية، وتداعيَّات ذلك على الدولة داخليًّا وعالميًّا. أخيرًا تأتي المرحلة الثالثة، وتمتدُّ ثماني سنوات، من 1831م إلى 1839م، وكان الشغل الشاغل للدولة فيها هو الصراع مع والي مصر محمد علي باشا. من المهمِّ أن نذكر أن إصلاحات محمود الثاني في المجالات المدنيَّة والعسكريَّة والقانونيَّة وغيرها، كانت في كلِّ هذه المراحل، ولم تكن محدودةً بسنواتٍ معيَّنة، وإن كانت وتيرتها قد زادت في النصف الأخير من عهده. وفي هذا المقال سوف نتحدث عن المرحلة الأولى:
المرحلة الأولى: الانتهاء من ملفات الإنكشارية، وروسيا، والسعودية، وصربيا، وغيرها (1808-1818م)
لكي نستوعب أعمال هذه الفترة ينبغي رفع الواقع الذي استلمه محمود الثاني يوم اعتلى العرش، لنفهم طبيعة الأولويَّات التي شغلته. كانت البلاد في اضطرابٍ حقيقيٍّ على المستويين الداخلي والخارجي. كان تمرُّد الإنكشاريَّة وقوى الأعيان كبيرًا، وعاشت الدولة لحظاتٍ مفزعةً عندما خُلِع سلطانها سليم الثالث، ثم قُتِل، ثم خُلِع سلطانها الآخر مصطفى الرابع، وهو محبوسٌ الآن، وله أعوانٌ يريدون إعادته، والدولة منقسمةٌ بين أنصار التجديد والتطوير وأعدائه. تشهد البلاد -أيضًا- حربًا مع روسيا منذ عام 1806م. نعم هناك هدنة، لكنَّها هدنةٌ هشَّة يمكن أن تنهار في أيِّ لحظة. البلقان كان مضطربًا جدًّا. أخطر الاضطرابات كانت في صربيا التي تسعى إلى الانفصال، وقد صار المتمرِّدون يُسيطرون بالفعل على بلجراد والمدن الرئيسة الأخرى. -أيضًا- هناك محاولات انفصال في ألبانيا وغرب اليونان يقودها على باشا اليانيني. اليونان هادئ نسبيًّا وإن كانت تمرُّداته متكرِّرة، خاصَّةً بعد ظهور روسيا في التاريخ العثماني بقوَّةٍ منذ عام 1768م.
أخطر المشكلات في البلاد العربيَّة تكمن في الحجاز. الدولة السعودية الأولى تُسيطر الآن على مكة، والْمَدِينَة، والطائف، كما تخترق العراق بين الحين والآخر. الوضع في مصر يبدو مستقرًّا في ظل الوالي القوي محمد علي باشا، على الرغم من وجود المماليك، وسعيهم للاستقلال بمصر عن الدولة العثمانية. الأخطر أن نوازع الاستقلال موجودة عند محمد علي باشا نفسه، ويحظى بدعمٍ شعبيٍّ مخيفٍ قد يدعم هذه الفكرة عنده، خاصَّةً بعد تمكُّنه من إفشال حملة فريزر الإنجليزيَّة. السودان يُعتبر منفصلًا، وكذلك ولايات الشمال الإفريقي؛ ليبيا، وتونس، والجزائر، و-أيضًا- العراق. الشام يشهد عهدًا عُرِف بعهد الفوضى، خاصَّةً بعد وفاة الوالي القوي أحمد باشا الجزار عام 1804م[4]. الفساد الإداري والمالي كبيرٌ على مستوى الدولة كلِّها، على الرغم من جهود سليم الثالث في مقاومته، وما زالت الحالة العلميَّة متخلِّفة، والقوانين جامدة وقديمة.
يمكن أن نقول إن محمودًا الثاني لم يكن له هوًى معيَّنٌ في اختيار أمرٍ دون آخر للتعامل معه؛ إنما كانت المشكلات الكبرى تفرض نفسها عليه وعلى الدولة، ويَبرز من هذه المشكلات أربع كما ذكرنا قبل ذلك، وهي مشكلات: الإنكشارية، وروسيا، والصرب، والسعودية، بالإضافة إلى الفساد المنتشر، والذي يهدم -غالبًا- كلَّ محاولة إصلاح!
الإنكشارية في مواجهة النظام الجديد (واقعة علمدار):
كان من الطبيعي أن يُعيَّن علمدار مصطفى باشا صدرًا أعظم في يوم صعود محمود الثاني نفسه إلى العرش؛ 28 يوليو 1808م[5]. كان الشغل الشاغل لمحمود الثاني وصدره الأعظم في هذه اللحظات الأولى من الحكم هو استئناف العمل في بعث النظام الجديد الذي أوقفه سليم الثالث مكرهًا قبل خلعه منذ أكثر من عام. لعل السبب في الإسراع بهذا الأمر هو حالة الحرب مع روسيا، واحتياج الدولة لجنود مدرَّبين بشكلٍ جيِّدٍ لمواجهة التطوُّرات القادمة، ومع ذلك فأنا أرى أن هذه كانت خطوةً متعجِّلةً من السلطان، وأنه كان ينبغي له التريُّث في هذه المسألة إلى أن تستقرَّ الأوضاع في الدولة، وتنطفئ شعلة الغضب عند الإنكشاريَّة. دعا السلطان إلى اجتماعٍ كبيرٍ ضمَّ الوزراء، وحكَّام الولايات، والأعيان[6]، في إسطنبول في 29 سبتمبر 1808م[7]؛ أي بعد تولِّيه الحكم بشهرين فقط، وعرض على الجميع مساوئ الإنكشاريَّة، وعزمه على تحديث قوَّاتهم، كما عرض عليهم مزايا الجيش الجديد الذي سيستأنف بناءه.
وافق الجميع على رؤية السلطان وصدره الأعظم[8] لكن أعتقد أنها كانت موافقةً ظاهريَّةً غير حقيقيَّة؛ لأن الكثير من رجال الحكومة آنذاك كانوا ضدَّ فكرة التحديث من الأساس. في 14 أكتوبر صدر الأمر الرسمي بعودة النظام الجديد[9]. اشتعلت إسطنبول من جديد، وخرجت بعض فرق الإنكشاريَّة إلى مدينة فيليبه Filibe البلغارية (الآن بلوڤديڤ Plovdiv على بعد أربعمائة كيلو متر غرب إسطنبول) لإعلان التمرُّد هناك. أرسل الصدر الأعظم قوَّاته الخاصَّة لقمع التمرُّد، ولكن يبدو أن هذا كان استدراجًا للقوَّات المخلصة لعلمدار مصطفى باشا لكي تخلو إسطنبول من الجند[10]! في 15 نوفمبر 1808م تمرَّد الإنكشاريَّة تمرُّدًا كبيرًا في إسطنبول، وهجموا على قصر الصدر الأعظم، ودارت معارك بينهم وبين مَنْ تبقَّى من أنصاره، وانتهى الأمر بإحراق القصر بالكامل، وقُتِل الصدر الأعظم علمدار مصطفى باشا[11] بعد أقلَّ من أربعة شهورٍ على قتل أستاذه سليم الثالث!
لم يكتفِ الإنكشاريَّة بذلك؛ إنما نادت جموعهم بعزل السلطان محمود الثاني وإعادة صنيعتهم مصطفى الرابع إلى الحكم لينهوا مسألة التحديث بشكلٍ حاسم. ردَّ السلطان محمود الثاني عليهم بالمدافع والبنادق بواسطة حرسه الخاص، وببقيَّة رجال النظام الجديد. كانت حربًا أهليَّةً بالمعنى الصحيح. أفتى شيخ الإسلام بوجوب قتل مصطفى الرابع لإنهاء الفتنة، على أساس أنه يُطالِب بالحكم في وجود حاكم، وهو ما فعله مصطفى الرابع نفسه مع سليم الثالث منذ شهور. تردَّد السلطان محمود الثاني قليلًا في قتل أخيه الأكبر، لكنه ما لبث أن فعل[12]، وكان ذلك في 15 نوفمبر، في يوم قَتْل الصدر الأعظم نفسه[13]. بعضهم ينسب الأمر بقتل مصطفى الرابع للصدر الأعظم لا للسلطان، وذلك قبل أن يُقْتَل[14].
ازداد الإنكشاريَّة هياجًا، وعزموا على قتل السلطان محمود الثاني[15]، وكان هو آخر مَنْ تبقَّى من السلالة العثمانية[16]، ولم يكن له أولادٌ بعد، وبقتله تسقط الدولة بالكامل، وفوق ذلك أضرم الإنكشاريَّة النار في بيوت ومحالِّ إسطنبول، وكادت المدينة أن تهلك[17]. ردَّت القوَّات الموالية للسلطان بقصف ثكنات الإنكشاريَّة، وتدخَّل الأسطول لصالح السلطان، ولكن لم تبدُ بادرة تفوُّقٍ لأحد الطرفين على الآخر[18]. أسرع الناس إلى العلماء، وخشي الإنكشاريَّة أنفسهم من هذا التطوُّر غير المحسوب، وكذلك شعر السلطان بقرب انهيار الدولة. أفتى العلماء برجوع الإنكشاريَّة إلى ثكناتهم، وبقاء السلطان في منصبه، وإلغاء النظام الجديد تمامًا. قَبِل السلطان ذلك[19]، وأُلغِي رسميًّا النظام الجديد في 18 نوفمبر[20]، وهدأت الأمور في الدولة.
سيترك السلطان محمود الثاني هذه المسألة لعدَّة سنوات، وسيُحافظ على حالة التوازن بينه وقوى الإنكشاريَّة، وسيهتم بالإصلاحات في المجالات الأخرى، لكنه بلا شَكٍّ سيتحيَّن الفرصة للقضاء على هذا الكابوس المزعج؛ الإنكشاريَّة، ولن يكون هذا إلا بعد ثمانية عشر عامًا من حكمه، عندما يشتدُّ عوده، وتقوى قبضته!
استئناف الحرب الروسية العثمانية:
ظهرت بوادر اشتعال للحرب من جديد بين الدولة العثمانية وروسيا في صيف 1809م، وذلك حين عبرت روسيا نهر الدانوب، واحتلَّت دوبروچا Dobruja (خريطة رقم 35)، ولكنها أخلتها بسرعة عند قدوم جيش عثماني كبير[21]. عقد السلطان محمود الثاني معاهدة صلحٍ مع الإنجليز في 8 يوليو 1809م[22] ليتفرَّغ للروس، بينما عقد الروس اتفاقيَّةً رسميَّةً مع متمرِّدي الصرب تقضي بالتعاون المشترك[23]. دارت عدَّة مواقع حربيَّة بين الجيش الروسي والعثماني في جبهتين رئيستين؛ البلقان والقوقاز. كانت الانتصارات في الأغلب لصالح الروس لكنها لم تكن حاسمة، ولذلك طال أمد القتال لمدَّة ثلاث سنوات، أي إلى عام 1812م.
استولى الروس في غضون هذه السنوات على إقليم بسارابيا، وعلى عدَّة مدنٍ في الإفلاق والبغدان، ولكن لم يتحقَّق ضغطٌ يدفع العثمانيين إلى إيقاف القتال. سارت الأمور بعد ذلك -على الرغم من التفوُّق الروسي النسبي- في صالح الدولة العثمانية، وسبب ذلك توتُّر العلاقة فجأةً بين روسيا وفرنسا، وبعد أن كان الفريقان متضامنين سويًّا عقب معاهدة تيلسيت، إذا بنابليون يستعدُّ لغزو روسيا[24]. أرادت روسيا أن تغلق صفحة القتال مع العثمانيِّين لتتفرَّغ لحرب فرنسا[25]. استغلَّ الروس فرصة حصارهم للجيش العثماني في مدينة روستچوك Rustchuk البلغارية، وعرضوا على العثمانيين الجلوس للتفاوض. وافقت الدولة العثمانية، وجرت المباحثات التي انتهت بتوقيع معاهدة بوخارست في 28 مايو 1812م[26][27].
في هذه المعاهدة وُضِعَت الحرب بين الطرفين، في مقابل أن تأخذ روسيا إقليم بسارابيا، وهو الجزء الشرقي من البغدان، ومعنى هذا أن الحدود العثمانيَّة الروسيَّة انتقلت غربًا من نهر دنيستر إلى نهر بروت[28]، وهذا يعطي الروس مساحة خمسة وأربعين ألف كيلو متر مربع تقريبًا، وعلى الرغم من كون المساحة صغيرة بالقياس إلى طول مدَّة الحرب والانتصارات الروسيَّة السابقة فإنها منطقةٌ مهمَّةٌ من الناحية الاستراتيجيَّة؛ لأنها تُعطي سيطرةً أكبر على البحر الأسود، بالإضافة إلى التحكُّم في منطقة دلتا الدانوب، وهذا يُساعد على السيطرة على الملاحة في هذا النهر المهم.
-أيضًا- أخذ الروس بعض المناطق في غرب چورچيا ممَّا أكَّد وجودهم على البحر الأسود. في المقابل أعاد الروس للعثمانيين كلَّ الإفلاق، وكذلك البغدان باستثناء بسارابيا[29]، كما أعادوا عدَّة مدنٍ في القوقاز؛ مثل أنابا Anapa، وبوتي Poti، وأكالكالاكي Akhalkalaki[30]. في هذه المعاهدة -أيضًا- وُقِّعت هدنةٌ مع الصرب[31]، ولكن بدا واضحًا أن الروس لم يضغطوا في اتِّجاه استقلال صربيا ممَّا أحبط الصربيِّين[32]. كان من الممكن للروس تحقيق مكاسب أكبر لولا أن الجيوش الفرنسيَّة كانت على الأبواب. بعد أقلَّ من شهرٍ من هذه المعاهدة، وفي 24 يونيو 1812م، بدأ نابليون حملته المهولة على روسيا[33]، وقد اعتبر نابليون معاهدة بوخارست خيانةً من الدولة العثمانية له؛ لكونها فرَّغت روسيا لحربه[34]، متناسيًا ما فعله في صلح تيلسيت عندما جلس مع إمبراطور روسيا يتفاوضان حول تقسيم الدولة العثمانية بينهما!
الاستقلال الجزئي لصربيا:
منذ أن اشتعلت انتفاضة صربيا عام 1804م لم تتوقف إلا قليلًا. تمكن الصرب من الانفصال فعليًّا بمعظم صربيا بما فيها بلجراد. سارت الانتفاضة في طريقٍ عسكريٍّ لم تترك فيه فرصةً للدولة العثمانية للتفاوض السلمي، خاصَّةً بعد ذبح المسلمين في بلجراد بعد سقوطها في أيديهم عام 1807م[35]. انشغلت الدولة العثمانية في فتن الإنكشاريَّة، ثم في الحرب الروسيَّة، فظلَّ الوضع كما هو عليه في صربيا. بعد معاهدة بوخارست توجَّهت الدولة العثمانية إلى صربيا بكلِّ ثقلها. لم تكن صربيا مجرَّد إقليمٍ منفصلٍ يُنْقِص من مساحة الدولة؛ إنما كان رمزًا يمكن أن يُقَلَّد. في حال نجاحه يمكن أن يتكرَّر في بقيَّة أقطار البلقان، خاصَّةً مع انتشار أفكار القوميَّة بعد الثورة الفرنسية. كانت بوادر هذا التقليد قد ظهرت بالفعل في اليونان، وبلغاريا، وألبانيا. سحق الجيش العثماني الانتفاضة الصربيَّة في صيف 1813م[36]، واستعاد بلجراد، واضطرَّ قائد الانتفاضة چورچ بتروڤيتش إلى الهرب إلى النمسا في السنة نفسها لتعود صربيا كلها للدولة العثمانية[37].
قام الصرب بمحاولة ثورةٍ فاشلة في 1814م، ثم قامت انتفاضتهم الثانية في 23 أبريل 1815م بدءًا من قرية تاكوڤو Takovo. كانت الانتفاضة بزعامة الصربي ميلوش أوبرينوڤيتش Miloš Obrenović، وكانت مسلَّحةً بشكلٍ كبير[38]. دارت عدَّة مواقع عسكريَّة بين الدولة العثمانية والصرب في الفترة بين عامي 1815م و1817م، وكانت الغلبة في معظمها للصرب. أمام نجاحات الانتفاضة اضطرَّ العثمانيون إلى قبول التفاوض مع أوبرينوڤيتش. بناءً على هذا التفاوض حصلت صربيا على استقلالٍ جزئي، فيما يُشبه الحكم الذاتي[39]، وتأسَّست إمارة صربيا Principality of Serbia.
صارت الإمارة تُدار بمجلسٍ ينتخبه الصرب، وعلى رأسه أوبرينوڤيتش الذي حصل على لقب أمير صربيا. كانت الإمارة الجديدة مرتبطةً بالدولة العثمانية عن طريق جزيةٍ سنويَّة، بالإضافة إلى وجود حاميةٍ عسكريَّةٍ في بلجراد، وبعض القلاع الأخرى في الإمارة[40]. كان وضع صربيا الآن يُشبه وضع الإفلاق والبغدان؛ حيث تعتبر الإمارة تابعةً للدولة العثمانية لكنها تدار بأهلها. ستُعْطِي الدولة العثمانية فوق ذلك في عام 1830م الحقَّ لأوبرينوڤيتش أن يُوَرِّث الحكمَ لأولاده وعائلته[41]. يُعتبر هذا التاريخ -1830م- هو البداية الحقيقيَّة للحكم الذاتي لصربيا[42]، وهذا سيدعم استقلاليَّة الصرب بشكلٍ أكبر حيث لن يعود هناك أيُّ دورٍ للدولة العثمانية في اختيار القيادة. سيستمر هذا الوضع إلى حين الاستقلال التام في 1878م. بهذا تكون صربيا هي أوَّل ولايةٍ بلقانيَّة تنفصل جزئيًّا عن الدولة العثمانية، وسيبدأ النموذج في التكرار تباعًا! إنها بدايات الانهيار «للإمبراطوريَّة».
الحرب العثمانية السعودية: (1811-1818م)
مرَّ بنا كيف بدأت الاحتكاكات العسكريَّة بين الدولة السعودية الأولى والدولة العثمانية في أخريات القرن الثامن عشر، وكيف تفاقم الأمر حين سيطر السعوديون على الطائف في 1803م، ثم الْمَدِينَة في 1805م، فمكة في 1806م. زاد من خطورة الدولة السعودية نشر علمائها لرسائل يُفْهَم منها كُفْر مَنْ يُعظِّمون قبور الأولياء، بل يُفْهَم منها كفر مَنْ يحارب الدولة السعودية لأنهم أهل التوحيد، فيكون عدوُّهم مُشْرِكًا[43][44][45][46]. أدرك السلطان محمود الثاني خطورة هذا الفكر على دولته، خاصَّةً إذا كان أصحابه يحكمون الآن مكة والْمَدِينَة، ويخاطبون بهذا الفكر عموم المسلمين القادمين من كافَّة أقطار العالم بما فيها الولايات العثمانية الكثيرة. وبصرف النظر عن هذا الفكر فإن مجرَّد استيلاء قوَّةٍ -أيًّا كانت- على مُدنٍ تحكمها الدولة العثمانية فإن هذا يُعتبر إعلان حربٍ صريحٍ يتطلَّب ردَّ فعلٍ مناسب.
لم يكن للدولة العثمانية قدرةٌ على تفريغ جيوشٍ لدفع السعوديين عن الحجاز، وذلك في ظلِّ انشغالها بحرب روسيا، ومواجهة انتفاضات صربيا، وغيرها من أقطار البلقان، لذا فقد أوكل السلطان محمود الثاني هذه المهمَّة -مضطرًّا فيما أعتقد- لوالي مصر محمد علي باشا، وكان السلطان يخشى من ميول الوالي المصري التوسُّعيَّة، ولكنه كان يخشى بشكلٍ أكبر من توسُّعات الدولة السعودية، وقد حاولت الدولة العثمانية قبل ذلك القضاء على حركة السعوديِّين باستخدام ولاة العراق أو الشام ولكنَّهم فشلوا، فكان اللجوء لقوَّة محمد علي في النهاية[47].
والقصَّة بدأت من زمن السلطان مصطفى الرابع حين أرسل في ديسمبر 1807م فرمانًا إلى محمد علي باشا يأمره باسترداد مكة والْمَدِينَة وقتال السعوديين[48]. بدأ محمد علي في بناء السفن اللازمة لنقل الجنود، والاستعداد لأداء المهمَّة. في غضون هذه الفترة حدثت اضطرابات إسطنبول التي انتهت بإقصاء مصطفى الرابع وولاية محمود الثاني الذي استأنف الطلب من محمد علي باشا بالقضاء على الفتنة في الحجاز ونَجْد[49]. لم تكن الأوضاع مستقرَّةً في مصر؛ حيث كان المماليك يتربَّصون بالوالي وبالدولة العثمانية. -أيضًا- كان محمد علي يشعر بالضيق من سيطرة المشايخ وعلماء الأزهر على الشعب ومحاولاتهم لدفعه أو ثنيه عن قراراتٍ يأخذها، ومِنْ ثَمَّ لم يكن يُحْكِم قبضته على القطر بشكلٍ كامل.
هذا دفعه إلى محاولة التخلص من العلماء والمماليك معًا ليتمكن من قيادة مصر بشكلٍ دكتاتوريٍّ كامل. تخلَّص محمد علي من العلماء عن طريق الإقصاء من الوظائف الكبرى، واختيار الموالين له، وتطلَّب الأمر أن يقوم بنفي بعضهم كما كان الحال مع الشيخ الشهير عمر مكرم[50]. أمَّا المماليك فكان التخلص منهم يتطلب عملًا عسكريًّا وخديعةً في الوقت نفسه، وذلك لقوَّتهم وترسُّخهم في البلد. لهذا قرَّر التخلص من المماليك في عمليَّةٍ واحدةٍ حاسمة، وهي ما عُرِفَ في التاريخ بمذبحة القلعة، وكانت في أول مارس عام 1811م[51]. في هذا اليوم دعا محمد علي باشا رءوس المماليك إلى القلعة لحضور حفل توديع ابنه طوسون باشا الذاهب إلى حملة الحجاز. بمجرَّد دخول المماليك إلى القلعة أغلقت الأبواب واغتيلوا جميعًا، وكان عددهم أربعمائة وسبعين، كما قامت فرقٌ أخرى بمداهمة بيوت الذين لم يحضروا الحفل -في القاهرة وغيرها من المدن- وقتلوهم كذلك[52][53].
يمكن للبعض أن ينظر إلى هذا العمل على أنه غدرٌ غير مقبول، بينما ينظر آخرون إلى الحدث على أنه تخلُّصٌ من مجموعةٍ من الخارجين على الحكم، والمحاربين للدولة، والحرب خدعة. الحقُّ أنَّني ألتمس له العذر لأن المماليك في هذه المرحلة التاريخيَّة -ومنذ أكثر من أربعين سنة- وهم يعيثون في مصر فسادًا، وقد أثقلوا كاهل الناس بالإتاوات، وأعمال البطش والإرهاب، وكانوا أشبه ما يكون بالإنكشارية في إسطنبول والبلقان، ولم تكن هناك وسائل ترضيةٍ لهم؛ فالسلاح لغتهم، والقتل طريقتهم، ولم تكن هناك فرصةٌ لمصر لاستعادة وضعها الإقليمي إلا بالتخلص منهم. إننا في حديثنا هنا لا نتحدَّث عن مماليك قطز، وبيبرس، وقايتباي؛ إنما نتحدَّث عن عصابات مسلحة خارجة عن القانون تُثير الفزع في القطر كلِّه، وتتعاون بسهولةٍ مع أعداء الدولة إذا كان هذا في مصلحتها، ومع ذلك فأنا لا أعذره في إقصاء العلماء، فمشورتهم تضمن له سيرًا على الطريق الصحيح، كما أن تواصلهم مع الشعب من منطلق الحبِّ والصدق أقوى من تواصل الحكام المعتمد على البطش والقوَّة. إن خليطًا من الرهبة من الحاكم، مع الحبِّ للعالِم، يمكن أن يقود الدولة إلى كلِّ خير، أمَّا الاكتفاء بأحدهما فلا يكفي لصلاح الأمر!
بعد التخلص من المماليك توجَّه طوسون باشا بجيشه إلى المدينة المنورة فاستخلصها عنوةً من السعوديين في 2 ديسمبر 1812م، وفي 23 يناير 1813م استخلص مكة كذلك[54]، وبعدها توجَّه إلى الطائف، ولكنَّه حُصِر فيها. وصل الخبر بهذا الحصر إلى محمد علي باشا في مصر، فقاد الجيش بنفسه، وتوجَّه إلى الحجاز، وذلك في صيف 1813م[55]. تعرَّض الجيش المصري لعدَّة خسائر من السعوديين، وإن ظلَّ الموقف سجالًا بين الفريقين[56]، ولكن في 2 مايو 1814م تُوفِّي أمير السعودية سعود بن عبد العزيز[57]، وتولى ابنه عبد الله[58]، وأثَّر ذلك على مقاومة السعوديين، فهدأت أمور القتال نسبيًّا، وأدَّى محمد علي باشا ومن معه فريضة الحج في هذا العام في نوفمبر 1814م (موسم حج 1229 هجرية)[59]. كان المركز الرئيس للسعوديين في الدرعية في وسط نَجْد ما زال في أيديهم، ولكن وصل لمحمد علي باشا حدوث بعض الاضطرابات في القاهرة، وكان قد أمضى ثلاث سنواتٍ في الحجاز ونَجْد، فخشي من تطوُّر الأمر، وعاد إلى مصر مسرعًا في صيف 1815م[60][61] تاركًا لابنه طوسون باشا مهمَّة مداهمة الدرعية.
احتلَّ طوسون باشا مدينة الرس القريبة من الدرعية[62]، ثم جرت بينه وأمير السعودية عبد الله بن سعود مراسلات للتفاوض، وكان الاتفاق المبدئي على أن يحتلَّ طوسون باشا الدرعية، وكذلك يرد السعوديون ما أخذوه من مجوهرات من المسجد النبوي، على أن يهبهم الجيش المصري الأمان[63]. راسل طوسون باشا أباه بذلك، فأخبره بأنه يتوجَّب على الأمير عبد الله بن سعود الذهاب إلى إسطنبول لمقابلة السلطان وإلا سيُرسل له من مصر جيشًا آخر[64][65]. بعد هذا بقليل وصلت الأنباء إلى طوسون باشا بحدوث اضطراباتٍ خطرةٍ في القاهرة تُهدِّد أباه، فاضطرَّ إلى العودة إلى مصر ووصلها في 7 نوفمبر 1815م[66].
في 5 سبتمبر 1816م خرج إبراهيم باشا، الابن الأكبر لمحمد علي باشا، على رأس جيش جديد إلى السعودية. بعد زيارة المدينة المنورة توجه الجيش إلى نَجْد، وقام بعدَّة عمليَّاتٍ عسكريَّةٍ لمدَّة ثمانية عشر شهرًا تقريبًا، احتلَّ فيها عدَّة مدنٍ كالرس، وعنيزة. في 6 أبريل 1818م وصل إبراهيم باشا إلى الدرعية، وبها عبد الله بن سعود ومعظم جيشه[67]. بعد حصارٍ طويل استسلم عبد الله بن سعود في 9 سبتمبر 1818م، على أن يُسَلِّم العثمانيين مدينة الدرعية، وكذلك كل المجوهرات المأخوذة من المسجد النبوي[68][69]، وعلى أن يَمْـثُل الملك عبد الله بن سعود بين يدي السلطان محمود الثاني في إسطنبول[70]. هذا في مقابل تأمين أهل الدرعية ونَجْد بشكلٍ عام[71]. أُرسِل عبد الله بن سعود إلى القاهرة في 16 نوفمبر، ومنها إلى إسطنبول[72].
في إسطنبول حوكم عبد الله بن سعود، وانتهى الأمر بإعدامه سريعًا في ديسمبر 1818م[73]! لا شَكَّ أن عريضة اتِّهامه كانت تشمل أمورًا جسامًا بالنسبة إلى الدولة العثمانية؛ فهذا يشمل التعدِّي على مكة والْمَدِينَة، وسلب محتويات المسجد النبوي، وقتال الدولة العثمانية، ومهاجمة قوافل الدولة التجاريَّة، وقتل المسلمين في مكة والْمَدِينَة أثناء غزوهما، وكذلك قتل المسلمين في النجف وكربلاء، والاستيلاء على النفائس والثروات في الأضرحة هناك، وهدم ضريحي علي بن أبي طالب في النجف، والحسين بن علي ب في كربلاء. نعم هي قائمةٌ طويلة، ومع ذلك فأنا أحسب أن قرار إعدامه لم يكن حكيمًا من السلطان محمود الثاني؛ إذ كان من الأولى احتواؤه لتهدئة غضب أهل نَجْد، وضمان ولائهم للدولة العثمانية. لكن ينبغي أن نأخذ في الاعتبار -أيضًا- الظرف التاريخي الذي جاء فيه عبد الله بن سعود إلى إسطنبول؛ فقد جاء بعد أن انسلخت صربيا من الدولة العثمانية، وكانت هناك بوادر خروج لليونان وألبانيا كذلك، فضلًا عن توتُّرات الشام، واستقلال العراق. أعتقد أن الإعدام العلني لعبد الله بن سعود كان رسالةً موجَّهةً إلى كلِّ الولايات العثمانية بأن هذه الصرامة هي التي سيواجه بها العثمانيون أيَّ تعدٍّ على بلادهم، أو أيَّ محاولاتٍ انفصاليَّةٍ لولايةٍ من الولايات.
بعد هذه الأحداث انتهت الدولة السعودية الأولى، واستقرَّت الأوضاع للعثمانيِّين، أو بالأحرى لمحمد علي باشا، في الجزيرة العربية بشكلٍ مؤقَّتٍ لمدَّة ست سنوات. لم يكن لمصر ولا للدولة العثمانية الطاقة المناسبة التي تسمح لهم بالحفاظ على السيادة في هذه الصحاري الواسعة، ولذلك عادت هذه المناطق بعد عامٍ واحدٍ فقط -أي في عام 1819م- لسيطرة القبائل المختلفة التي تعيش بها[74]. ثم بعد ستِّ سنواتٍ فقط من سقوط الدولة السعودية الأولى -في 1824م- استطاع تركي بن عبد الله حفيد المؤسِّس محمد بن سعود أن يستخلص الرياض من يد الجيش العثماني الذي كان قد تسلَّمها من الجيش المصري[75]، وبالتالي أسَّس الدولة السعودية الثانية[76]، التي تُعْرَف -أيضًا- بإمارة نَجْد، ولم يكن لها احتكاكاتٌ بالدولة العثمانية إذ كانت تتواجد في نَجْد والمنطقة الشرقيَّة فقط، وقد استمرَّت إلى عام 1891م[77].[78].
[1] أبو داود: كتاب الطب، باب في الرجل يتداوى (3855) عن أسامة بن شريك t، والترمذي (2038)، وقال: حديث حسن، وابن ماجه (3436)، وأحمد (18477)، والحاكم (8206)، وقال: حديث صحيح. ووافقه الذهبي، والبخاري في الأدب المفرد (291)، وقال الألباني: صحيح. انظر: صحيح الجامع (2930).
[2] فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق: إحسان حقي، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ=1981م. صفحة 398.
[3] Georgeon, François: Ottomans and Drinkers: the Consumption of Alcohol in Istanbul in the Nineteenth Century, In: Rogan, Eugene L.: Outside In: Marginality in the Modern Middle East, I.B.Tauris, London, UK, 2002., p. 15.
[4] Burns, Ross: Damascus: A History, Routledge, New York, USA, 2007, p. 247.
[5] بكديللي، كمال: الدولة العثمانية من معاهدة قينارجه الصغرى حتى الانهيار، ضمن كتاب: إحسان أوغلي، أكمل الدين: الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، ترجمة: صالح سعداوي، مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، إستانبول، 1999م. صفحة 1/88.
[6] مانتران، روبير: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: بشير السباعي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، باريس، الطبعة الأولى، 1993م (د). الصفحات 2/29، 30.
[7] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، 1988 صفحة 1/665.
[8] سرهنك، إسماعيل: حقائق الأخبار عن دول البحار، المطابع الأميرية، بولاق، مصر، الطبعة الأولى، 1312هـ=1895م. الصفحات 1/660، 661.
[9] أوزتونا، 1988 صفحة 1/665.
[10] فريد، 1981 صفحة 399.
[11] Somel, Selçuk Akşin: The A to Z of the Ottoman Empire, the Scarecrow press, Lanham, MD, USA, 2010., p. lviii.
[12] أوزتونا، 1988 صفحة 1/666.
[13] Somel, 2010, p. lviii.
[14] فريد، 1981 صفحة 399.
[15] أوزتونا، 1988 صفحة 1/667.
[16] بكديللي، 1999 صفحة 1/89.
[17] فريد، 1981 صفحة 400.
[18] زاده، محمد عطاء الله شاني: شاني زاده تاريخي، مطبعة سي، إستانبول، 1290هـ=1873م.1/80.
[19] أوزتونا، 1988 صفحة 1/667.
[20] آق كوندز، أحمد؛ وأوزتورك، سعيد: الدولة العثمانية المجهولة، وقف البحوث العثمانية، إسطنبول، 2008م. صفحة 384.
[21] Tucker, Spencer C.: A Global Chronology of Conflict: From the Ancient World to the Modern Middle East, ABC-CLIO, Santa Barbara, California, USA, 2010., vol. 3, p. 1070.
[22] فريد، 1981 صفحة 400.
[23] ييلافيتش، تشارلز؛ وييلافيتش، بربارا: تفكيك أوروبا العثمانية (إنشاء دول البلقان القومية) 1804 – 1920، إشراف: بيتر شوجر، دونالد تريد جولد، ترجمة: عاصم الدسوقي، دار العالم الثالث، القاهرة، 2007م. صفحة 46.
[24] Hötte, Hans H.A.: Atlas of Southeast Europe: Geopolitics and History, Brill, Leiden, Netherlands: 1699-1815, Edited by: Béla Vilmos Mihalik, vol. 2, p. 11.
[25] ييلافيتش، وييلافيتش، 2007 صفحة 48.
[26] Robarts, Andrew: Russo-Ottoman Wars (1787–1878), In: Ágoston, Gábor & Masters, Bruce Alan: Encyclopedia of the Ottoman Empire, Infobase Publishing, New York, USA, 2009., p. 496.
[27] سرهنك، 1895 صفحة 1/664.
[28] كولن، صالح: سلاطين الدولة العثمانية، ترجمة: منى جمال الدين، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1435هـ=2014م. صفحة 278.
[29] ييلافيتش، وييلافيتش، 2007 صفحة 34.
[30] Henze, Paul B.: Circassian Resistance to Russia, In: Avtorkhanov, Abdurahman: The North Caucasus Barrier: The Russian Advance Towards the Muslim World, C. Hurst & Co. Publishers, London, UK, 1992., p. 74.
[31] Ćirković, Sima M.: The Serbs, Translated: Vuk Tošić, Malden Blackwell Publishing, Malden, Massachusetts, USA, 2004., p. 182.
[32] ييلافيتش، وييلافيتش، 2007 صفحة 48.
[33] Leggiere, Michael V.: The Fall of Napoleon: The Allied Invasion of France, 1813-1814, Volume 1, Cambridge University Press, New York, USA, 2007., vol. 1, p. 4.
[34] فريد، 1981 صفحة 401.
[35] أوزتونا، 1988 صفحة 1/655.
[36] موفاكو، محمد: تاريخ بلغراد الإسلامية، مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع، الكويت، الطبعة الأولى، 1407هـ=1987م. صفحة 81.
[37] Hall, Richard C.: The Modern Balkans: A History, Reaktion Books, London, UK, 2011 (A).p. 53.
[38] Hötte, 2017, vol. 2, p. 52.
[39] بكديللي، 1999 صفحة 1/91.
[40] مانتران، 1993 (د) صفحة 2/35.
[41] بكديللي، 1999 صفحة 1/91.
[42] Hall, 2011 (A), p. 54.
[43] علماء نجد الأعلام: الدرر السنية في الأجوبة النجدية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الطبعة السادسة، 1417هـ=1996م. صفحة 12/397.
[44] عبد الوهاب، عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد: عيون الرسائل والأجوبة على المسائل، تحقيق: حسين محمد بوا، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، (دون سنة طبع). الصفحات 1/210–216، 220–236.
[45] عتيق، حمد بن علي: هداية الطريق من رسائل وفتاوى الشيخ حمد بن علي بن عتيق، جمع وترتيب: إسماعيل بن سعد بن عتيق، الطبعة الرابعة، (دون سنة طبع).الصفحات 21، 22، 87–99، 207–210.
[46] فريد، 1981 الصفحات 404-406.
[47] غازي، علي عفيفي علي: الجزيرة العربية والعراق في استراتيجية محمد علي، دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 2016م. صفحة 8.
[48] Sirriyeh, Elizabeth: Wahhabis, Unbelievers and the Problems of Exclusivism, British Journal of Middle Eastern Studies, Bulletin (British Society for Middle Eastern Studies), No. 2, Vol. 16, 1989., pp. 123-132.
[49] غازي، 2016 صفحة 8.
[50] الرافعي، عبد الرحمن: عصر محمد علي، دار المعارف، القاهرة، الطبعة السادسة، 2001م. صفحة 96.
[51] جوان، إدوارد: مصر في القرن التاسع عشر، تعريب: محمد مسعود، القاهرة، الطبعة الأولى، 1340هـ=1921م. صفحة 418.
[52]الجبرتي، عبد الرحمن بن حسن: تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، دار الجيل، بيروت، (دون سنة طبع). الصفحات 3/319–329.
[53] بدوي، جمال: محمد علي وأولاده، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1999م.الصفحات 63–72.
[54] Somel, 2010, p. lviii.
[55] فريد، 2005 الصفحات 57، 58.
[56] Wynbrandt, James: A Brief History of Saudi Arabia, Infobase Publishing, New York, USA, 2004., p. 141.
[57] الريحاني، أمين: تاريخ نجد الحديث وملحقاته، المطبعة العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1928م.صفحة 61.
[58] الريكي، حسن بن جمال بن أحمد: لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب، درسه وحققه وعلق عليه: عبد الله الصالح العثيمين، دارة الملك عبد العزيز، الرياض، 1426هـ=2005م.198، 199.
[59] فريد، 1981 صفحة 408.
[60] الريحاني، 1928 صفحة 69.
[61] الرافعي، 2001 صفحة 138.
[62] الريحاني، 1928 صفحة 70.
[63] جوان، 1921 الصفحات 496، 497.
[64] سرهنك، 1895 صفحة 1/666.
[65] فريد، 1981 صفحة 408.
[66] بوركهارت، جون لويس: ملاحظات عن البدو والوهابيين جرى جمعها خلال التجوال في الشرق، مراجعة: محمد صابر عرب، ترجمة وتقديم: صبري محمد حسن، المركز القومي للترجمة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2007م.صفحة 2/205.
[67] فريد، 1981 الصفحات 408، 409.
[68] بروكلمان، كارل: تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة: نبيه أمين فارس، منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الخامسة، 1968م. صفحة 556.
[69] سرهنك، 1895 صفحة 1/666.
[70] بشر، عثمان بن عبد الله: عنوان المجد في تاريخ نجد، حققه وعلق عليه: عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ، مطبوعات دارة الملك عبد العزيز، الرياض، الطبعة الرابعة، 1402هـ=1982م. صفحة 1/417.
[71] لوريمر، ج . ج.: دليل الخليج، قسم الترجمة–مكتب أمير دولة قطر، قطر، (دون سنة طبع). صفحة (القسم التاريخي) 3/1624.
[72] فريد، 1981 صفحة 409.
[73] إسماعيل، محمد صادق محمد: دور المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي، المنهل، 2010م.صفحة 19.
[74] Champion, Daryl: The Paradoxical Kingdom: Saudi Arabia and the Momentum of Reform, C. Hurst & Co. Publisher, London, UK, 2003, p. 28.
[75] الريحاني، 1928 صفحة 76.
[76] ولينكسون، جون . س .: حدود الجزيرة العربية (قصة الدور البريطاني في رسم الحدود عبر الصحراء)، ترجمة: مجدي عبد الكريم، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1415هـ=1994م.صفحة 24.
[77] إسماعيل، 2010 صفحة 20.
[78] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 2/ 972- 996.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك